عدن - أكد مسؤولون دوليون ومحليون أن تمديد الهدنة الإنسانية في اليمن للمرة الثالثة سيخفف من وطأة الحرب على المواطنين العاديين، بما في ذلك النازحين.
وأوضحوا أن الهدنة ستمهد الطريق لتعزيز الثقة بين الأطراف المتحاربة وستدفع باتجاه تحقيق وقف إطلاق نار شامل ووقف الحرب.
وكشف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانز غروندبرغ أنه كثف اتصالاته مع جميع الأطراف لدعم تنفيذ الهدنة والبحث في إمكانيات تمديدها إلى ما بعد 2 آب/أغسطس.
وقال غروندبرغ في بيان صدر في 21 تموز/يوليو إن "تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها سيزيدان من الفوائد التي تعود على الشعب اليمني".
ودخلت الهدنة الإنسانية الأولى حيز التنفيذ في 2 نيسان/أبريل، وتم تمديدها في 2 حزيران/يونيو لشهرين إضافيين.
ويسعى مبعوث الأمم المتحدة إلى تمديدها مدة 6 أشهر أخرى، اعتبارا من 2 آب/أغسطس.
وقال إن تمديد وقف إطلاق النار "سيوفر منصة لبناء مزيد من الثقة بين الأطراف والبدء في نقاشات جادة" حول الأولويات الاقتصادية والأمنية.
وتابع غروندبرغ أن "الهدف في نهاية المطاف هو المضي قدما نحو تسوية سياسية تنهي النزاع بشكل شامل".
وأضاف أن الهدنة صمدت إلى حد كبير لنحو 4 أشهر، وهي أطول فترة هدوء نسبي منذ أكثر من 7 سنوات.
وأسفرت الهدنة عن انخفاض كبير في عدد الضحايا المدنيين.
تحديات لا تزال قائمة
ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من التحديات التي تواجه تنفيذ الهدنة واستمرارها.
وإن أبرز هذه التحديات هو الخلاف على الإغلاق المستمر منذ وقت طويل للطرق التي تربط مدينة تعز الخاضعة لحصار الحوثيين ببقية أنحاء البلاد.
وشكّل إجراء محادثات بشأن تعز أحد بنود الهدنة بين الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، ما تزال الطرق مغلقة وأصبحت عمليات الإغلاق المستمرة حافزا لتظاهرات شبه يومية ضد الجماعة.
وأفادت صحيفة واشنطن بوست أنه بحسب الأمم المتحدة ومنظمة مواطنة الحقوقية، أدى قصف الحوثيين يوم الأحد، 24 تموز/يوليو، لحي في تعز إلى مقتل فتى واحد على الأقل وإصابة 11 طفلا آخرين، معظمهم دون الـ 10 من العمر.
وأثار الحادث مخاوف إضافية بشأن جدوى الهدنة، وانعكس ذلك في احتجاج بعض المتظاهرين الموالين للحكومة يوم الثلاثاء أيضا على التمديد على أساس أنه لا يمكن الوثوق بالحوثيين، بحسب تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط.
وأوردت الصحيفة أن المحتجين قالوا في بيان إن الحوثيين "لا يؤمنون بالسلام ولا يفون بتعهداتهم".
وأشار مسؤولون ومحللون إلى أن الحوثيين يستغلون الهدنة في اليمن لتكثيف جهودهم في التجنيد والتعبئة، علما أنهم أعلنوا مؤخرا عن تخريج أكثر من 5000 مقاتل.
وقال غروندبرغ "لن نتوقف عن سعينا وبذل الجهود لتقريب وجهات النظر بين الأطراف للتوصل إلى اتفاق لفتح طرق رئيسية بشكل مستدام وآمن في تعز ومحافظات أخرى".
وأكد أن "هذه ستكون أولوية الفترة الحالية للهدنة وأي تمديد لها في المستقبل".
وأضاف غروندبرغ أن الشعب اليمني والمجتمع الدولي يريدون ويتطلعون إلى تنفيذ الهدنة وتجديدها وتعزيزها بشكل كامل.
دعم الهدنة
وفي 20 تموز/يوليو، عقد مجلس القيادة الرئاسي الجديد في اليمن اجتماعا لتقييم فعالية الهدنة الإنسانية.
وأعاد المجلس التأكيد على حرص الحكومة اليمنية على دعم مساعي مبعوث الأمم المتحدة والمساعي الإقليمية والدولية كافة من أجل إحلال السلام والاستقرار في اليمن، مشيرا في الوقت عينه إلى الخروقات الواسعة التي يرتكبها الحوثيون المدعومون من إيران.
إلى هذا، جدد المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ دعم بلاده لجهود السلام في اليمن، وذلك خلال اجتماع عقد في مطلع الأسبوع الجاري مع جروندبرغ في العاصمة الأردنية عمّان.
وأعلن التحالف العربي أيضا دعمه تمديد الهدنة وموافقته على الإجراءات التي تساعد على تثبيتها، مؤكدا توقف الغارات الجوية منذ سريان الهدنة.
وفي هذا السياق، ذكر وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان نبيل عبدالحفيظ، إن مجلس القيادة الرئاسي أعلن أنه "مع أي هدنة يكون توجهها الأساسي إثبات حسن النوايا من أجل سلام عادل ودائم".
وقال للمشارق "نحن الآن على أعتاب نهاية الهدنة الإنسانية الثانية وما حدث خلال الهدنتين لا يعطي مؤشرات إيجابية من جانب الحوثي".
ومن جانبه، اعتبر سالم محمد الذي يعمل في منظمة يمن الخير بمحافظة الجوف، أن الهدنة أصبحت ضرورة من أجل تجنب سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، مشيرا إلى أن الحرب خلفت آلاف القتلى والجرحى خلال السنوات السبعة الماضية.
وأوضح للمشارق أنه بسبب نقص التمويل، بدأت منظمة الخير في تقليص حجم المساعدات المقدمة لمخيمات النازحين في الجوف، علما أن هؤلاء هربوا إليها من محافظات حجة وصعدة ومأرب والحديدة.
وأضاف أن الدعم المقدم للنازحين يشمل السلال الغذائية والملابس والخيم والفراش، إلى جانب الدعم النقدي.
وأكد محمد أن وضع النازحين يتفاقم بصورة متواصلة نتيجة تراجع المساعدات وطول أمد الحرب والنزوح، قائلا إن "المأساة الإنسانية ستتضاعف عما عليه الآن إذا استمرت هذه الحالة".
الأثر الإنساني
وذكر محمد أنه من المهم جدا لمستقبل اليمن أن يمارس المجتمع الدولي الضغط على الحوثيين للالتزام ببنود الهدنة.
وتابع أنه من الضروري أيضا تشجيع الجهات المانحة على توفير الاحتياجات الأساسية للسكان النازحين في البلاد، لا سيما للفئات الضعيفة والأكثر تضررا من استمرار الحرب.
كذلك، شدد الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت على أهمية تمديد الهدنة، قائلا للمشارق إن من شأنه أن يخفف الأعباء عن كاهل المواطنين.
وأضاف أن "بيانات المبعوث الأممي أكدت دخول 26 سفينة مشتقات نفطية خلال فترة الهدنة المحددة بـ 4 أشهر، بينما خلال العام الماضي لم تدخل سوى 23 سفينة مماثلة [إلى الموانئ اليمنية]".
وأوضح أن "هذا يعكس أهمية تمديد الهدنة في توفير هذه المشتقات وانخفاض أسعارها وهو ما ينعكس إيجابا على المواطنين".
وأشار إلى أن الحوثيين فتحوا من جانب واحد بعض طرق تعز الرئيسة، وذلك في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت رفضا للحصار الذي يفرضونه على المدينة.
وقال إنهم "أعلنوا عن فتح طريق فرعي هو الـ 50-60 بغرض عسكري للسيطرة على المعسكرات القريبة من هذا الطريق"، وهذا يعكس رفض الحوثي فتح الطرقات الأخرى.
ودعا الأمم المتحدة إلى حث الحوثيين على "الالتزام بتمديد الهدنة وفتح طرق تعز وبقية المحافظات لتخفيف الأعباء والمعاناة على المواطنين".