عدن -- توقفت محطات الوقود في صنعاء ومناطق يمنية أخرى خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران، بصورة مفاجئة عن بيع البنزين وقوارير غاز الطبخ وغيرها من المنتجات النفطية حتى في ظل استمرار وقف إطلاق النار، حسبما ذكر سكان محليون.
وقال الحوثيون يوم الأربعاء، 18 أيار/مايو، إنهم يبحثون في مسألة تمديد الهدنة المتفق عليها مع الحكومة برعاية الأمم المتحدة، والتي أصبحت سارية في 2 نيسان/أبريل وينتهي سريانها في 2 حزيران/يونيو، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولكن سكان بالمناطق الخاضعة للجماعة ذكروا أنهم لا يزالون يخشون من عودة أزمة نقص الغاز والوقود التي عانوا منها طوال 4 أشهر قبل سريان الهدنة. واتهموا الحوثيين بالتلاعب بسوق المشتقات النفطية.
وخلال الهدنة الممتدة لشهرين، سيسمح لنحو 18 ناقلة تحمل مشتقات نفطية بدخول ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر.
ولكن رغم تدفق الإمدادات الإضافية، أغلقت محطات الوقود وغيرها من الشركات التي تبيع المنتجات النفطية أبوابها في 10 أيار/مايو، مما يشير إلى وجود عوامل أخرى مؤثرة.
نقص الإمدادات ليس المشكلة الحقيقية
وقال إبراهيم زايد الذي يعمل في القطاع الخاص بصنعاء إن حالة من الهلع انتابت المواطنين لدى سماعهم خبر أزمة الوقود الأخيرة.
وأوضح للمشارق أن البعض سارعوا للبحث عن البنزين.
وتابع أن البعض الآخر توجهوا بسياراتهم إلى محطات الوقود والتحقوا بالطوابير الطويلة، في حين حاول غيرهم شراء البنزين في السوق السوداء خوفا من ارتفاع شديد بالأسعار.
وفي هذا السياق، قال علي أحمد الذي يملك حافلة نقل صغيرة إنه عند مروره بجانب إحدى المحطات التي أغلقت أبوابها امتنع عن نقل الركاب، "وهو حال كثير من أصحاب الباصات حتى تتضح الرؤية عن وجود المشتقات".
وذكر أن السائقين توقفوا عن نقل الركاب إلى حين تحديد سعر الوقود في السوق السوداء، إذ أن ذلك يحدد الارتفاع في تعريفة النقل.
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن "النفط هو سلعة رئيسية تحدث تأثيرات بشكل عام فتتسبب في ارتفاع أسعار السلع عموما بسبب ارتفاع أجرة النقل".
وتابع أنه "يؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار السلع الزراعية التي تحتاج الديزل من أجل عملية الري"، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار المشتقات أو اختفاءها "يفاقم الوضع المعيشي في اليمن".
ومن جانبه، اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الارياني جماعة الحوثي بافتعال أزمة جديدة للمشتقات النفطية في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها عبر التلاعب بأسعارها.
ولفت إلى أن 10 ناقلات نفط تحمل 268911 طنا متريا من مشتقات النفط أفرغت حمولتها في الحديدة بين 1 نيسان/أبريل و8 أيار/مايو، بالإضافة إلى ناقلتين كانتا محملتين بـ 60 ألف طن متري من الديزل.
وقال إن هذه الكمية ستفوق الحاجة الإجمالية لهذه المنتجات في مناطق سيطرة الحوثي لفترة 3 أشهر، مما يشير إلى أن نقص الإمدادات لا يشكل المشكلة الحقيقية.
تعامل بالسوق السوداء
وبدوره، قال وزير الخارجية اليمنية أحمد بن مبارك إنه من خلال "الانتقائية" في التعامل مع الهدنة، أثبت الحوثيون أن أولويتهم هي تحصيل الأموال لجيوبهم الخاصة.
وذكر أن جماعة الحوثي جنت نحو 90 مليار ريال يمني (360 مليون دولار) من المشتقات النفطية التي باعتها في السوق السوداء منذ بدء سريان الهدنة في مطلع نيسان/أبريل.
وقال الخبير الاقتصادي فارس النجار إن الجماعة قد اختلقت أزمات مشتقات بين الحين والآخر "لأهداف واضحة منها تعطيل جهود السلام".
وفي الإطار نفسه، قال سكان محليون للمشارق آنذاك إن محطات الوقود في صنعاء ومناطق يمنية أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين شهدت نقصا في المحروقات في العام 2019 في حين توفرت هذه الأخيرة بوفرة في السوق السوداء.
وعام 2018، أجبر سكان المناطق الخاضعة للحوثيين على استخدام الحطب والوقود البديل للطبخ بسبب نقص حاد في غاز الطبخ.
وعزوا نقص قوارير الغاز إلى سوء الإدارة وسط تقارير انتشرت على نطاق واسع وأفادت أن الحوثيين منعوا دخول ناقلات الغاز إلى المحافظات الخاضعة لهم.
وأكد النجار أن جماعة الحوثي تختلق أزمة الوقود الحالية لأنها تستفيد إلى حد كبير من الأموال التي تجنيها من خلال بيع الوقود في السوق السوداء.
وتابع أن "إيران متورطة بتهريب الوقود والسلاح للحوثيين ولا تريد لجهود السلام أن تنجح في اليمن. فهي تستخدم الحوثيين كورقة ابتزاز تساوم بها وهذا ضاعف معاناة المواطنين".