عدن -- تحول الإقفال المطول للطرقات التي تربط مدينة تعز اليمنية الخاضعة لحصار الحوثيين بباقي البلاد إلى حافز للتظاهرات المنظمة بشكل شبه يومي ضد الجماعة.
وكان إجراء المحادثات أحد شروط الهدنة بين الطرفين المتناحرين أي الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة الشرعية. وتسري الهدنة منذ 2 نيسان/أبريل وقد مددت لفترة شهرين إضافيين في 2 حزيران/يونيو.
ولكن لا تزال الطرقات مقفلة.
وفي مطلع الشهر الجاري، رفض الحوثيون طرحا قدمه مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ بإعادة فتح الطرقات المؤدية إلى تعز.
وكان من المقرر أن يصل غروندبرغ إلى الرياض يوم الاثنين، 27 حزيران/يونيو، لبحث المسألة مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط.
هذا وأدت الهدنة إلى بعض التغييرات الإيجابية، ومهد المنتدى الدولي لليمن الذي اختتمت أعماله مؤخرا الطريق لبعض الحوارات البناءة بشأن التحديات الاقتصادية والأمنية وجهود إحلال السلام.
ولكن القوات اليمنية تحذر من أن الحوثيين يعملون على إرسال التعزيزات إلى بعض المناطق، ما يثير مخاوف من احتمال تجدد الصراع.
وفي كتاب وجه بتاريخ 24 أيار/مايو إلى المسؤولين في الحكومة اليمنية ووفود الحوثيين، وصف المذيع في قناة اليمن التلفزيونية صدام حسن حجم المعاناة التي يتسبب بها إقفال الطرقات بين المحافظات.
وطالب حسن بوضع حد للحرب التي تدوم منذ 7 سنوات، والتي قال إنها سببت "البؤس والحرمان والحسرة والوجع" خاصة لأبناء المناطق المحاصرة الواقعة على امتداد الطرقات في محافظات تعز والحديدة ومأرب والبيضاء.
وفي كتابه، أشار حسن إلى "الآثار الكارثية على الناس نفسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا"، مستشهدا بمعاناة المرضى والحوامل وكبار السن وكل من تقطعت بهم السبل.
وذكر حسن أنه لم يتمكن من زيارة أهله في منطقة حيس بمحافظة الحديدة إلا مؤخرا بعد أكثر من 7 سنوات.
وقال "عجزت خلال هذه الفترة عن رؤية عمي وبعض أهلي الذين انتقلوا إلى رحمة الله".
وأضاف أنه حرم من مشاركة أهله أفراحهم، ولكنه شدد على أن "هذا ليس حالي فقط، بل حال عشرات الآلاف من اليمنيين".
احتجاجات يومية في تعز
وبدوره، قال الموظف الحكومي عبدالرقيب الشرجبي إن "الطرق التي كان يقطعها أبناء تعز خلال 10 دقائق باتت تتعدى 8 ساعات لقطعها وبكلفة تصل إلى 10 آلاف ريال يمني (40 دولارا) بدلا من 100 ريال (0.40 دولار)".
وأضاف الشرجبي للمشارق أن "الوصول إلى وسط مدينة تعز من المناطق المجاورة لها بات يتطلب اتخاذ طرق جبلية وملتفة وخطيرة. وكانت هذه المناطق سابقا على مرمى العين".
وأشار أيضا إلى المخاطر الأمنية الإضافية التي يواجهها المسافرون اليوم، قائلا إن الآلاف اعتقلوا عند نقاط التفتيش المدارة من قبل الحوثيين.
هذا وتشهد تعز احتجاجات شبه يومية، مع تجمع المواطنين للاحتجاج على استمرار إغلاق الطرقات رغم تمديد الهدنة.
وندد المتظاهرون أيضا بالظروف المعيشية في المدينة وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين.
حيث تجمع مئات المتظاهرين في ساحة الحرية في تعز يوم 17 حزيران/يونيو، رافعين لافتات تطالب الحوثيين بكسر الحصار.
فيما احتشد جمع غفير من المواطنين في عقبة منيف بمنطقة جولة القصر بتعز لمطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالمساعدة في وضع حد للحصار وإغاثة المنكوبين.
عقوبة جماعية
من جانبه، قال المواطن فائد عبدالباري الذي يعمل في محل لبيع الملابس بصنعاء، إنه لم تعد لديه رغبة في زيارة عائلته في مديرية شرعب بسبب المخاطر التي يتعرض لها المسافرون.
وأضاف أنه مشتاق لرؤية والديه المنقطع عن زيارتهما منذ 7 سنوات ويتمنى إعادة فتح الطرقات قريبا.
وقال "أخشى حدوث أي مكروه لهما لا سمح الله قبل أن يتسنى لي رؤيتهما".
وبحسب الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت، تحتضن تعز أكبر مخزون بشري في اليمن إذ تضم أكثر من 4 ملايين نسمة.
وتابع "وبالتالي محاصرتهم لمدة 7 سنوات وتضييق الخناق عليهم يعد بمثابة عقوبة جماعية في ظل نقص المواد التموينية".
وأوضح "إذا وصلت الإمدادات، تكون عبر طرق جبلية وشاقة وبكلفة أعلى، مما يزيد من المعاناة الاقتصادية".
وأضاف ثابت أن الحواجز ونقاط التفتيش على مداخل تعز تحول دون وصول الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية للمواطنين والمرضى الذين يتعذر نقلهم إلى خارج المدينة.
وأشار إلى أنه في هذه الأثناء، "يعد الانتقال إلى محافظة أخرى أمرا بغاية الصعوبة بسبب انتشار النقاط الأمنية والاستهداف بالقنص أو بالألغام أو غيرها من المتفجرات التي زرعتها ميليشيا [الحوثي] في الطرقات وبين المنازل".
تعريض الهدنة للخطر
وفي هذا السياق، قال فيصل المجيدي وكيل وزارة العدل إن الحكومة الشرعية اليمنية قدمت تنازلات من أجل تطبيق الهدنة الإنسانية وتخفيف معاناة اليمنيين.
وأضاف أن "الكرة بالتالي هي الآن في ملعب الحوثيين. ولكن رفض الحوثيين فتح الطرقات يهدد بتدمير الهدنة ككل".
وقال إن "الحكومة لا توجد لديها أية تحفظات. نريد الهدنة من أجل سلام عادل، لا هدنة من أجل التجهيز للحرب".
ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي عبدالحفيظ النهاري أن الوفد الحوثي لم يعد فتح الطرقات لأن القرار ليس بيده.
وتابع أن القرار هو فعلي بيد الجهة الراعية للحوثيين، أي إيران.
ودعا النهاري مجلس الأمن في الأمم المتحدة لحث الحوثيين على إعادة فتح الطرقات المؤدية إلى تعز والطرقات في بعض المناطق الأخرى، إلى جانب تطبيق اتفاق الهدنة كمدخل لاتفاق سلام يوقف الحرب.