عدن - أكد مسؤولون وناشطون حقوقيون أنه لإعادة إحلال السلام في اليمن وإنهاء معاناة المواطنين، لا بد من توحيد جهود الحكومة المنقسمة حاليا إلى طرفين بين عدن وصنعاء.
ومن الأمثلة التي تعكس التحدي المتمثل بوجود مركزين للقوة، تأجيل أول رحلة تجارية تنطلق منذ 6 سنوات من صنعاء الخاضعة للحوثيين، إلى أجل غير مسمى في 24 أبريل/نيسان، ما أدى إلى تقطع السبل بالركاب الذين كانوا يسافرون للحصول على الرعاية الطبية.
وأعلنت شركة الخطوط الجوية اليمنية أنها لم تتلق من التحالف العربي تصريحا بالطيران، فيما ألقت الحكومة اليمنية في عدن والمعترف بها دوليا مسؤولية التأجيل على الحوثيين المدعومين من إيران.
وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانز غروندبرغ عن قلقه، داعيا الأطراف المتحاربة إلى العمل مع مكتبه "لإيجاد حل يسمح باستئناف الرحلات الجوية كما كان مخططا له"، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال إن هدنة الشهرين القابلة للتجديد والتي دخلت حيز التنفيذ في 2 نيسان/أبريل، "تهدف إلى إفادة المدنيين عبر الحد من أعمال العنف وتأمين توفر الوقود وتحسين حريتهم في التنقل من وإلى وداخل بلادهم إلى جانب فوائد أخرى".
ونصت بنود الهدنة على فتح مطار صنعاء وتشغيل رحلتين أسبوعيا، إضافة إلى فتح المنافذ في محافظة تعز.
وقال وزير الإعلام معمر الأرياني إنه تم إلغاء الرحلة لأن الحوثيين أصروا على أن يُسمح للمسافرين الذين يحملون جوازات سفر صادرة من مناطق سيطرتهم، بالصعود على متن الرحلة.
وكان من المقرر أن تقلع الرحلة من عدن وتتوقف في صنعاء لنقل ركاب إلى العاصمة الأردنية عمّان لحاجتهم إلى العلاج الطبي.
وأضاف الأرياني أن موافقة حكومة عدن على تسيير الرحلات من صنعاء كانت مشروطة باستخدام المسافرين جوازات سفر صادرة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وعلل ذلك بالمخاوف من تهريب قادة الحوثيين أو عناصر من حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني من اليمن على متن هذه الرحلات.
تعاون ضروري بين عدن وصنعاء
ومن جهته، قال المحلل السياسي فيصل أحمد للمشارق، إن الحكومة ومقرها عدن "تعتبر إصدار الجوازات من الأمور السيادية".
ولكنه أشار إلى أن العالقين بين الطرفين هم المرضى من المدنيين اليمنيين الذين ينتظرون مغادرة البلاد لتلقي العلاج، وبعضهم من كبار السن أو من يعانون من الألم.
وأكد أحمد أن إصرار عدن على الامتثال لشروطها وما يقابله من إصرار من صنعاء على فرض شروطها الخاصة هي الأخرى، "ساهم في تعثر الخطوات التي تدعم جهود السلام".
وأضاف أن هذا العناد الدائم عند الطرفين هو الذي أدى إلى "فشل تسيير أول رحلة جوية من مطار صنعاء وتعطل فتح منافذ محافظة تعز".
وحذر من تفاقم معاناة المدنيين بسبب انقسام الوزارات وتبعيتها لحكومة في صنعاء وأخرى في عدن.
وأشار أحمد إلى أنه كان الأجدى بالحكومتين "إيجاد البدائل المناسبة المؤقتة لتخفيف معاناة المواطنين، والتي تمهد لإيجاد السلام ووقف الحرب".
وتابع أنه في نهاية المطاف، سيتطلب ذلك تشكيل "حكومة واحدة ترعى مصالح المواطنين".
وبحسب اللجنة الطبية العليا للإغاثة في صنعاء، وصل عدد المرضى المسجلين للسفر من مطار صنعاء إلى 35 ألفا، ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد.
وأردف أن هذا الواقع "يجعل مسؤولية الحكومتين أكبر تجاه هؤلاء المواطنين باتجاه وقف الحرب وإحلال السلام".
معاناة الشعب اليمني
وفي الإطار نفسه، أوضح المحلل السياسي عادل الشجاع أن الأسباب التي تحول دون تحقيق السلام في اليمن تعود إلى "كون القوى السياسية جميعها قد رهنت اليمن للخارج وتعيش حالة من التبعية".
وأضاف أنه لا يوجد طرف حتى الآن يحمل مشروعا وطنيا أو أعلن انتماءه لليمن وليس لجهات خارجية.
وأشار إلى حالة الانقسام في اليمن، مع وجود حكومة في صنعاء وأخرى في عدن.
وقال إن "انقسام الوزارات بين حكومتين في صنعاء وعدن هو نتاج للتبعية لدول في الإقليم".
وأشار إلى أن "قرار حكومة صنعاء مرهون بيد إيران، وقرار حكومة عدن مرهون بيد السعودية والإمارات أو التحالف العربي".
وأردف الشجاع أن هذه الأطراف أصبحت عائقا لدى المواطن، إذ أن تعدد الوزارات وانقسامها بين صنعاء وعدن "تجعل كل طرف يسعى للسيطرة وفرض الشروط على الطرف الآخر".
ولفت إلى أنه في هذه الأثناء، يتحمل شعب اليمن تبعات هذه الممارسات.
يُذكر أنه تم إكمال مبادرة لاحقة للتحالف العربي بالإفراج عن 163 سجينا حوثيا يوم الجمعة، 6 أيار/مايو، وذلك في إطار جهود إنهاء الحرب المستمرة منذ 7 سنوات.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أنه تم نقل السجناء جوا إلى صنعاء وعدن بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
بنكان مركزيان
وبدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت أن الانقسام المالي يشكل عائق آخر أمام إحلال السلام.
وقال إن "انقسام البنك المركزي إلى بنكين واحد في عدن... وآخر في صنعاء...، أدى إلى وقف رواتب موظفي القطاع العام".
وأوضح أن أكثر من مليون موظف بالقطاع العام تأثروا بهذا الواقع الذي أدى أيضا إلى "تغيير السياسة الاقتصادية والتعامل التجاري، ما تسبب باختلال مالي واقتصادي".
وأشار إلى أن تأثير ذلك يشاهد في التفاوت الكبير بسعر صرف الريال بين عدن وصنعاء، واختلاف أسعار السلع في المدينتين.
ودعا ثابت إلى "توحيد البنك كخطوة لتوحيد الأدوات الاقتصادية وصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ 5 سنوات".
وأكد أن هذه خطوة مهمة من شأنها أن "تخفف من معاناة المواطنين وتسهل عملية الاندماج الاقتصادي كمدخل لعودة السلام ووقف الحرب".