تحليل

الحرس الثوري يقحم نفسه في الاقتصاد والسياسة ويستنزف موارد إيران

فريق عمل المشارق

المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة في قاعدة للحرس الثوري الإيراني في طهران في 2019. [وكالة تسنيم]

المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة في قاعدة للحرس الثوري الإيراني في طهران في 2019. [وكالة تسنيم]

منذ أكثر من 25 عاما، بدأ الحرس الثوري الإيراني باستغلال موارد إيران عبر إقحام نفسه بالقوة في مختلف قطاعات الاقتصاد.

وقال مراقبون إنه استولى شيئا فشئيا على عقود ورسخ وجوده في اقتصاد إيران لدرجة أن الشركات لم تعد قادرة على العمل دون أن تكون مدينة له.

وذكروا أن موازنة السنة المالية الجديدة، والتي سيتم تطبيقها في 21 آذار/مارس، هي خير دليل على كيفية حصول الحرس الثوري الإيراني على حصة كبيرة من موارد إيران على حساب شعبها.

ففي مشروع موازنة 2022-2023، زادت إدارة الرئيس ابراهيم رئيسي الأموال المخصصة للحرس الثوري بأكثر من 210 في المائة، وهي زيادة تتجاوز بأضعاف التوجه التصاعدي السابق، فيما لم تخصص إلا علاوة بنسبة 10 في المائة للموظفين الحكوميين.

الضابط في الحرس الثوري جاهان باخش كرامي يعلن عن مشاريع إعمار جديدة في 31 تموز/يوليو في زنجان. [وكالة تسنيم]

الضابط في الحرس الثوري جاهان باخش كرامي يعلن عن مشاريع إعمار جديدة في 31 تموز/يوليو في زنجان. [وكالة تسنيم]

ومع أنه من المنتظر أن يتم إقرار الموازنة بشكل تام، إلا أن البرلمان الإيراني وافق على نقاطها "العامة".

وفي غياب الاستثمار الأجنبي، هدف الحرس الثوري إلى تعزيز قبضته على اقتصاد إيران والقضاء على المنافسة.

ويقول قادة الحرس الثوري إن أنشطته الاقتصادية، كما أنشطته العسكرية، تهدف إلى حماية إيران من الاعتداء الأجنبي. ولكن في الواقع، تزداد ثروة الحرس الثوري عبر استغلاله اقتصاد البلاد.

وتفاقم هذا الوضع خلال العقد الماضي، لدرجة أن الإيرانيين يقولون "إذا لم يكن المواطن يعمل لصالح الحرس الثوري، فيكون فعليا بلا وظيفة".

وقال حميد شاه نواز، وهو مهندس مدني أفلست شركته عام 2020 رغم حجمها الكبير والأرباح التي كانت تحققها، إنه واجه هذا الظلم بصورة مباشرة.

وأوضح "مع أن جائحة كورونا فاقمت المشاكل القائمة، إلا أن سبب إفلاسنا كان سيطرة الحرس الثوري. فقد طرح أسعارا أقل في كل مناقصة كنا نشارك بها، حتى بات انهيارنا وشيكا".

وقال "كنت مع شركائي آملين بالتغيير، مع أننا كنا نعرف أن الأمر مستبعد". وتابع أنه على مدار فترة ثلاث سنوات، "تفاقمت الأحوال بالنسبة لنا مع حصول الحرس الثوري على مشاريع أكثر فأكثر".

الحرس الثوري يسيطر شيئا فشيئا على السياسة

وقبل 5 سنوات، ظهر الحرس الثوري بالصورة الأبرز في القطاع الاقتصادي، ولكن منذ ذلك الحين ومع الدعم الثابت الذي حصل عليه من المرشد الإيراني علي خامنئي، تغلغل أيضا في الساحة السياسية.

يُذكر أن السفراء، ولا سيما من هم معينون لدول المنطقة، هم إما ضباط سابقون في الحرس الثوري وإما أفراد مقربون منه. وليس حسن إيرلو السفير السابق لدى الحوثيين والذي توفي مؤخرا جراء كوفيد-19 إلا مثالا واحدا على ذلك.

ومنذ سنتين، تُعطى معظم المناصب المحلية لضباط سابقين في الحرس الثوري أيضا، مع محافظين من بين الأعضاء الجدد نسبيا في نادي الحرس الثوري الحصري.

وأصبح إعطاء المناصب الحساسة في الداخل والخارج لمسؤولين حاليين أو سابقين في الحرس الثوري ممارسة شائعة في إدارة رئيسي.

وبحسب تقرير استقصائي نشر في 20 تشرين الأول/أكتوبر في صحيفة بايام إيه ما الإيرانية اليومية، قال نائب عمدة طهران للشؤون الاجتماعية والثقافية أمين توكلي زادة إن "القوات الجهادية"، أي الحرس الثوري، "يجب أن تنضم" إلى القوات التي تدير المدينة وعليها أيضا المساعدة في إدارة العمال الأطفال.

وفي مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر، أعلن رئيس مجلس مدينة طهران مهدي شارمان أن بلدية المدينة قد قررت إسناد مشاريعها كافة إلى الحرس الثوري.

مخدرات وأسلحة غير قانونية

وفي هذه الأثناء، يضطهد الحرس الثوري المعارضين الإيرانيين ويدرب عناصر الميليشيات التي تتدخل في شؤون المنطقة ويحاول التدخل في الانتخابات. وقال مراقبون ومواطنون إنه ينهب المال من يد الشعب لتمويل أنشطته.

وما لا تموله موازنة البلاد، يحظى بالدعم عبر تهريب المخدرات والأسلحة غير القانونية، وهي عمليات ينخرط بها الذراع الخارجي للحرس الثوري، أي فيلق القدس وأذرعه المختلفة.

ولربما يعد الحوثيون في اليمن وحزب الله اللبناني الجهتين الأكثر انخراطا في هذه الأنشطة، وتساعدهما الوحدة 190 والوحدة 400 التابعتين لفيلق القدس.

كذلك، سلط ارتفاع معدل الجرائم المرتبطة بالمخدرات في إقليم كردستان في العراق الضوء على الدور المخرب والمزعزع للاستقرار للحرس الثوري ووكلائه الذين هم منخرطون إلى حد كبير في تجارة المخدرات.

وقال خبراء إنه يتم تهريب معظم المواد المخدرة التي تدخل إقليم كردستان وباقي العراقعلى يد جماعات مسلحة يدعمها الحرس الثوري أو شركاؤه، لافتين إلى أن تجارة المخدرات هي مصدر تمويل أساسي لهذه الجماعات.

وبلغت فظائع الحرس الثوري إلى حدها الأقصى، لدرجة أن بعض الميليشيات والجماعات التابعة له في المنطقة ولا سيما في العراق، قامت مؤخرا بالابتعاد عنه، بصورة ظاهرية على الأقل.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500