كشفت التطورات الأخيرة في طهران عن النفوذ الكبير الذي يتمتع به الحرس الثوري الإيراني على اقتصاد إيران وقرارات قادة البلاد.
فوفقا لتقرير استقصائي نُشر يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر في صحيفة بيام ما اليومية الإيرانية، قال نائب عمدة طهران للشؤون الاجتماعية والثقافية أمين توكلي زادة إن "القوات المجاهدة"، أي الحرس الثوري الإيراني، "تحتاج للانضمام" إلى القوات التي تدير المدينة، وعليها أيضا المساعدة في إدارة العمال الأطفال.
هذا ويتم سحب العمال الأطفال بصورة دورية من الشوارع وتسليمهم للخدمات الاجتماعية في طهران، وأغلبهم يتسولون لحساب جماعات كبيرة تشبه المافيا.
وفي مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر، أعلن رئيس مجلس مدينة طهران، مهدي شارمان، أن بلدية المدينة قد قررت إسناد مشاريعها كافة إلى الحرس الثوري.
وفي حين أن معظم مشاريع طهران قد أسندت بالفعل إلى الحرس الثوري، فإن هذا الاتفاق الحصري يسمح للحرس الثوري باحتكار اقتصاد العاصمة، وهو الأكبر في إيران.
نصيب الأسد من الاقتصاد
هذا وتعد الإحصائيات والمعلومات الموثوقة حول أي موضوع نادرة حين يتعلق الأمر بالنظام الإيراني، ويكون الأمر أكثر ندرة حين يتعلق بالحرس الثوري، لكن لا يخفى على أي أحد أن الحرس الثوري يتولى بشكل منهجي كلا من القطاعين العام والخاص في اقتصاد البلاد.
ويظهر تقدير أصدرته شركة مقر خاتم الأنبياء للإعمار التابعة للحرس الثوري في حزيران/يونيو 2020، أن الحرس الثوري يشارك فيما يقرب من 80 بالمائة من كل "المشاريع الاقتصادية" في إيران أو يملكها أو يديرها.
ويتضمن ذلك مشاريع قطاعات النقل والمياه والإنشاءات والنفط والغاز.
ومع أن شركة مقر خاتم الأنبياء للإعمار نفسها هي التي أصدرت هذه المعلومات، ينكر الحرس الثوري نفوذه في الاقتصاد الإيراني، ويعلن أن الحكومة هي التي تطلب منه إدارة هذه المشاريع يعود ذلك بكل ببساطة إلى كفاءته.
ويزعم كثيرون أن الحرس الثوري قد سعى إلى توسيع رقعة نفوذه وتوجيه النظام أكثر نحو التشدد، وذلك عبر التلاعب بالانتخابات البرلمانية والرئاسية.
لكن الاحتفاظ بالمزيد من السلطات يعني التعرض لضربات أشد جراء العقوبات التي تستهدف أنشطة الحرس الثوري التدخلية في المنطقة. وحين تُفرض العقوبات على الحرس الثوري والجهات التابعة له، فإن الشعب يدفع أيضا الثمن.
إلا أن ذلك لم يمنع الحرس الثوري من متابعة أجندته الإقليمية ، مع أن البلاد تعاني من اقتصاد متدهور وتضخم مرتفع للغاية وأزمة بطالة واسعة.
الحرس الثوري يزايد على المنافسين الآخرين
هذا وتزعم الحكومة كما بلدية طهران، أنهما قد اختارتا الحرس الثوري من بين كل المزايدين على المشاريع بسبب كفاءته.
لكن الحرس الثوري لديه علاقات داخل النظام ويستطيع المزايدة على المنافسين الآخرين لأنه يمتلك الكثير من المال. كما أن السلطة التنفيذية تصبح عاجزة عمليا عندما يتعلق الأمر بالوفاء بمطالب الحرس خصوصا أن المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه يقف وراءه.
ومنذ بداية رئاسة إبراهيم رئيسي، ازداد عدد المسؤولين التنفيذيين في الحكومة من قدامى الأعضاء في الحرس.
كما أن نظام المزايدة في مشاريع الإنشاءات يخدم مصلحة الحرس، ما يعطي المصداقية لمقولة منتشرة في دوائر الإنشاءات والهندسية المدنية في إيران، ومفادها أنه "إذا كنت لا تعمل لحساب الحرس الثوري، فأنت لا تعمل".
وقال حميد شاه نواز، وهو مهندس مدني أفلست شركته الكبيرة التي كانت مربحة في الماضي في عام 2020، إنه اختبر ذلك بصورة مباشرة.
وأضاف أنه "مع أن تفشي فيروس كورونا قد فاقم المشاكل، فإن السبب الرئيس لإفلاسنا هو استيلاء الحرس الثوري على كل شيء. فهو زايد علينا في كل مشروع، لذا فقد أصبحت مسألة سقوطنا مسألة وقت ليس إلا".
وتابع "كنا نأمل شركائي وأنا في حدوث تغيير، مع أننا كنا نعرف أن ذلك كان أحلام يقظة". لكن على مدار ثلاث سنوات، "أصبحت الأمور أسوأ بالنسبة لنا مع استحواذ الحرس الثوري على المزيد والمزيد من المشاريع".