يشير تصاعد معدلات الجرائم المرتبطة بالمخدرات في إقليم كردستان العراق إلى الدور التخريبي والمزعزع للاستقرار الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني وأذرعه المتورطين بصورة كبيرة في تجارة المخدرات.
وقال خبراء إن معظم المواد المخدرة التي تدخل إلى كردستان وبقية العراق تُهرب من قبل الفصائل المسلحة المدعومة من الحرس الثوري الإيراني أو شركائه، مشيرين إلى أن الاتجار بالمخدرات يمثل مصدر رئيسا لتمويل لتلك الجماعات.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قال وزير الداخلية في الإقليم الكردي ريبار أحمد في مؤتمر صحافي إن جرائم الاتجار بالمخدرات وتعاطيها آخذة في الارتفاع.
واعتبر أن هذه الزيادة تثقل المسؤولية الملقاة على كاهل القوات الأمنية.
وتظهر سجلات الاعتقال أن نحو خمسة آلاف شخص متهمين بتهريب المخدرات وتعاطيها اُعتقلوا في الإقليم الشمالي خلال العام الماضي، ويشكل هذا الرقم أكثر من ضعف العدد المسجل للمعتقلين عام 2020.
وأكد رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، أن ملف تهريب المخدرات بات يمثل مشكلة خطيرة في العراق.
وقال للمشارق إن "هناك تدفق كبير للمخدرات، مصدرها الأساسي من إيران".
وأضاف أن "العراق لم يعد فقط مكانا لتعاطي هذه السموم، وإنما للمتاجرة بها وممرا لتهريبها لبقية الدول".
وذكر أن "الأرقام المؤشرة مخيفة، وفي المقابل لا توجد إجراءات فعالة للحد من هذا الخطر".
تدفق كبير للمخدرات
وأشار مالو إلى أن ميليشيات وأحزاب سياسية وجهات متنفذة تستغل نفوذها لإدخال المواد المخدرة للعراق من إيران عبر منافذ حدودية غير رسمية، مستفيدة من تلك التجارة غير المشروعة لتحقيق الأرباح.
وذكر أن منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان ساعدت السلطات المحلية في القبض على أشخاص يبيعون المواد المخدرة عبر الانترنت، لكنه لم يذكر أي أرقام توضح عدد المعتقلين.
من جهة أخرى، شدد على ضرورة أن ينص القانون على معاملة متعاطي المخدرات كضحايا وليس كمجرمين، داعيا إلى تعديل القانون تبعا لذلك.
وتابع أنه لا ينبغي زج هؤلاء الأشخاص في السجن بل يجب معالجتهم من إدمان المخدرات وإعادة تأهيلهم، مشيرا إلى الحاجة لافتتاح مراكز تأهيل وشفاء من المخدرات في جميع أنحاء العراق.
ووفق مراقبين محليين وتقارير سابقة، تقود الوحدتان 190 و400 في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الأنشطة السرية المتعلقة بتهريب الأسلحة وإدارة عمليات نقل المخدرات إلى العراق عبر الميليشيات المتحالفة معها.
إلى هذا، تمكنت السلطات الأمنية العراقية خلال أقل من عامين من ضبط نحو 900 كيلوغرام من المواد المخدرة، بينها الحشيش والهيروين والكريستال، فضلا عن مصادرة نحو 19 مليون حبة من الحبوب المخدرة.
وقالت السلطات إن غالبية هذه الشحنات كانت قادمة من إيران أو سوريا ، وتوزع وتباع في مناطق عدة من العراق، بما في ذلك شمالي البلاد.
سيطرة أكثر إحكاما على الحدود
يذكر أن حملات ملاحقة تهريب المخدرات في العامين الماضيين أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 17 ألف شخص متهم بالتورط في الترويج للمخدرات والاتجار بها.
والكثير من هؤلاء كانوا إما على صلة مباشرة بالميليشيات المدعومة من إيران وإما يعملون في ظل حمايتها.
ففي 11 كانون الثاني/يناير (2022)، أعلن الناطق باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول عن قيام جهاز المخابرات الوطني العراقي بتفكيك شبكة تضم عشرة من كبار تجار ومروجي المخدرات في بغداد.
وقال الخبير السياسي ربيع الجواري إن إيران تمارس من خلال تهريب المخدرات نشاطا تخريبيا لا يقل خطورة عن نشر السلاح والصواريخ.
وأكد أن المخدرات تنتشر في كردستان والعراق ككل، مضيفا أن خطرها يزداد بسبب مستوى البطالة والفقر والفساد المرتفع في البلاد.
وشدد الجواري على ضرورة ضبط الحدود مع إيران الممتدة على طول 1400 كيلومتر، وانتهاج سياسة أكثر صرامة في التعامل مع تجار المخدرات.