عدن - قال محللون سياسيون إن وفاة سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو مؤخرا، سلطت الضوء على جوانب جديدة من الخلافات الداخلية بين قادة الجماعة وعلى التنافر المتزايد بينها وإيران.
وتوفي إيرلو يوم 21 كانون الأول/ديسمبر جراء إصابته بكوفيد -19، بعد أن نُقل جوا من صنعاء حيث كان يدير عمليات الحوثيين العسكرية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وآنذاك، قال عدد من المسؤولين الحوثيين الذين تحدثوا لوكالة أسوشيتيد برس شريطة عدم الكشف عن هويتهم إن مرض إيرلو أتاح للجماعة "فرصة للمطالبة برحيله".
وأضافوا أن الحوثيين اشتكوا لدى القيادة الإيرانية من فشل إيرلو في تنسيق الاستراتيجيات معهم خلال اجتماعاته مع زعماء القبائل والسياسيين.
وفي حديثهم للمشارق، أكد محللون أن العديد من الحوثيين كان يعتبرون إيرلو الإيراني دخيلا. وكان برأيهم يتمتع بنفوذ هائل في اليمن.
وقبل وفاة إيرلو، قال مسؤولون إقليميون لصحيفة وول ستريت جورنال إن نفوذه في اليمن "عزز فكرة سلبية" في البلاد مآلها أن الحوثيين يطيعون أوامر إيران.
وقال مسؤول إقليمي للصحيفة "أصبح إيرلو عبءا عليهم، وبات يعتبر مشكلة سياسية".
تأجيج الانقسامات الداخلية
إلى هذا، أكد مسؤولون حوثيون للرياض أنهم لن يستبدلوا إيرلو بدبلوماسي إيراني جديد، على الرغم من إعلان إيران عزمها إرسال سفير جديد مكانه عقب أيام من وفاته.
وقال محللون إن أسلوب الإدارة المتفرد لإيرلو ولا سيما في ما يتعلق بإدارة العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي كان يعتبر حاكمها الفعلي، أحدث انشقاقات داخلية.
وتسبب أيضا في حصول صدع بين الحوثيين والجهة الداعمة لهم منذ فترة طويلة أي الجمهورية الإسلامية، إذ أعرب بعض الحوثيين عن استيائهم من طبيعة وحجم محاولة إيران السيطرة على الصراع الدائر في اليمن.
وقال المحلل السياسي عادل الشجاع إن إيرلو لم يتسبب في انشقاق داخل صفوف الحوثيين، بل تسبب وجوده بجعل الانقسامات القائمة تطفو إلى السطح وتتفاقم.
ولفت إلى أن الخلافات داخل الجماعة كانت موجودة قبل مجيء إيرلو إلى اليمن.
وأوضح شجاع أنه عندما جاء إلى اليمن، حاول توحيد الجميع تحت قيادة عبد الملك الحوثي، لكنه واجه معارضة قوية من الذين يعتبرون أن الحوثي هو مجرد مرجعية ضمن مرجعيات عدة داخل الجماعة وليس المرجعية الوحيدة.
ممثل الحرس الثوري في اليمن
أما المحلل السياسي محمود الطاهر، فقال إن إيرلو كان الحاكم الفعلي للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وبصفته تلك كان يضع الخطط العسكرية بمساعدة عناصر من الحرس الثوري الإيراني تحت قيادته.
من جانبه، اعتبر مدير مركز أبعاد للدراسات والأبحاث عبد السلام محمد، أن "إيرلو كان ممثل الحرس الثوري الإيراني في اليمن".
وتابع محمد "لولا وجوده لما تم إرسال الطائرات المسيرة والصواريخ والأسلحة الحديثة إلى اليمن".
وأجج تدفق الأسلحة الإيرانية الحرب اليمنية المستمرة منذ أكثر من 7 سنوات وأطال أمدها على حساب الشعب اليمني.
وأوضح محمد أن إيرلو أقصى بعض قادة الحوثيين الذين لم يتدربوا في إيران واستبعد آخرين من مناصب في السلطة، الأمر الذي زاد الاستياء داخل الجماعة.
واعتبر المحللون أن قبضته الشديدة هذه أثارت غضب بعض الحوثيين الذين أدركوا بشكل لا لبس به أن قضيتهم تتعرض للتقويض بسبب استخدام الإيرانيين لها للدفع بأجندتهم الخاصة.
وأكد محمد أن وفاة إيرلو "ضربة كبيرة لإيران".
وتابع أن هذه ضربة أيضا للحوثيين، خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها اليوم إن لجهة تعرضهم لنيران التحالف العربي أو لجهة الصعوبة التي يواجهونها في استقطاب مجندين جدد.