في كلمة ألقاها بمراسم تأبين سفير إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو يوم الثلاثاء، 28 كانون الأول/ديسمبر، دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للتوصل إلى "حل سياسي" للحرب في اليمن.
وتوفي إيرلو متأثرا بإصابته بكوفيد-19 يوم 21 كانون الأول/ديسمبر بعد نقله جوا إلى طهران، وهو "صديق ورفيق" قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الراحل قاسم سليماني.
وقال أمير عبد اللهيان المعروف بعلاقته الوثيقة بفيلق القدس "نعتقد أنه من الضروري تشكيل حكومة تشارك فيها كل الأطراف اليمنية للحفاظ على الوحدة الوطنية وسيادة اليمن".
لكن النقاد سرعان ما لفتوا إلى النفاق الذي ينطوي عليه تصريحه هذا، مشيرين إلى أن وجود إيرلو في اليمن قد قوض على نحو فعلي عملية السلام.
فأثناء وجوده في صنعاء، كان إيرلو الضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني، الحاكم الفعلي للأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وكانيوجه العمليات العسكرية في جبهاتها، وأبرزها هجوم الحوثيين على مأرب.
ومع ذلك، فقد بدت العلاقة بين إيران والحوثيين متوترة مؤخرا، مع قول البعض إن مرض إيرلو قد منح الحوثيين "فرصة" للمطالبة برحيله.
لكن بدلا من انتهاز الفرصة لدفع اليمن نحو السلام، تعتزم إيران استبدال إيرلو.
فقد أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة يوم الاثنين، أن هناك خطط قيد الإعداد لإرسال سفير جديد إلى اليمن، بحسب ما أوردت صحيفة الشرق الأوسط.
وأشار مراقبون إلى أن السفير الجديد، مثله في ذلك مثل إيرلو، لا بد من تهريبه إلى اليمن ضد إرادة الشعب والمجتمع الدولي.
ويعود ذلك لكون إيران هي فقط التي تدعم سلطة الحوثيين في صنعاء وتعترف بها بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب الوحشية والطويلة، والتي كانتعواقبها كارثية على الشعب اليمني.
إرث سليماني
وقال المحلل السياسي وضاح الجليل للمشارق إن "سليماني كلف بمهمة توسيع نفوذ الحرس الثوري الإيراني في المنطقة".
وتحت توجيهه، تدخل فيلق القدس التابع للحرس الثوري وحزب الله وكيل إيران في لبنان في اليمن لدعم مصالح إيران، وهو دور ما يزال الطرفان يلعبانه.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن التحالف العربي الذي تدخل في الحرب دعما للحكومة اليمنية في عام 2015، اتهم يوم 26 كانون الأول/ديسمبر إيران وحزب الله بمساعدة الحوثيين في إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة ضد السعودية.
وقال الناطق باسم التحالف تركي المالكي، إن الحوثيين "يقومون بعسكرة" مطار صنعاء واستخدامه كـ "مركز رئيس لإطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيرة" تجاه المملكة.
وعرض أثناء مؤتمر صحافي مقطع فيديو قال عنه إنه يصور "مقر خبراء إيران وحزب الله في المطار"، حيث زعم أن "حزب الله يدرب الحوثيين على تفخيخ الطائرات المسيرة واستخدامها".
وصورت لقطات أخرى أحد عناصر حزب الله وهو يضع المتفجرات في طائرة مسيرة، ورجلا آخر حدد المالكي هويته على أنه أحد مسؤولي حزب الله وهو يقول للحوثيين "يجب أن نعزز صفوفنا". إلا أنه لا يمكن التحقق من صدقية هذه اللقطات بصورة مستقلة.
وتحت إشراف إسماعيل قاآني خليفة سليماني، استمر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في تسليح الحوثيين وتمويلهم، فاستولوا على صنعاء من الحكومة المعترف بها دوليا بانقلاب في أيلول/سبتمبر 2014.
ودفعت الحرب الطويلة والمريرة البلاد إلى شفا الانهيار وأثارت قلاقل في المنطقة، إذ يقوم الحوثيون بمهاجمة السعودية عبر حدودها الجنوبية ويحاولون السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي.
هذا وتقدر الأمم المتحدة أن الصراع اليمني تسبب في وفاة 377 ألف شخص بنهاية العام من خلال التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على السواء، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، وبات 80 في المائة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليونا يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
اليمنيون يدفعون الثمن
وأشار المراقبون إلى أن تدخل إيران لم يفعل شيئا لمساعدة الشعب اليمني الذي يدفع ثمن باهظا لخطة سليماني لجعل اليمن خطا أماميا في حروب إيران بالوكالة في المنطقة، لكنه فعل الكثير لإلحاق الأذى بهم.
وقال المحلل السياسي فيصل أحمد إن "الدعم والاهتمام اللذين نجح سليماني في إعطائهما للحوثيين قد دمرا اليمن وتسببا في أضرار بالغة لبلدان المنطقة".
وأضاف أن وفاة سليماني قبل عامين "خلفت فراغا للحرس الثوري الإيراني في تنفيذ الخطط التي كان قد وضعها للحوثيين".
وتابع أن هذا هو السبب الذي جعل إيران ترسل إيرلو "لكي يشرف بصورة مباشرة على الحوثيين وينفذ العمليات العسكرية ضد المدن اليمنية وخطوط الملاحة الدولية والمنشآت الاقتصادية السعودية".
وأشار إلى أن تلك الأعمال "قد أطالت أمد الحرب وتسببت تاليا في تدمير اليمن على المستويات كافة، وخلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
هذا ويحذر المراقبون من أنه من المرجح أن يواصل أي خليفة لإيرلو مساره.
وكان مدير مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية عبد السلام محمد قد قال للمشارق العام الماضي في الذكرى السنوية لوفاة سليماني، إن "استراتيجية الحرس الثوري الإيراني هي الوصول إلى اليمن ليكون قريبا من دول الخليج الغنية".
وأضاف أنه سعى لإقامة وجود له في المناطق المكتظة بالسكان "لإنشاء جيش مستقبلي يساعد على تحقيق حلمه في السيطرة على المواقع المقدسة ومواقع النفط"، وكان الحوثيون "الأداة اللازمة" لمثل هذه الاستراتيجية.
وأشار محمد إلى أن "دور سليماني كان التعجيل بتطبيق استراتيجية إيران التي تتضمن السيطرة على صنعاء ودمشق وأيضا بيروت وبغداد، ولن يغير موته من هذه الاستراتيجية".
وتابع أنه "يوجد من يحل محله في الحرس الثوري الإيراني، مع أنهم ليسوا بنفس قوته".