سياسة

تكهنات حول العلاقة بين عملية إجلاء إيرلو والغارة الجوية السعودية

فريق عمل المشارق

عامل في المطار يقوم بالبحث في أنقاض مبنى دمر عقب غارة جوية أفادت معلومات بأنها من تنفيذ التحالف بقيادة السعودية وكانت تستهدف مطار صنعاء الدولي في 21 كانون الأول/ديسمبر. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

عامل في المطار يقوم بالبحث في أنقاض مبنى دمر عقب غارة جوية أفادت معلومات بأنها من تنفيذ التحالف بقيادة السعودية وكانت تستهدف مطار صنعاء الدولي في 21 كانون الأول/ديسمبر. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

تزداد التكهنات بشأن ما يبدو أنها صفقة أبرمتها إيران مع السعودية الشهر الماضي على خلفية عملية إجلاء أحد كبار مسؤولي إيران في اليمن.

وقال مسؤولون سعوديون وإيرانيون إن سفير إيران إلى اليمن حسن إيرلو خرج جوا من العاصمة اليمنية صنعاء في 18 كانون الأول/ديسمبر لتلقي العلاج بعد إصابته بكوفيد-19 في استثناء نادر يعطى في حصار جوي فرضه التحالف العربي.

إلا أن إيرلو، وهو ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني، توفي بعد أيام في إيران.

ولكن لا يزال مراقبون يتساءلون لماذا من الممكن أن تكون السعودية التي هي في حالة حرب مع الحوثيين المدعومين من إيران منذ سنوات، قد سمحت بمثل هذه الرحلة نظرًا للدور الكبير لإيرلو في الحرب.

السفير الإيراني لدى الحوثيين حسن إيرلو يشارك في حفل بمدينة صنعاء اليمنية في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2020. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

السفير الإيراني لدى الحوثيين حسن إيرلو يشارك في حفل بمدينة صنعاء اليمنية في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2020. [محمد حويس/وكالة الصحافة الفرنسية]

وكان إيرلو يواجه أصلا حكما بالإعدام بعد وجدته محكمة عسكرية في مأرب مذنبًا بدخول اليمن تحت ذرائع خاطئة والتورط في عمليات تجسس والمشاركة في جرائم إلى جانب الحوثيين.

وكان مسؤولون يمنيون قد اتهموا إيرلو سابقًا بإدارة العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة للحوثيين، بما في ذلك هجوم الميليشيا على مأرب، إضافة إلى توليه منصب "الحاكم الفعلي" للمناطق الخاضعة للحوثيين في اليمن.

ومع أن السعودية ذكرت أنها سمحت للرحلة بالانطلاق على "أسس إنسانية"، إلا أن سيناريوهات أخرى محتملة قد برزت.

غارة جوية سعودية دقيقة

وبعد أيام معدودة من مغادرة إيرلو اليمن، نفذ التحالف العربي بقيادة السعودية في 20 كانون الأول/ديسمبر غارات جوية دقيقة على أهداف ومنشآت للحوثيين في مطار صنعاء الدولي.

ووصف المتحدث باسم التحالف العميد الركن تركي المالكي هذه الغارات بشكل متعمق مع تفاصيل محددة عن كل هدف لا يمكن أن يعرفها إلا بواسطة مصدر داخلي أو مستشار موثوق.

وقال المالكي إن الغارات استهدفت 6 مواقع في الجزء الشمالي الشرقي من المطار تستخدم لشن الهجمات بالطائرات المسيرة.

وأشار إلى أن بعض المواقع كانت تستخدم أيضا لتدريب العناصر على استخدام تلك الطائرات المسيرة وتشكل مقرا لهم ولمدربيهم، مضيفا أن اثنين من المواقع المستهدفة كانا مستودعين للطائرات المسيرة.

وقال المالكي إن "تدمير هذه الأهداف لن يكون له أي تأثير على القدرة العملياتية للمطار، كما لن يؤثر على إدارة المجال الجوي والملاحة الجوية".

وقال المحلل السياسي فيصل أحمد إن "هناك احتمالية لضلوع إيرلو في تبليغ السعودية بموقع الطائرات المسيرة بمطار صنعاء كجزء من صفقة معها للموافقة على خروجه من اليمن".

وأضاف للمشارق أن "السبب هو كثرة المعارضين له ولسياسة إيران في اليمن، وخصوصا القيادات [الحوثية] من الصف الأول الذين اختلف معهم حول إدارة الأمور".

ولفت إلى أن "هؤلاء خسروا الكثير من امتيازاتهم التي ذهبت له والمقربين منه ومن إيران".

وقال أحمد إن "الخلافات تصاعدت مع معارضة العديد من القيادات لدخول مأرب بسبب الخسائر البشرية التي منيت بها الجماعة".

وقال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن سبب الخلاف بين بعض القياديين الحوثيين وإيرلو كان ماليا بشكل أساسي.

وأضاف أن "إيرلو قلص صلاحيات هذه القيادات لصالح القيادات التي تعمل معه وتنفذ سياسة إيران"، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أنه من المستبعد أن يكون التحالف السعودي قد تلقى إخبارا بشأن الأهداف العسكرية في المطار.

وقال إن هذا أمر غير مستبعد خصيصا أن المطار استهدف بعد وقت قصير من خروج إيرلو جوا من اليمن.

انقسامات متزايدة

وفي هذه الأثناء، قال المحلل السياسي محمود الطاهر إنه يعتقد أن الحوثيين أنفسهم سربوا المعلومات إلى التحالف العربي.

وأوضح أن "المسربين هم مجموعة من الشخصيات الحوثية التي زارت السعودية [عام 2016] وشخصيات في الاستخبارات الحوثية نتيجة للخلافات الداخلية بين الأجنحة المتصارعة على النفوذ والأموال من جانب ومع إيرلو ومن معه من جانب آخر".

ولفت إلى أن "هذا يكشف مدى تصدع العلاقة بين إيران والحوثيين لصالح التحالف العربي بقيادة السعودية".

وبغض النظر عن كيفية تمكن إيرلو من المغادرة جوا من اليمن، سلط الوضع الضوء مجددا على الخلافات الداخلية بين قيادات الجماعة والاحتكاك المتزايد بين الحوثيين وإيران.

وقال آنذاك عدد من المسؤولين الحوثيين لوكالة أسوشيتد برس شريطة عدم الكشف عن هويتهم إن مرض إيرلو قدم للجماعة "فرصة للمطالبة بمغادرته".

وأضافوا أن الحوثيين اشتكوا لدى القيادة الإيرانية من فشل إيرلو في تنسيق الاستراتيجيات معهم خلال اجتماعاته مع زعماء القبائل والسياسيين.

وقال أحد المسؤولين الإقليميين لصحيفة وول ستريت جورنال إن "إيرلو أصبح عبئا لهم. إنه مشكلة سياسية".

وفي هذا السياق، قال محللون للمشارق إن أسلوب الإدارة المتفرد لإيرلو ولا سيما فيما يتعلق بإدارة العمليات العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أحدث انشقاقات داخلية.

ومن جانبه، اعتبر مدير مركز أبعاد للدراسات والأبحاث في اليمن عبد السلام محمد أن "إيرلو كان ممثل الحرس الثوري الإيراني في اليمن".

وتابع محمد "لولا وجوده، لما تم إرسال الطائرات المسيرة والصواريخ والأسلحة الحديثة إلى اليمن".

هذا وقد أجج تدفق الأسلحة الإيرانية الحرب اليمنية المستمرة منذ أكثر من 7 سنوات وأطال أمدها على حساب الشعب اليمني.

وأوضح محمد أن إيرلو أقصى بعض قادة الحوثيين الذين لم يتدربوا في إيران واستبعد آخرين من مناصب في السلطة، الأمر الذي زاد الاستياء داخل الجماعة.

واعتبر المحللون أن طريقة تعامله الحادة هذه أثارت غضب بعض الحوثيين الذين أدركوا بشكل لا لبس به أن قضيتهم تتعرض للتقويض مع قيام الإيرانيين بتوجيهها أكثر نحو أجندتهم الخاصة.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500