بيروت - من المتعارف عليه أن قائد حزب الله حسن نصر الله يشرف مباشرة على فرقة قتل اغتالت معارضين بارزين وترهب اللبنانيين وتحتجزهم رهينة لأجندة إيران.
وقال مراقبون إن نفوذ إيران الهائل في لبنان أغرق البلاد في أزمة داخل حدودها كما أنه يهدد أمنها بسبب استخدام حزب الله لأراضيها كنقطة انطلاق لشن هجمات على دولة إسرائيل المجاورة.
وذكر معارضون للحزب المدعوم من إيران تحدثوا مع المشارق واشترط أحدهم عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، أنهم يحمّلون حزب الله مسؤولية انهيار لبنان.
ويعد اغتيال الناشط السياسي المعارض لحزب الله لقمان سليم في شباط / فبراير الماضي، أحد الأمثلة العديدة على عمليات القتل الوحشية التي ارتكبها الحزب ونفذتها في أغلب الأحيان ما تسمى بـ "الوحدة 121".
وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست في 25 آب/أغسطس، كشفت مصادر أمنية أن المسؤول في حزب الله سليم عياش المدان دوليا لتورطه في اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، كان عضوا في الوحدة 121.
وقالت المصادر إن الوحدة التي نفذت 4 عمليات اغتيال أخرى على الأقل، تتلقى أوامرها مباشرة من نصر الله.
’أوامر من إيران‘
وقال معارض شيعي للحزب المدعوم من إيران إن قائد حزب الله "يتلقى أوامره من إيران ويسيطر على قرارات لبنان الداخلية والدولية".
وأضاف المصدر أن نصر الله "كان في البداية أجيرا صغيرا صنعته إيران وجعلته قائدا وفوضته [مهمة] وصلاحيات كبيرة لخدمة الولي الفقيه (المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي)".
وتابع أن "نصر الله يدير لبنان وفقا لمشيئة [خامنئي]، ونفذ في هذا النطاق سلسلة اغتيالات لسياسيين وصحافيين، لأن قرارات الحزب ليست مستقلة بل مركزية وتتبع أجندة معينة".
وأكد المصدر أن حملة التحريض السياسي الواسعة التي شنها حزب الله ضد سليم كانت وراء عملية اغتياله بغض النظر عمن نفذها، واصفا قتله بأنه وصمة عار على جبين الحزب.
واعتبر المصدر أن اغتيال سليم أظهر لأبناء الطائفة الشيعية من اللبنانيين حقيقة حزب الله.
وذكر أن "اغتيال لقمان يسلط الضوء على سلسلة الاغتيالات التي جرت في لبنان ودور حزب الله ومسؤوليته عنها من خلال الوحدة 121".
وإن اللبنانيين هم اليوم رهينة الخوف من استئناف عمليات الاغتيال هذه، حسبما قال.
الوحدة 121 التابعة لحزب الله
ومن جانبه، أشار منسق تجمع جنوبيون للحرية حسين عطايا في حديث للمشارق، إلى أن الوحدة 121 التابعة لحزب الله "تشكلت بالأساس لجمع معلومات دولية بقيادة عماد مغنية"، مسؤول العمليات الدولية في الحزب.
وكان مغنية الذي اغتيل عام 2008 وخلفه مصطفى بدر الدين، مرتبطا بشكل مباشر بالقائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وأضاف عطايا أنه بعد مقتل بدر الدين، أصبحت هذه الوحدة تحت قيادة وتوجيه نصرالله مباشرة، قبل أن يتولى قيادتها منذ فترة المدعو طلال حمية.
وأكد أن هذه "الوحدة نفذت عمليات اغتيال لسياسيين وإعلاميين، لذلك فإن احتمال اغتيالها للناشط السياسي لقمان سليم ليس مستبعدا".
ولفت عطايا إلى أن حزب الله "هو الذراع الأقوى الذي تعتمد عليه إيران في شرقي المتوسط، لقربه من الحدود مع إسرائيل".
وأردف أن "حزب الله ينفذ كل ما تطلبه إيران منه، ويقدم لها خدمات كبرى كتنفيذ هجمات على إسرائيل كلما تحتاج إلى تعقيد الأمور أكثر مع الغرب بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص".
وأوضح أن حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل كانت قرارا إيرانيا نفذه مغنية، وشُنت تلبية لمصلحة حزب الله وإيران وليس لمصلحة لبنان.
’عواقب سلبية‘
من جهتها، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة، أن تمدد النفوذ الإيراني في لبنان عبر حزب الله كان له عواقب سلبية على البلاد، بدءا بالعقوبات الدولية على أشخاص وكيانات، ووصولا إلى الانهيار الاجتماعي الشامل.
وأضافت أن تلك السياسات أدت لزيادة عزلة لبنان اقتصاديا وماليا في المنطقة وعلى الساحة الدولية، فتوقفت التدفقات الاستثمارية والسياحية بسبب المواقف السياسية العدائية للحزب تجاه دول الخليج.
وتابعت أن علاقات لبنان المصرفية مع المجتمع الدولي تقطعت نتيجة للأزمة التي هزت الثقة بالمستقبل، ناهيك عن تلويح حزب الله بأخذ لبنان شرقا بدل الغرب.
وأشارت إلى أن لبنان فقد قدرته على جذب الدولارات مع بلوغ عجز ميزان المدفوعات نحو 10.5 مليار دولار عام 2020، أي ضعف العجز الذي سجله السنة السابقة وفقا لإحصائيات المصرف المركزي.
إلى هذا، تراجعت تحويلات المغتربين لنحو 6.3 مليارات دولار عام 2020، مقارنة بـ 8 مليارات قبل اندلاع الأزمة، على حد قول البلعة.
ولفتت إلى أن مستوى الفقر في صفوف اللبنانيين وصل إلى نحو 74 في المائة بحسب بيانات الأمم المتحدة، وذلك نتيجة لانهيار سعر صرف الليرة بنسبة 90 في المائة وابتلاع التدهور المالي قيمة الأجور برمتها.
ورأت البلعة أن انهيار النظام المصرفي والمالي "يعود بجزء أساس منه لسياسة العقوبات المفروضة على قنوات تمويل حزب الله، وكانت الحلقة الأولى منها إدراج الخزانة الأميركية بنك جمال تراست على لائحة العقوبات.
وأضافت أن وتيرة التدهور تسارعت مع قرار حكومة حسان دياب الحليفة لحزب الله في آذار/مارس 2020، بالتخلف عن سداد ديون لبنان المالية بالعملة الأجنبية.
وختمت البلعة قائلة إن هذا "القرار أرسل إشارات للأسواق المالية تؤكد إفلاس لبنان، في سابقة لم تشهدها البلاد في أحلك مراحل أزماتها السياسية والأمنية والاقتصادية".