بيروت -- أكد سياسيون وخبراء لبنانيون أن حزب الله اتخذ من لبنان "رهينة" له عبر أعمال خطرة وغير مسؤولة أساءت إلى سمعة الدولة وعرضت الشعب اللبناني للأذى.
واعتبر النائب اللبناني السابق فارس سعيد أن حزب الله "أخذ لبنان والشعب أسيرا لسياسته الإرهابية"، لافتا إلى أن الحزب قد احتفظ بسلاحه في انتهاك للدستور اللبناني وقراريّ الأمم المتحدة رقم 1559 و1701.
وتابع أن الجيش وحده مخول بحمل السلاح، مشيرا إلى أن ادعاء حزب الله بأنه احتفظ بسلاحه "بحجة الدفاع عن لبنان" هو أمر غير دقيق وغير قانوني.
ولفت سياسيون إلى تخزين الحزب للأسلحة في مرفأ بيروت، حيث أدى انفجار 4 آب/أغسطس الماضي إلى أضرار وخسائر بشرية فادحة، وفي مناطق سكنية بمختلف أنحاء البلاد، مما يعرض حياة المدنيين للخطر.
وأضاف سعيد أنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت ترسانة حزب الله قد شكلت عاملا في انفجار المرفأ. ولكن الحادث "جعل العالم يفتح عينه على مسألة ترسانة سلاح الحزب وما دأب عليه من تخزين السلاح بالأحياء السكنية".
كذلك، يلقي سياسيون وخبراء باللائمة على حزب الله في دفع لبنان إلى الفقر، عبر سيطرته على قرار الحكومة.
وقد أدت الأزمة الاقتصادية في البلاد إلى معدلات بطالة متزايدة وارتفاع هائل بالأسعار وانهيار قيمة العملة.
يُذكر أن أكثر من نصف الشعب يعيش اليوم تحت خط الفقر، في ظل ارتفاع الأسعار وخسارة العملة اللبنانية أكثر من 80 في المائة من قيمتها.
وقد تسبب تواجد الحزب في الحكومة وهيمنته عليها بعرقلة وتأخير جهود البلاد للحصول على الدعم الدولي اللازم والذي من شأنه أن يساعد لبنان في الخروج من الأزمة الاقتصادية.
حماية قاتل الحريري، سليم عياش
هذا وربما كان نفوذ حزب الله الهائل في لبنان قد انعكس بأوضح صورة من خلال رد البلاد على المحكمة الخاصة بلبنان والمدعومة من الأمم المتحدة والتي حققت في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005.
ففي 11 كانون الأول/ديسمبر، أصدرت المحكمة غيابيا 5 أحكام متزامنة بالسجن المؤبد بحق العنصر بحزب الله سليم جميل عياش، وذلك على خلفية تهم مرتبطة بالإرهاب تتعلق بالتفجير الذي أدى إلى مقتل الحريري و21 آخرين.
ووجدت المحكمة أن عياش قاد "فريق الاغتيال" الذي نفذ الهجوم على الحريري، وأنه شارك بصورة مباشرة في الاغتيال في يوم تنفيذ العملية.
وفي هذا السياق، أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عن تقديم مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى تحديد موقع عياش أو هويته. ويعتقد أنه يختبئ في لبنان، حيث رفض حزب الله تسليمه.
ولفت محللون وخبراء قانونيون إلى أنه نظرا لهيمنة حزب الله على الدولة، لم تبحث أجهزة الدولة اللبنانية عن عياش لتسليمه للمحكمة.
وقد حصل ذلك رغم وجود مذكرة تفاهم بين لبنان والمحكمة تلزم لبنان بتنفيذ قرارات هذه الأخيرة.
وأوضح الخبير بالقانون الدولي أنطوان صفير أن لبنان "وقّع مذكرة تفاهم مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي أنشأت بموجب القرار 1757 الصادر عن مجلس الأمن".
وتابع أن لبنان ملزم بتنفيذ قرارات المحكمة، مشيرا إلى أن ذلك يعني أساسا أنه "على الدولة البحث عن عياش وتسليمه للعدالة الدولية".
إفساد العملية القضائية
وبدوره، اعتبر الخبير بالقانون الدولي غسان مغبغب أن الحكم الصادر بحق عياش قابل للتنفيذ على الفور في لبنان الذي أُبلغ بالحكم وفقا للاتفاقية الموقعة مع المحكمة.
وأوضح أنه على لبنان إما تكليف الأجهزة الأمنية بالبحث عنه وإلقاء القبض عليه وتسليمه للمحكمة، وإما تبليغ الإنتربول لتنفيذ الحكم وإلقاء القبض عليه في أي بلد أو عند المعابر الحدودية.
وأشار إلى أن الدولة اللبنانية "ردت على طلب المحكمة تسليم عياش بأنها لا تعرف مكان وجوده. وهي لم تبحث عنه لإن لا أحد يجرؤ على ذلك".
وقال إن السبب في ذلك يعود إلى هيمنة حزب الله على القرار اللبناني، و"لأن القضاء يعمل لصالح الحزب وليس ضده".
ورأى مغبغب أن الطريقة الوحيدة لإلزام حزب الله بتسليم عياش تكمن بـ"رفع يده عن الدولة والعودة لحجمه الطبيعي وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقه وبحق أفراده".
ومن جهته، قال مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إن المكافأة المالية الأميركية "توحي بعدم جدية السلطات اللبنانية بملاحقة واعتقال عياش أو عجزها عن ذلك".
وذكر أن المكافأة "قد لا تؤدي لاعتقاله، ولكنها تؤكد جدية الولايات المتحدة في ملاحقة عياش وجعل حياته وتنقلاته صعبة وإثارة قلقه من محيطه وأصدقائه خوفا من الإبلاغ عنه".
ولفت إلى أن المكافأة توجه "رسالة لقيادة حزب الله بأن مرحلة ارتكاب الجرائم دون التعرض لملاحقة ومعاقبة قد انتهت".
التضحية بالشعب اللبناني
وقال قطب إن تاريخ حزب الله خارج لبنان "حافل بإدانات ضد كوادره بسبب تنفيذ عمليات إرهابية".
وأوضح أن كوادره قاموا على سبيل المثال بتدريب المقاتلين في البحرين للقيام بتفجيرات وتدريب الحوثيين (أنصار الله) في اليمن، علما أن هؤلاء قد أطلقوا الصواريخ على مدن سعودية وأهداف مدنية.
وتابع أن أفعال حزب الله الماضية تؤكد أنه "تنظيم مسلح يحمل شعارات [طائفية] ويمارس التعبئة المذهبية ويعمل بخدمة مشروع طهران بالمنطقة والعالم".
ومن جانبه، قال منسق لقاء جنوبيون للحرية حسين عطايا إن حزب الله اتخذ من الشعب اللبناني "رهينة" له منذ تأسيسه في العام 1985.
وأوضح أن الحزب تورط في عمليات خطف أجانب "وغيرها من الأمور الإرهابية بلبنان والمنطقة"، في حين يقوم حاليا بتخزين الأسلحة والصواريخ في مستودعات بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وأضاف أن الحزب يخزن الأسلحة أيضا "بأماكن تخزين أخرى وبأنفاق حفرها لهذه الغاية"، وقد تم كشف بعضها في دير قوبل وتومات نيحا وشحرور في جبل لبنان ومناطق أخرى بالقرب من جبل الباروك.
وذكر عطايا أنه من خلال أفعال مماثلة غير مسؤولة، "يضحي [الحزب] بالشعب اللبناني وبمقدمهم بيئته الخاصة".
الله يلعنكم كذابين
الرد1 تعليق