بيروت -- قالت عائلة الناشط والمفكر اللبناني لقمان سليم، الذي عثر عليهمقتولا بطلقات نارية في جنوب لبنان بتاريخ 4 شباط/فبراير، إنها لن تضغط من أجل إجراء تحقيق دولي في قضية اغتياله.
وذكرت العائلة أنها تعرف من قتل سليم، ولكنها لا تثق بالقضاء وقدرته على جلب الجناة للعدالة.
وخلال العقدين الماضيين، وسع حزب الله نطاق سيطرته ليشمل كل مفاصل الحكومة اللبنانية، بما في ذلك القضاء.
فالتحالف الوطيد للحزب المدعوم من إيران مع أكبر كتلة سياسية في التحالف الحاكم، أي التيار الوطني الحر، قد سمح له بمواصلة مخططه بالهيمنة على لبنان.
وقام حزب الله والقضاة الخاضعون للتيار الوطني الحر بإفساد حكم القانون في لبنان عبر تسييس القضاء.
لا ثقة في القضاء
وكان سليم، الذي ولد في عائلة شيعية وكان يبلغ من العمر 58 سنة، منتقدًا صريحًا لحزب الله. وقد عثر عليه مقتولا بسيارته في العدوسية التي تعد معقلا للحزب.
ونظمت مراسم تشييع سليم يوم 11 شباط/فبراير بمنطقة الغبيري بمشاركة سفراء وشخصيات سياسية وإعلامية ودينية من مختلف الطوائف، إضافة إلى أفراد من العائلة وأصدقاء لها، بحسب ما نقلته الوكالة الوطنية للأنباء.
وقد وجهت والدة سليم سلمى مرشاق، متحدثة بالنيابة عن العائلة، كلمة للشباب اللبناني.
وقالت "إن كنتم تريدون وطنا، عليكم أن تستمروا بالمبادئ التي استشهد لقمان من أجلها. الحمل سيكون ثقيلا عليكم. اقبلوا فكرة الحوار ومنطق العقل لخلق وطن يستحقّه لقمان".
وتابعت "ابتعدوا عن السلاح؛ فقد أضاع ابني".
هذا وطالب تجمع الناشطين المعارضين، الذي يحمل اسم لقاء الثورة، المجتمع الدولي بحماية لبنان من الجريمة المنظمة، وكان من بين الجهات التي طالبت بتحقيق دولي في قضية اغتيال سليم.
ولكن شقيقة سليم، الكاتبة رشا الأمير، قالت للمشارق إن العائلة لن تضغط من أجل إجراء تحقيق دولي في مقتله.
وتابعت "نعرف من قتله وهذا كاف. ولا ثقة لنا بالقضاء اللبناني".
وفي حين اتهمت عائلة سليم ومؤيدوه حزب الله بقتله، إلا أن الحزب انكر هذا الاتهام.
’بلا أسف‘
ولكن من الواضح أن الحزن على سليم لم يكن في كل الأحياء.
فغرّد جواد نصرالله نجل أمين عام حزب الله حسن نصر الله على تويتر، كاتبا "خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب"، مضيفا هاشتاغ "#بلا أسف".
وخلال اعتصام نظم احتجاجًا على اغتيال سليم نظمت بساحة سمير قصير في وسط بيروت، عبّر اللقاء الوطني لقوى الثورة عن تخوفه من عودة الاغتيالات السياسية و"تحكم آلة القمع [بلبنان] والهيمنة فيه وتفلت آليات الجريمة المنظمة".
وفي هذا السياق، شدد المعارض والكاتب السياسي حارث سليمان، متحدثا باسم اللقاء، على ضرورة حماية الشعب اللبناني من "التداعيات الكارثية التي يحدثها السلوك الإجرامي لمنظومة الفشل والفساد والارتهان للخارج".
وأشارت الصحافية والوزيرة السابقة مي شدياق في حديث لمحطة الحدث التلفزيونية إلى "علاقة حزب الله باغتيال الناشط سليم لأنه المستفيد من إسكات الفريق المعارض".
وأضافت أن ذلك دفع بالبلاد نحو المشروع الإيراني.
يُذكر أن شدياق نفسها كانت قد نجت من محاولة اغتيال في أيلول/سبتمبر 2005.
’دويلة تتحكم بالدولة‘
وبسياق متصل، قالت شقيقة سليم إن هذا الأخير "حملني مسؤولية أكبر مما أستطيع تحمله".
وأوضحت للمشارق "بعدما طالبنا بتولي لجنة تحقيق دولية ملف اغتيال لقمان لعدم ثقتنا [بالقضاء] اللبناني، تبين لنا أن التحقيق الدولي يحتاج لإجراءات وآليات [محددة]، وبمقدمها وجوب مروره عبر الدولة التي هي بالنسبة لنا غير موجودة".
وأضافت الأمير "هذه الدولة متخصصة بالقمع وليس بالدفاع عن المواطن، وهي للأسف باتت مجموعة دويلات".
وقالت "نحن أمام سد منيع لا يمكننا هدمه لتحكم الدويلة بالدولة".
وأكدت "لن نضغط من أجل إجراء تحقيق دولي برغم كل بيانات المجتمع الدولي القاسية [حيال الاغتيال]".
وتابعت "نعرف من قتل لقمان. لا نريد أسماء صغيرة واتهامها بقتله، بل المحرض على القتل ومحاكمته، وهو أمر لن يحصل".
وأشارت الأمير إلى أن العائلة ستقيم لسليم مدفنا سيحاط "بالزهور التي يحب"، وسترفع على المدفن رخامة بيضاء محفور عليها إمضاؤه ورسم يرمز للصلابة والشجاعة.
وقالت شقيقة سليم إنه سيتم تحت الإمضاء نحت كلمة "حي"، مضيفة أنها اختارت ذلك لأنها تعتبر أن لقمان لم يمت.
مطالبات من الحراك المدني بالتحقيق
ورغم رفض عائلة سليم المطالبة بتحقيق دولي في قضية اغتياله، قال ناشطون مدنيون إنهم ينوون القيام بذلك.
وأكدت المعارضة لحزب الله والناشطة السياسية منى فياض أن اللبنانيين، ولا سيما الناشطين والمعارضين لحزب الله، أصبحوا "أهدافًا للجريمة المنظمة".
وقالت "نطالب بتحقيق ومحكمة دولية لكشف قاتلي لقمان، ولوضع حد للجريمة المنظمة ومحاسبة المحرضين والجناة"، مضيفة أن الحراك المدني في لبنان يستعد للمطالبة بتحقيق دولي.
وبدوره، قال الناشط السياسي بالحراك المدني الصحافي سمير سكاف للمشارق "لا نتأمل شيئا من التحقيق المحلي".
وأضاف أن التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت بتاريخ 4 آب/أغسطس أو في مقتل المتظاهرين خلال التظاهرات لم تصل إلى نتيجة، "لذا نفضل ونطالب بتحقيق دولي".
وذكر "نتابع كل القضايا وبخاصة الاغتيالات والقتل الذي طال الشباب ولا نهمل أي ناشط قُتل. ولقمان هو من رموز ثورة [تشرين الأول/أكتوبر]".