أكد خبراء للمشارق أن جيلا جديدا من الضباط بات اليوم يتمتع بنفوذ واسع في سلم قيادة الحرس الثوري الإيراني ويأخد مكان الجيل المؤسس بخطى ثابتة.
وأوضحوا أن ضباط الجيل الأول يشيخ تدريجيا، مشيرين إلى أن الإعلان عن أسماء وهويات العديد منهم قوض قدرتهم على تنفيذ عمليات فاعلة.
وقال الباحث المتخصصة في شؤون الحرس الثوري الإيراني وطرق تمويله وانتشاره، شيار تركو، إن العديد من هؤلاء مدرجين على لوائح العقوبات ومراقبين أو ملاحقين من قبل أجهزة الاستخبارات.
وأضاف أن هذا الأمر يجعل تنقلهم بين بلدان كالعراق وسوريا واليمن صعبا، ويشكل أحد الأساب التي دفعت الحرس الثوري الإيراني إلاى البحث عن قيادات جديدة وتعيين ضباطا مجهولين للإعلام كما لأجهزة الاستخبارات الدولية.
وأضاف تركو أن ذلك "ظهر جليا في تعيينات قادة فيلق القدس في مناطق حلب ودير الزور".
وذكر أن ضباط فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني "يتحكمون بعملية إنشاء الميليشيات الجديدة التابعة لهم وطرق التمويل التي تعتمد على فرض الاتاوات على المدنيين وتهريب الممنوعات والمخدرات، إضافة إلى كافة أنواع التجارة غير الشرعية".
وأشار إلى أن "الجشع والحاجة ومتطلبات هذا الجيل الجديد التي تختلف عن متطلبات الجيل القديم، دفعت به إلى القيام بالمزيد من النشاطات المشبوهة والصفقات الخاصة للحصول على جزء من الأموال".
وتابع أنهم يقومون بذلك "مستغلين الامتيازات التي يتمتعون بها"، مدعومين بعلاقاتهم المباشرة مع ضباط حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية الموالية للحرس الثوري الإيراني".
تنحي قدامي المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية لمصلحة الضباط الشباب
من جهته، قال الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية فتحي السيد، إن "تقدم سن ضباط الحرس الثوري القدامى الذين شاركوا بالحرب الايرانية العراقية ويعتبرون من مؤسسي المجموعة، شكل مأزقا كبيرا لها".
وأضاف للمشارق أن هؤلاء ضالعون بطبيعة الأعمال الداخلية للحرس الثوري الإيراني "وسيشكل تركهم للخدمة فراغا كبيرا المجموعة في غنى عنه في ظل الانتشار الذي تقوم به في المنطقة".
وتابع: "يبدو أن قرارا اتخذ باللجوء إلى الصف الثاني من القيادة وهم من الضباط الأصغر سنا".
وذكر أن الطريقة التي يعمل بها الحرس الثوري في تشكيل الميليشيات في بلدان خارج إيران وتمويلها، "أعطت العناصر والضباط الصغار أدواراً تنفيذية".
وتشمل استراتيجيات التمويل تهريب الأموال "وعقد صفقات الممنوعات والمخدرات وتهريبها"، مع استخدام الضباط الجدد للقيام بأدوار أساسية بدلا من الضباط المتقاعدين أو الذين انكشفت اسماؤهم وأنشطتهم".
وأضاف السيد أن "أكبر دليل على سطوة الجيل الجديد هو تعيين رئيس جديد لشركة خاتم الأنبياء وهو سعيد محمد، 50 عاما".
وكشف أن هذا التعيين تم بقرار مباشر من قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، وجاء "ليعكس الواقع الجديد للحرس الثوري خصوصا وأن شركة خاتم الأنبياء تعتبر الذراع التمويلية الأساسية للحرس الثوري الإيراني".
وأكد أن شركة خاتم الأنبياء تتمتع بحضور واسع في المنطقة "وباتت من أكثر شركات المقاولات انتشارا في منطقة الشرق الأوسط"، وتتحكم بمئات الشركات داخل إيران وخارجها.
ولفت إلى أن "محمد هو ضابط في صفوف الحرس الثوري الإيراني وسبق له أن شغل مناصب قيادية بالمؤسسات التابعة لشركة خاتم الأنبياء، ما سمح له بالتدرج والوصول إلى المنصب الأعلى فيها".
وأكد أنه منذ تأسيس هذه الشركة، كان تقلد هذا المنصب "محصورا بكبار الجنرالات من بين الرعيل الأول المؤسس للحرس الثوري الإيراني".
انقسام بين جيلين من القادة
من جانبه، أشار المحلل الاستراتيجي واللواء المصري المتقاعد يحيى محمد علي، أنه "على الرغم من الانزعاج الكبير لقادة الصف الأول من تصرفات ضباط الجيل الجديد وأفكارهم، إلا أن [صعودهم إلى السلطة] أصبح واقعا مفروغا منه".
وأكد للمشارق أن هذا الأمر لا تراجع عنه على الرغم من المخاوف العديدة التي يثيرها "ومنها إمكانية تسلل الأفكار التحررية ومطالبة هؤلاء الضباط بالتغيير والإصلاح".
وقال إن تدفق الأفكار الجديدة والمواقف التي تركز على التمويل وليس على الخبرة العسكرية هي انعكاس لما يحدث في المجتمع الإيراني ككل ، هو نتيجة ضمنية "للظروف الاقتصادية الصعبة السائدة".
واعتبر أن هذه الأفكار الجديدة وطرق ممارسة الأعمال التجارية قد "تعرقل مشاريع التوسع العسكري والسياسي التي وضعها الجيل القديم".
وسيكون له "تأثير مباشر على أفكار الحرس الثوري بكل أذرعته وخصوصا فيلق القدس والشركات الأساسية العاملة في فلكه"، وفق ما تابع.
ورأى محمد علي أنه من الطبيعي أن "تخف حدة الأفكار الراديكالية المتطرفة لتحل مكانها أفكار أقل تطرفا وقبولا للآخر".
وأضاف أن ذلك تسبب بموجة من الاعتراض داخل صفوف الحرس الثوري الإيراني نفسه بين دعاة الفكر التاريخي [للحرس] وأصحاب الأفكار الجديدة، وهو صراع لا شك أنه سيهز الصورة النمطية للحرس وقدرته على التأثير في الشارع الإيراني".
وختم بالقول أن التعتيم الذي يمارسه الإعلام الرسمي بقوة يعتبر نتيجة طبيعية للحفاظ على هيبة ومكانة الحرس وإرثه التاريخي الذي عمل عليه واحتفظ به منذ تأسيسه في بداية ثمانينات القرن الماضي.