قال مراقبون لديارنا إن مزاعم الفساد المالي قد لاحقت رئيس مجلس الشورى المنتخب مؤخرا محمد باقر قاليباف طوال مسيرته العسكرية والسياسية.
مع ذلك، تمكن الجنرال في الحرس الثوري وعمدة طهران السابق الذي تم انتخابه لولاية مدتها عام واحد في نهاية أيار/مايو، من شغل المناصب الرفيعة ويتمتع بدعم قوي من المرشد الأعلى علي خامنئي.
ويعد سبب الشهرة الرئيسي للسياسي البارز، شغله منصب عمدة طهران لمدة 12 عاما في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2017. وهو أيضا عضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ العام 2017، بعدما عينه خامنئي.
وقبل توليه منصب عمدة طهران، شغل قاليباف مناصب حساسة مختلفة، أبرزها منصب رئيس ذراع التمويل الرئيسي للحرس الثوري الإيراني وهي شركة خاتم الأنبياء للإعمار، وذلك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
هذا واتهم قاليباف بالفساد المالي عدة مرات على مدار العقود الماضية، إلا أنه تم تجاهل القضايا من دون التحقيق فيها، وهو ما يعزوه المراقبون لعلاقته مع خامنئي.
فضيحة عقارية كعمدة
وفي أيلول/سبتمبر 2016، أوردت الصحيفة الإيرانية "شرق" وغيرها من وسائل الإعلام أن قاليباف كان قد نظم عملية بيع نحو 100 ألف متر مربع من أراضي البلدية بسعر مخفض لعدد محدد من أعضاء مجلس المدينة.
وزعم أنه تم بيع الأراضي بسعر خُفض بنسبة 50 في المائة.
وفي العام نفسه، تمكن موقع معماري نيوز الإيراني المستقل المتخصص في الهندسة والذي لم يعد شغالا، من الوصول إلى تقرير سري أعده مكتب التفتيش العام بشأن فساد قاليباف، وقام بنشره.
وأشار التقرير إلى "الطبيعة غير القانونية لمنح العقارات السكنية أو التجارية أو العامة التابعة لبلدية طهران وبيعها".
لكن بدلا من اعتقال قاليباف، ألقي القبض على مدير تحرير الموقع ياشار سلطاني بتهمة نشر تقرير سري.
بعد ذلك، اتهم محمد علي نجفي الذي خلف قاليباف، المسؤولين في البلدية الذين كانوا تحت رئاسة هذا الأخير بإبرام عقود غير قانونية.
ووفقا لعبدالله باكي وهو محاسب في البلدية، فقد تكبدت المدينة خسائر قدرت بما لا يقل عن 2200 مليار تومان (525 مليون دولار في ذلك الوقت) نتيجة لبيع الأراضي بسعر مخفض خلال ولاية قاليباف.
وقال باكي في حديث لديارنا إنه كانت هناك قضية فساد أخرى أثناء تولي قاليباف منصب عمدة طهران.
وأوضح أن قاليباف وظف حوالي 13 ألف شخص عشية الانتخابات الرئاسية لعام 2017 للعمل الإداري، وهي خطوة اعتبرت على نطاق واسع على أنها غير ضرورية وغير مبررة، وقد كلفت بلدية طهران مئات المليارات من التومان.
وعند نهاية ولايته، ترك قاليباف البلدية مع دين وصل إلى 50 ألف مليار تومان.
غموض في شركة خاتم الأنبياء
وكان قاليباف أول رئيس لشركة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثوري الإيراني والتي تم إنشاؤها بأمر من خامنئي. وتعد هذه الشركة من أكبر شركات المقاولات الهندسية والصناعية وأكثرها نفوذا في البلاد.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد توکل آبادی لديارنا إنه طوال العشرين عاما الماضية، منحت عقود حكومية كبيرة لشركة خاتم الأنبياء بدون إجراءات أو قرارات رسمية. وذكر أن هذه العقود تشمل ما يلي:
- مشروع تطوير المرحلتين 15 و16 في حقل غاز الشمال النفطي، بقيمة 2.5 مليار دولار
- مشروع مد خط أنابيب عسلویه للغاز إلى مدينة إيران شهر، بقيمة ملياري دولار
- مشروع إنشاء أرصفة في الموانئ الإيرانية (بدون سقف مالي)
- مشروع إنشاء خط سكك الحدود من مشهد إلى سرخس
- التخطيط لإنشاء 4 صهاريج نفط سعة كل منها مليون برميل، إضافة إلى صهاريج بوتان وبروبان في جزيرة خارج
- مشروع خط أنابيب إيران-باكستان-الهند، بقيمة ملياري دولار
وقال مراقبون ووسائل إعلام إنه لم تنشر يوما النتيجة النهائية لهذه المشاريع من قبل شركة خاتم الأنبياء أو الحكومة الإيرانية، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت المشاريع التي تم إنجازها تفي بالمعايير والتوقعات.
غياب للشفافية المالية
وفي هذا السياق، تتولى شركة خاتم الأنبياء والشركات التابعة لها تنفيذ مشاريع مرتبطة بإنشاء الطرقات وبناء السدود وإنشاء خطوط أنابيب النفط والغاز.
ولا تقبل الشركة عقودا تقل قيمتها عن 100 مليار تومان، مع أن توکل آبادی يشير إلى أن شركاتها التابعة لا تنشر أية تقارير مالية.
يذكر أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة فرضتا في عام 2010 عقوبات على شركة خاتم الأنبياء والشركات التابعة لها لدعمها أنشطة الحرس الثوري الإيراني غير القانونية، بما في ذلك نشر أسلحة الدمار الشامل ودعم الإرهاب.
كذلك، لم تمتثل الشركة لقرارات مجلس الأمن الدولي السابقة التي تتعلق ببرنامج إيران النووي.
هذا وتعد شركة خاتم الأنبياء، بعد شركة النفط الوطنية الإيرانية ومؤسسة أستان قدس رضوي، أكبر قوة اقتصادية مركزية في إيران. فتملك أكثر من 800 شركة تجارية تعمل داخل إيران وخارجها، وفي المنطقة بصورة خاصة.
وأشار مراقبون إلى أن غياب الشفافية المالية يمكن أن يكون مؤشرا بارزا على الفساد.
وأكدوا أنه تحت قيادة قاليباف، شهدت شركة خاتم الأنبياء وبلدية طهران غيابا للشفافية. وسيتضح في الفترة المقبلة ما إذا كان قاليباف سيواصل اتباع أسلوب القيادة الغامض هذا في مجلس الشورى الإيراني.