بيروت -- قال محللون إن عدد الدول الأوروبية التي صنفت حزب الله على أنه جماعة إرهابية يزداد، وسط مخاوف جديدة بشأن أنشطته على الأراضي الأوروبية وفي ضوء الأعمال المزعزعة للاستقرار التي تمارسها داعمته إيران.
فقد أعلنت الحكومة الألمانية يوم الأربعاء، 19 أيار/مايو،حظر ثلاث مجموعات مقربة من حزب الله على خلفية تمويله.
وأوضح المتحدث باسم وزير الداخلية الألماني، هورست سيهوفر، أن "كل من يدعم الإرهاب لن يكون بأمان في ألمانيا... ولن يجد ملاذًا في بلدنا".
من جانبها، أعلنت النمسا مؤخرا حظر جناحي حزب الله السياسي والعسكري، متجاوزة سياسة الاتحاد الأوروبي التي تقضي بحظر ما يسمى بجناحه العسكري فقط.
وقال وزير الخارجية النمساوي، ألكسندر شالنبرغ، في 14 أيار/مايو، إن "هذه الخطوة تعكس الواقع. فالجماعة نفسها لا تميز بين ذراعيها العسكري والسياسي".
وأعرب عن أسفه لعدم حدوث تقدم فيما يتعلق بدعوة مجلس الأمن الدولي لنزع سلاح حزب الله.
ومن بين الدول الأوروبية الأخرى التي حظرت الحزب بكليته، هولندا وألمانيا وإستونيا وجمهورية التشيك وسلوفينيا، في وقت تواصل فيه فرنسا التمييز بين جناحيه.
وتزامن تصنيف النمسا لحزب الله مع إعلان الاتحاد الأوروبي أنه بصدد فرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين الذين يرى أنهم يعرقلون تشكيل الحكومة، حسبما أفادت وكالة رويترز في 12 أيار/مايو.
ويسعى الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا إلى تكثيف الضغط على السياسيين اللبنانيين، وسط أزمة اقتصادية وسياسية حُمل حزب الله جزئيا مسؤولية التسبب بها.
وتأتي التصنيفات الجديدة وسط جهود أميركية متزايدة لمواجهة أنشطة إيران الخبيثة وأجندتها التوسعية في المنطقة وخارجها.
وفي هذا الإطار، فرضت الولايات المتحدة في 11 أيار/مايو عقوبات على سبعة مواطنين لبنانيين على خلفية صلتهم بحزب الله، ودعت حكومات العالم إلى اتخاذ إجراءات ضد الحزب الذي وصفته بأنه تهديد عالمي.
حيث دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين "الدول في جميع أنحاء العالم، إلى اتخاذ خطوات لتقييد أنشطته وتعطيل الشبكات التي تسهل عمله".
’دور سلبي خفيّ‘
ورأى الكاتب السياسي إلياس الزغبي أن المزيد من دول العالم تلجأ لتصنيف حزب الله كجماعة إرهابية بسبب تنامي الإدراك العالمي لحقيقته كذراع تنفيذي لإيران.
وقال إن تزايد عدد الدول الأوروبية التي اتخذت موقفا ضد حزب الله "سيضغط على الدول المترددة، وخصوصًا فرنسا".
ولطالما سعت فرنسا لإبقاء بابها مفتوحا أمام جميع الأطراف اللبنانية ، بما فيها حزب الله.
لكن الحزب يلعب "دورا سلبيا خفيا في تقويض المبادرة الفرنسية" الهادفة لحل أزمة لبنان، وفقا للزغبي، ما يصعب على فرنسا التمسك بموقفها اتجاهه.
بالموازاة، لفت إلى أن الولايات المتحدة تحاول احتواء برنامج إيران النووي والصواريخ البالستية وتوسع النفوذ الإيراني في بعض الدول العربية، "خصوصا العراق وسوريا ولبنان واليمن".
ووفق مصدر سياسي فضل عدم ذكر اسمه، تتوجه الدول الأوروبية إلى تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية بعد حصولها على أدلة تثبت تورطه في أنشطة مرتبطة بالأمن والمخدرات والشبكات الإرهابية.
وأضاف أن تورط حزب الله بمثل هذه الأنشطة "يستند إلى أدلة عملية"، مشيرا إلى أن الحزب مارس تبييض الأموال وارتكب جرائم أخرى في أكثر من دولة.
وتابع أن راعية حزب الله إيران تقف وراءه، وهي تعمل على زعزعة استقرار المنطقة عبر أذرعها ومن خلال عمليات تبييض الأموال وتهريب المخدرات التي تمولهم.
وأكد أنه "لا يمكن لدولة أن تقوم في ظل وجود إيران"، في إشارة إلى الأزمة السياسية المتواصلة في لبنان وهيمنة حزب الله على عملية صنع القرار في البلاد.
ويعود ذلك إلى أنه مع انغماس حزب الله في الحكومة، فإن أجندة الميليشيا ومخططات تأمين إيرادات مالية تمكن الحزب وداعمته إيران من البقاء يسبقان في سلم أولويات الحزب مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني.
’رسالة واضحة إلى إيران‘
من جانبها، ستواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات على حزب الله كرسالة واضحة لإيران، كما فعلت مع أفراد مرتبطين بجمعية القرض الحسن التابعة للحزب، وهي في ظاهرها جمعية خيرية لكنها متهمة بالضلوع في تبييض الأموال.
وقال أستاذ العلوم السياسية والباحث بالعلاقات الفرنسية-الأميركية في الجامعة اللبنانية، نبيل الخوري، إن الدول الأوروبية باتت ترى تناقضا واضحا بين قيمها وأيديولوجية إيران ونظامها الاستبدادي.
ومع ذلك، تواصل فرنسا التمييز بين جناحي حزب الله السياسي والعسكري لأسباب جيو-سياسية مرتبطة بلبنان، حسبما تابع.
لكن "فرنسا لا تتساهل مع شبكات تمويل الحزب على الرغم من الحوار القائم معه منذ سنوات طويلة"، وفقا له.
وأوضح أن فرنسا مقتنعة أن حل مشكلة سلاح حزب الله لا يتم إلا بالحوار، وأن أية "محاولة لنزع سلاحه بالقوة ستقود إلى حرب أهلية".
وأكد الخوري أن فرنسا تقف ضد توسع نفوذ أذرع إيران في المنطقة، لكنها تسعى إلى وضع حد لأنشطة طهران التوسعية والجيو-سياسية عبر الحوار.
أما الولايات المتحدة، فهي تسعى عبر المفاوضات الجارية بشأن الاتفاق النووي لضبط إيقاع معين للاستقرار بالشرق الأوسط وحفظ أمن حلفائها بالخليج.