دبلوماسية

الدعم المقدم للبنان يتضاءل مع بقاء حزب الله في المشهد

فريق عمل المشارق

عناصر من حزب الله يشاركون في حفل إحياء الذكرى الثانية والأربعين للثورة الإيرانية في قرية الحلانية بسهل البقاع يوم 7 شباط/فبراير، وذلك تحت صورة لمؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني . [وكالة الصحافة الفرنسية]

عناصر من حزب الله يشاركون في حفل إحياء الذكرى الثانية والأربعين للثورة الإيرانية في قرية الحلانية بسهل البقاع يوم 7 شباط/فبراير، وذلك تحت صورة لمؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني . [وكالة الصحافة الفرنسية]

عقب الانفجار المدمر الذي وقع في مرفأ بيروت يوم 4 آب/أغسطس، سارع القادة الأوروبيون إلى الوقوف بجانب لبنان وتقدمهم حينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن يرى بعض المحللين اليوم أن دعمهم بدأ يتراجع.

فبعد ستة أشهر من الانفجار، لم ينفذ لبنان الإصلاحات المفصلية التي طُلبت منه وكان يتوقع تنفيذها، ويواصل حزب الله من جهة أخرى السيطرة على عملية صنع القرار السياسي وعلى مفاصل رئيسة أخرى.

هذا الوضع صعّب على الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية مواصلة الوقوف إلى جانب لبنان، وهي التي لطالما كانت من بين الجهات المانحة الرئيسة للبنان.

وكان ماكرون قد وصل إلى مكان وقوع الانفجار يوم 6 آب/أغسطس، حيث تعهد بأن فرنسا ستنسق جهود الإغاثة الدولية لمساعدة لبنان الذي كان يعاني أصلا من أزمة اقتصادية وسياسية وصحية.

وفي مؤتمر نظمته فرنسا يوم 9 آب/أغسطس واستضافته الأمم المتحدة، تعهد قادة العالم بتقديم أكثر من 298 مليون دولار أميركي للبنان، وأكدوا دعمهم للبنان في مؤتمر متابعة عقد يوم 2 كانون الأول/ديسمبر.

وفي 12 كانون الثاني/يناير، وافق البنك الدولي على تقديم مساعدة طارئة للبنان بقيمة 246 مليون دولار أميركي.

ومنذ البداية، شدد ماكرون وقادة أوروبيون وعالميون آخرون على أن الأموال مخصصة للشعب اللبناني، مشددين في الوقت عينه على الحاجة لإجراء إصلاح سياسي يشمل تشكيل حكومة جديدة.

وحذر ماكرون إيران من التدخل في شؤون لبنان.

تصاعد السخط على حزب الله

وحتى قبل انفجار المرفأ، أكد الكثير من اللبنانيين أنهم يعتبرون حزب الله الذي تدعمه إيران هو أصل مشاكل البلاد، وألقوا باللائمة عليه في عدم قدرة لبنان على الخروج من الأزمة.

ويعتبر الكثيرون أيضا أن الحزب الذي صنفته الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية كمنظمة إرهابية، هو السبب الرئيس وراء توقف المباحثات مع صندوق النقد الدولي.

وتعتبر أموال صندوق النقد الدولي المرصودة والتي تبلغ نحو 10 مليار دولار أميركي، حيوية لتعافي لبنان الاقتصادي.

وقد قالت الحكومة اللبنانية إنها تحتاج إلى 20 مليار دولار أميركي على شكل تمويل خارجي، وهو تقدير يشمل رزمة معونات بنحو 11 مليار دولار أميركي تعهد بها المانحون في مؤتمر سيدر في باريس عام 2018، بالإضافة إلى منحة صندوق النقد الدولي.

وبدون مساعدة صندوق النقد الدولي الإنقاذية، من غير المرجح أن يضخ المانحون المال في لبنان.

وشهد الداخل اللبناني ومن ضمنه الأوساط الشيعية،تصاعد السخط من حزب الله وعلاقته بالنظام الإيراني.

ففي تظاهرة أعقبت انفجار المرفأ، طالب المحتجون بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة ونزع سلاح حزب الله، ووصل بعضهم إلى حد الدعوة إلى محاكمة قائد حزب الله حسن نصر الله.

وباتت الدول الأوروبية تتبنى خطا أكثر تشددا حيال حزب الله، علما أن أغلبها منحه سابقا حقوقا تشغيلية كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي.

وفي السنوات الأخيرة، ارتفع عدد الدول التي صنفت حزب الله كمنظمة إرهابية بينها بريطانيا وألمانيا، وسط اعتراف متزايد بعدم وجود فرق بين جناحيه السياسي والعسكري.

إنهاء نفوذ حزب الله وإيران

ومنذ عام 1992، أقحم حزب الله نفسه في النسيج السياسي للبلاد، ما سمح له بالسيطرة على وزارات رئيسة وعرقلة عملية الإصلاح الضرورية.

وانتهك بصورة صارخة سياسة النأي بالنفس التي كان لبنان يتبعها حيال الصراعات الإقليمية، وذلك عبر مشاركته في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري.

وانتهك أيضا بنود قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يدعو إلى نزع سلاحه.

وحاول الحزب عرقلة مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وهي بعثة حفظ السلام التي أنشأت عام 1978 في جنوب لبنان والمكلفة بمساعدة القوات اللبنانية على نزع سلاح حزب الله.

وجدد مجلس الأمن الدولي في 28 آب/أغسطس ولاية قوة اليونيفيل حتى 31 آب/أغسطس 2021، مكررا إدانته لجميع محاولات عرقلة حرية تحرك عناصرها أو مهاجمتهم والاعتداء على عتادهم.

ودعا إلى ضمان وصولها الكامل للمواقع التي تريد التحقيق فيها والتي لطالما مُنعت من دخولها، بما في ذلك مواقع الأنفاق غير المشروعة العابرة للحدود التي يستخدمها حزب الله.

وقال المحلل السياسي ربيع طليس إن معظم المعابر الحدودية غير القانونية في لبنان "خاضعة لسيطرة حزب الله وتستخدم في تهريب أسلحة خفيفة وصواريخ دقيقة التوجيه ووقود وماشية وأغذية".

وأضاف أن عمليات التهريب تتم تحت إشراف حزب الله والحرس الثوري الإيراني والقوات الإيرانية.

بدورها، قالت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة إن إنقاذ اقتصاد لبنان يبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط والدخول مجددا في مباحثات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج إصلاح طويل الأجل.

وأضافت أنه من شأن هذا البرنامج أن يتطرق "لتقديم القروض والمنح المالية"، وينبغي أن "ينص على استبعاد حزب الله من المعادلة السياسية والحد من النفوذ الإيراني في لبنان".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500