سياسة

خسائر حزب الله في سوريا تقوض ثقة قاعدته به

نهاد طوباليان

عناصر وأنصار حزب الله اللبناني يحملون نعش مصطفى بدر الدين، أحد كبار قادة حزب الله الذي قُتل في هجوم في سوريا، متجهين إلى مقبرة الشهداء في حي الغبيري جنوب بيروت، يوم 13 أيار/مايو، 2016. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

عناصر وأنصار حزب الله اللبناني يحملون نعش مصطفى بدر الدين، أحد كبار قادة حزب الله الذي قُتل في هجوم في سوريا، متجهين إلى مقبرة الشهداء في حي الغبيري جنوب بيروت، يوم 13 أيار/مايو، 2016. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- يواصل حزب الله تكبد خسائر بشرية جسيمة نتيجة تدخله في سوريا، حتى بعد الانتصار الفعلي للنظام السوري.

على الرغم من توقف القتال في سوريا، ما يزال الحزب المدعوم من إيران يعاني من خسائر بشرية مع تعرض عناصره ومواقعه العسكرية وقوافل التهريب لضغوط متزايدة من الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري وجماعات أخرى.

وعلى الرغم من أن حزب الله والفرقة الرابعة بقيادة شقيق بشار الأسد، ماهر، حليفان، فقد تحولا إلى مزاحمين ومنافسين على عمليات تهريب المخدرات والسيطرة عليها في بعض المناطق.

وقال محللون للمشارق إنه لإيقاف خسائره التي وصلت إلى حد فقد ثقة قاعدته اللبنانية ودعمها، يفكر حزب الله في إعادة التموضع في سوريا والعودة إلى لبنان.

مقاتلون من حزب الله اللبناني يشاركون في عرض عسكري بمناسبة إحياء يوم شهدائه في الغازية جنوب صيدا، يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر، 2019. [محمود الزيات/وكالة الصحافة الفرنسية]

مقاتلون من حزب الله اللبناني يشاركون في عرض عسكري بمناسبة إحياء يوم شهدائه في الغازية جنوب صيدا، يوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر، 2019. [محمود الزيات/وكالة الصحافة الفرنسية]

فحزب الله سقط له عدد من قيادات الصف الأول في سوريا.

ففي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اغتال مسلحون مجهولون عنصرا مقربا من الحزب يعمل لصالح مجموعة مسؤولة عن تهريب المخدرات في بلدة خان أرنبة بالقنيطرة.

وفي هذا الإطار، أوضح منسق حراك جنوبيون للحرية حسين عطايا أن خسائر حزب الله بسوريا كثيرة، "لكن على الرغم من ذلك وعلى الرغم من استتباب الأمن في مناطق سيطرة النظام، ما زال والميليشيات الإيرانية متواجدين في سوريا".

عدم الثقة بين ’الأصدقاء‘

وقال عطايا للمشارق إن حزب الله يعيد تمركز قواته في القلمون الغربي وبعض مناطق ريف دمشق، "إثر خلافات وحوادث واشتباكات مع الفرقة الرابعة".

ووقع الخلاف بين الطرفين بعد أن وجهت الفرقة الرابعة انذارا في تموز/يوليو الفائت إلى حزب الله، "يقيد حرية تنقل عناصره على جانبي الحدود".

وأوضح أنه بدءا من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وضعت قيودا كثيرة على حزب الله، فطلب منهم مثلا ركن سياراتهم في الجانب اللبناني وعبور الجانب السوري سيرا على الأقدام.

وأضاف "انعدمت الثقة بين الفريقين على خلفية تقاسم عائدات تهريب المواد الغذائية والمشتقات النفطية وصناعة وتهريب المخدرات وحبوب الكبتاغون عبر معابر غير شرعية تخضع لسيطرة حزب الله".

وأشار عطايا إلى أن حزب الله "مني بخسائر فادحة منذ دخوله الحرب السورية، مع مقتل الآلاف من عناصره".

وذكر أن "الخسائر البشرية التي يتكبدها الحزب باتت تشكل مشكلة حقيقية له ولبيئته الحاضنة، لا سيما بعد توقف الحرب السورية، لأن حزب الله ما زال يدفع الثمن بشريا من عناصره".

وتابع أن حزب الله أعاد تموضعه في بعض النقاط جراء الخسائر الفادحة جراء استهداف قوافل الاسلحة الآتية من إيران إلى مستودعات الحزب في لبنان.

وآخر هذه الهجمات تعرض قافلة صهاريج لضربات أحدثت اضرارا بصهريجين وأوقعت نحو 20 قتيلا.

وأردف "يتعرض حزب الله لضربات موجعة ومؤلمة على مجمل الأراضي السورية من المعارضة السورية، وضربات من الفرقة الرابعة".

فقدان ثقة القاعدة

وفي حديثه للمشارق، قال مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات حسان قطب إن حزب الله "مني بخسائر ضخمة جدا بعديده البشري وعتاده العسكري منذ دخوله الحرب السورية".

وذكر أنه "يتعرض راهنا لضغوطات أمنية تستهدف عناصره، ما يكبده المزيد من الخسائر البشرية وخسارته ثقة بيئته به".

وأوضح أن العمليات العسكرية ضد حزب الله والميليشيات السورية المتحالفة معه تصاعدت مؤخرا، "من القنيطرة حتى مرتفعات القلمون مرورا بريف حمص وحماة ووصولا لدير الزور والبو كمال على الحدود العراقية السورية".

واعتبر أن الوضع الأمني في سوريا دفع ببيئته التي لم تبخل عليه بتجنيد الشباب الشيعي للقتال فيها للتساؤل عن مغزى الاستمرار في القتال بسوريا.

ولفت قطب إلى أن الناس أصبحوا يسألون "ما الأهداف التي تحققت ولمصلحة من؟".

وتابع أنهم يطالبون أيضا بأجوبة حول مستقبل ودور الحزب على الساحة السورية "مع انهيار الاقتصاد السوري وتفاقم الأزمة المعيشية في سوريا ولبنان".

وأشار إلى أن الخسارة الكبرى التي مني بها حزب الله هي تنصل بيئته منه بعد أن انحدر من كونه قلب "المقاومة" إلى مجموعة منتجة ومصدرة للمخدرات الممنوعة كحبوب الكبتاغون.

وصدر مؤخرا العديد من التقارير التي تتحدث عن مصانع المخدرات في شمالي البقاع، والاشتباكات اليومية مع الجيش اللبناني وملاحقته للمهربين وتجار المخدرات.

لا مكاسب لحزب الله

من جهته، اعتبر الكاتب السياسي طوني بولس أن حزب الله "سيعود في نهاية المطاف إلى لبنان ولن يستطيع تحقيق الهدف الذي من أجله شارك بالقتال في سوريا".

فوفقا له، فشل الحزب في إحداث تغيير ديموغرافي لتوسيع حدود سهل البقاع باتجاه المناطق السورية.

وأكد أنه بدلا من ذلك، حول القلمون والقصير اللتين طرد سكانهما الأصليين منهما إلى مزارع مخدرات ومراكز لتصدير الكبتاغون.

وتابع أنه بعد أن ضحى حزب الله بعناصره تحت ذريعة واهية هي "حماية الأضرحة الشيعية المقدسة"، يجد نفسه اليوم "محرجا أمام بيئته وعقيدته".

وأشار بولس إلى أن خسائر حزب الله في سوريا تفوق الـ 2000 بين قتيل وجريح ومعوق، ما أجبره لأن تكون لديه التزامات تجاه عائلاتهم.

في هذه الأثناء، فإن الأضرار التي ألحقها بحق الشعب السوري ترتد راهنا على لبنان، لأن "جرح السوريين يحتاج لوقت طويل ليندمل جراء ما اقترفه حزب الله بهم".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500