إقتصاد

أرباح التهريب تؤجج الخلاف بين حزب الله والفرقة الرابعة السورية

نهاد طوباليان من بيروت

حاويات تحمل الوقود الإيراني ينقلها حزب الله من سوريا إلى منطقة العين في بلدة الهرمل البقاعية شرق لبنان، يوم 16 أيلول/سبتمبر. [وكالة الصحافة الفرنسية]

حاويات تحمل الوقود الإيراني ينقلها حزب الله من سوريا إلى منطقة العين في بلدة الهرمل البقاعية شرق لبنان، يوم 16 أيلول/سبتمبر. [وكالة الصحافة الفرنسية]

بيروت -- أكد مراقبون وناشطون سوريون ولبنانيون أن الخلافات بين حزب الله والفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري قد تصاعدت في الأسابيع الأخيرة.

والسبب وراء هذه التوترات هو تقاسم أرباح تهريب المخدرات والمحروقات، ناهيك عن سعي الفرقة الرابعة للسيطرة على الأرض.

وتعد الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري، ماهر الأسد، تشكيلا نخبويا من الجيش السوري، وتهدف بشكل أساس إلى الدفاع عن الحكومة ضد التهديدات الداخلية والخارجية.

ولفت النشطاء إلى أن وتيرة الاشتباكات المسلحة بين الجانبين تتزايد، ووقع آخرها مطلع كانون الثاني/يناير الفائت في البادية السورية التي يتقاسم الطرفان النفوذ عليها.

شاب سوري يبيع الوقود في بلدة سرمين على بعد نحو 8 كيلومتر جنوب شرق مدينة إدلب في شمال غربي سوريا، يوم 10 آذار/مارس 2020. [أوزان كوزيه/وكالة الصحافة الفرنسية]

شاب سوري يبيع الوقود في بلدة سرمين على بعد نحو 8 كيلومتر جنوب شرق مدينة إدلب في شمال غربي سوريا، يوم 10 آذار/مارس 2020. [أوزان كوزيه/وكالة الصحافة الفرنسية]

وذكرت مواقع معارضة سورية أن هذه الاشتباكات وقعت على خلفية رفض الحزب مؤازرة الفرقة في حملتها ضد عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية " (داعش) في منطقة البادية السورية.

وفي التفاصيل أن قيادة حزب الله في منطقة خربة تياس بريف حمص، أبت إرسال تعزيزات لمساعدة الفرقة الرابعة بعد تعرضها لهجوم من داعش.

وأدى ذلك إلى نشر حواجز مؤقتة واعتقال عناصر من الجانبين، وقتل عنصران من حزب الله وعنصر من الفرقة الرابعة، فيما أصيب سبعة عناصر من الطرفين في الاشتباكات التي تلت ذلك.

واندلعت الاشتباكات بين الجابين مرة أخرى في وقت لاحق من شهر كانون الثاني/يناير، بعدما رفض حزب الله أن يدفع للفرقة عمولتها من حاويات النفط الإيرانية في منطقة خربة تياس بالقرب من قاعدة تياس (تي فور) الجوية.

وفي حديثه للمشارق، قال المتخصص في شؤون حزب الله الباحث الأكاديمي السوري تركي مصطفى، إن الاشتباكات أسفرت عن وفيات واعتقالات لدى كلا الجانبين وإقامة المزيد من الحواجز.

ووفق تقارير سابقة، فُرضت العام الماضي قيود وحظر تجول على قادة حزب الله، كما قامت الفرقة الرابعة بتشديد السيطرة على المعابر الحدودية.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أورد في شهر أيلول/سبتمبر أن نزاعا اندلع بين الجانبين عقب مرور حاويات محملة بالوقود الإيراني من سوريا إلى لبنان تحت رعاية حزب الله وحمايته.

وأضاف المرصد أن قوات الفرقة الرابعة في نقاط التفتيش كانت قد طالبت حزب الله بحصتها من المازوت في ضوء ندرة هذه المادة في الأسواق السورية.

احتكاكات متكررة

وبالسياق، أكد مدير شبكة تدمر الإخبارية، الناشط محمد حسن العايد، أن الوضع الميداني في البادية السورية "متوتر" بين الفرقة الرابعة وحزب الله.

وقال أن "المنطقة تشهد خلافات شديدة واحتكاكات متكررة".

وأوضح أن البادية في شرقي سوريا لها أهمية استراتيجية نظرا لقربها من الحدود العراقية والأردنية، ووجود معابر حدودية كثيرة فيها يستغلها حزب الله والفرقة الرابعة لتهريب المخدرات والأسلحة.

وفي الأشهر الأخيرة ضبطت القوات العراقية والأردنية بعضا من هذه العمليات.

وفي 27 كانون الثاني/يناير، قتلت قوات حرس الحدود الأردنية 27 مهرب مخدرات لدى محاولتهم دخول المملكة في الوقت نفسه من عدة مواقع من سوريا تحت غطاء من الثلوج.

ووفق العايد، فإن أساس الخلاف بين حزب الله والفرقة الرابعة "مرتبط بشكل وثيق بتجارة المخدرات والسيطرة على طرق التهريب والحواجز".

وتابع أن تلك الطرق والحواجز "تعتبر مصدر تمويل رئيسا للطرفين" عبر فرض الإتاوات والرشاوى مقابل تمرير المخدرات.

وأكد أن التوتر بين الفرقة الرابعة وحزب الله اللبناني والميليشيات السورية المنضوية تحت لواء حزب الله "ينسحب على مناطق متعددة خاضعة لسيطرة النظام".

ووفق مصطفى، فإن الاشتباكات التي وقعت بين الجانبين في أوائل شهر كانون الثاني/يناير ليست الأولى بينهما.

وأوضح أن "علاقتهما تشهد توترا غالبا ما ينتهي باشتباك مسلح".

أزمة مالية

وأوضح مصطفى أن سبب هذه الخلافات "مرتبط بمواجهة حزب الله أزمة مالية منذ توقف التمويل الإيراني عنه وتأثر الفرقة الرابعة من قانون قيصر".

ويتضمن قانون قيصر لحماية المدنيين لعام 2019 سلسلة من العقوبات تهدف إلى مساءلة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على جرائمه.

ويعاقب القانون أيضا جميع الشركات على مستوى العالم التي تتعامل مع النظام السوري، ويمنع تقديم المعونة الأميركية في مجال إعادة الإعمار لحين تقديم مرتكبي الانتهاكات في الحرب السورية للعدالة.

بدوره، أكد منسق حراك جنوبيون للحرية الناشط السياسي حسين عطايا، أن الخلاف بين حزب الله والفرقة الرابعة مرتبط بـ "العائدات الضخمة" من تهريب وتجارة المخدرات.

وقال إن "كلفة تصنيع حبة الكبتاغون تقدر بـ 35 سنت، فيما تُباع بأسواق الخليج بـ 20 دولارا"، مشيرا إلى أن مادة الأمفيتامين تؤدي إلى إدمان شديد.

وأضاف أنهما يتصارعان أيضا حول من يسيطر على المعابر الحدودية الموجودة أصلا وتلك التي استحدثها حزب الله بين لبنان وسوريا بعد تدخله بسوريا في عام 2012.

وأشار إلى أن الخلاف بين الجانبين "انسحب على البادية السورية، لا سيما في ريف حمص الشرقي وصولا إلى تدمر، وتفاقم الخلاف مع ضلوع قيادات حزب الله الميدانيين النافذين والمتمرسين في تهريب الآثار السورية".

ولفت عطايا إلى أن الخلاف زادت حدته مؤخرا لإصرار الفرقة الرابعة على تقاسم الحصص من عائدات التهريب، بما فيها حبوب الكبتاغون التي تنتجها ورش ومعامل الكبتاغون المنتشرة في منطقة القلمون الغربي وريف دمشق الغربي وريف حمص واللاذقية.

وأوضح عطايا أنه لهذا السبب، "أعادت الفرقة الرابعة نشر عناصرها في تلك المعابر وبدأت عملية مضايقة عناصر حزب الله والسياسيين اللبنانيين الذين يدورون في فلك الحزب، وذلك على معبر المصنع وجديدة يابوس".

واستدرك أن الفرقة تضيق على عابري المعابر الشرعية وغير الشرعية، ما أدى إلى ارتفاع وتيرة الاحتكاكات يوما بعد يوم.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500