بيروت - قال خبراء إن أنشطة حزب الله بالقرب من مقام السيدة زينب في الضواحي الجنوبية لدمشق تخدم خطة إيران الهادفة إلى إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا وتأمين الممر البري بين طهران وبيروت.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن حزب الله اللبناني "يعمل على توسيع قاعدة عسكرية سورية قديمة" جنوب دمشق لاستخدامها كمركز تدريب وعمليات للطائرات المسيرة.
ووفقا للمرصد، يشمل العمل الجاري في المجمع الواقع في منطقة السيدة زينب "أعمال بناء تحت الأرض"، يبدو أنها تهدف إلى "حماية الطائرات الإيرانية المسيرة من الضربات الإسرائيلية".
وقال المرصد إن حزب الله طرد المزارعين المحليين من أراضيهم لمنعهم من توثيق أنشطة البناء بالقرب من المقام الشيعي البارز والذي يعد منذ فترة طويلة وجهة للحج.
وأشار إلى أن الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معه سيطروا من جهة أخرى سيطرة شبه كاملة على قاعدة الديماس الجوية غربي دمشق، لاستخدامها بدلا من قاعدة تياس الجوية (تي-4) في محافظة حمص.
وفي مطلع الشهر الجاري، أعلنت إيران استئناف رحلات السياحة الدينية إلى دمشق بعد عامين من تعليقها بسبب جائحة كورونا، وذلك عقب حصولها على موافقة السلطات السورية الكاملة.
تخزين الأسلحة تحت الأرض
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن للمشارق إن عناصر حزب الله يقومون ببناء "تحصينات إسمنتية فوق الأرض وتحتها في منطقة خربة الورد قرب مقام السيدة زينب".
وأضاف "إنهم يحفرون الأنفاق والملاجئ ويخزنون فيها أسلحة وطائرات مسيرة انتحارية".
وتوجد الطائرات المسيرة الانتحارية المعروفة أيضا باسم "الذخائر المتسكعة"، حول المنطقة المستهدفة وتهاجم بمجرد تحديد الهدف بدقة.
وتابع عبد الرحمن أن "حزب الله يستخدم المزارات الدينية وخاصة مقام السيدة زينب كمقر لأنشطته التوسعية خدمة لمشروع إيران التوسعي".
وذكر أن الحزب المدعوم من إيران مهد الطريق لذلك من خلال طرد السكان المحليين وتوطين أجانب بذريعة حماية المقام، ومن بينهم عراقيين وأفغان.
وأضاف "لقد طردوا مؤخرا من تبقى من مزارعين خوفا من أن يتجسسوا عليهم لأن الحزب فقد ثقته في السوريين".
وبحسب عبد الرحمن، فإن الهدف الحقيقي من استئناف زيارات الحج الدينية "هو توطين العائلات الإيرانية بالقرب من مقام السيدة زينب والمقامات الشيعية الأخرى ليس إلا".
الهيمنة الإيرانية في دمشق
وقال عبد الرحمن إن نشاط حزب الله في منطقة السيدة زينب "يأتي في سياق المشروع الإيراني الرامي إلى فرض هيمنته على دمشق وبيروت".
وأشار إلى أن "إيران أقامت نقاط تفتيش تديرها ميليشياتها من البوكمال إلى حمص خدمة لمشروعها التوسعي وأجندتها الخاصة التي تشمل السيطرة على معبر البوكمال".
وأخضع هذا المعبر الحدودي الرئيس الذي يربط بلدة البوكمال السورية ببلدة القائم العراقية للسيطرة الإيرانية من قبل القائد المقتول لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وفي حديثه للمشارق، قال المعارض السوري سمير نشار إن جميع أنشطة حزب الله في السيدة زينب "تؤكد وجود مشروع توسعي إقليمي إيراني يمتد من طهران عبر العراق وسوريا إلى بيروت".
وأضاف أن إيران وحزب الله يعتبران الحدود السورية-اللبنانية المشتركة رئة التنفس الأساسية لمشروعهما الذي بدأ بحملة عنيفة لإحداث تغيير ديمغرافي في المناطق الحدودية.
وأوضح أنهما عبدا الطريق إلى ذلك مع إتمام "اتفاقية المدن الأربعة" عام 2017، والتي تم بموجبها نقل السكان الشيعة من مدينتي الفوعة وكفريا إلى مناطق في دمشق واقعة تحت سيطرة النظام.
موقع المخابرات الإيرانية
من جهته، أوضح المعارض السوري تركي مصطفى حديد للمشارق أن حزب الله أنشأ عام 2014 بعد تدخله إلى جانب نظام بشار الأسد، مدرسة أمن الدولة بمنطقة السيدة زينب.
وأضاف أن هذه المدرسة باتت "أهم موقع عسكري" لتدريب المقاتلين الموالين لإيران، حيث يخضعون لدورات لياقة بدنية وعسكرية ويتدربون على كيفية استخدام الأسلحة بإشراف مدربين من الحزب.
وأشار إلى أن حزب الله يستخدم مستودعات المدرسة منذ 2014 ليخزن فيها صواريخ حيدر الإيرانية قصيرة المدى، فيما الفرقة الرابعة نقلت ما تخزنه في مستودعاتها بالكسوة إليها.
ولفت حديد إلى ان حزب الله يطور راهنا هذا الموقع ويحصنه فوق الأرض وتحتها عبر توسيع الأنفاق وبناء مستودعات تحت الأرض لتخزين المزيد من الأسلحة والطائرات المسيرة.
وكشف أن حزب الله "فعّل قاعدة في مطار الديماس لطائرات شراعية طورها الإيرانيون مطلع عام 2019، وخصصه لتطوير طائرات مسيرة عن بعد لأغراض قتالية وتجسسية".
وأكد أن الحزب المدعوم من إيران يستخدم قاعدة الديماس أيضا "كقاعدة استخباراتية ومقرا للاجتماعات التي يحضرها قادة حزب الله".
حزب الله يتوسع قرب المقام
ووفق منسق حراك جنوبيون للحرية الناشط السياسي اللبناني حسين عطايا، فإن أعمال حزب الله في منطقة مقام السيدة زينب ليست بجديدة.
وأوضح أنه تم تحويل المدينة ومحيطها إلى معقل وقاعدة عسكرية مغلقة لحزب الله الذي بات الذراع الأقوى للحرس الثوري الإيراني، وذلك منذ دخوله الحرب إلى جانب النظام عام 2011 بحجة حماية المقامات المقدسة.
وأشار إلى أن حزب الله "يستخدم بعض القواعد العسكرية السورية التي هجرتها قوات النظام، ويرممها ويحصنها بإضافة أقبية تحت الأرض إليها".
وأضاف أنه يقوم بذلك "تحت إشراف ضباط متخصصين ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني الذي يدرب عناصر الحزب والحوثيين على كيفية استخدام المسيرات وتفخخيها بمواد متفجرة".
ووضع عطايا استئناف شركة الطيران الإيرانية لرحلاتها التي تنقل الحجاج الايرانيين لزيارة مقام السيدة زينب "في سياق الغطاء والتمويه لاستئناف نقل الأموال إلى حزب الله وبعض أنواع الاسلحة والذخائر" إضافة إلى المقاتلين.