شدد مراقبون ومعنيون على ضرورة أن يحول حزب الله تركيزه لإحلال الاستقرار في لبنان، في ظل تزايد الخسائر التي يتكبدها الحزب نتيجة تحالفه مع إيران وتورطه العسكري في سوريا.
وفي هذا السياق، قال صلاح منصور وهو أحد أقرباء مسؤول بارز سابق في حزب الله وكان مقربا جدا من صناع القرار في الحزب في منطقة البقاع قبل الانشقاق عنه، إن "حزب الله تكبد ولا يزال خسائر كبيرة وكثيرة في سوريا بسبب استمرار العمليات العسكرية".
وأضاف للمشارق طالبا استخدام اسم مستعار خوفا على سلامته، أن "الخسائر بالأرواح كبيرة جدا، حيث لا تزال ترد أخبارا عن مقتل العناصر في مناطق متعددة في سوريا".
وتابع أنه "خلال الشهر الأول من العام الحالي، تم الإعلان عن مقتل ما لا يقل عن 5 مقاتلين للحزب في سوريا، بينهم 2 من القادة الميدانيين".
وأشار إلى أن من بين القتلى مهيب النمر وجعفر الصادق وعمار درويش وعباس يونس وعباس طه.
وأوضح منصور أنه إلى جانب خسائره البشرية، تحولت خسائر حزب الله المادية إلى "أزمة مالية حقيقية بسبب الضغوط التي يتعرض لها الحرس الثوري الإيراني والأزمة الاقتصادية التي تمر بها إيران بشكل عام".
حالة بلبلة في صفوف حزب الله
ولفت منصور إلى أنه بالرغم من النتائج السلبية، لا يزال حزب الله يشارك بشكل فاعل في العمليات العسكرية في حلب وإدلب، كما أنه يعيد نشر عناصره في منطقة القلمون الغربي، "حيث أقام قاعدة عسكرية جديدة له في كتيبة الدفاع الجوي الواقعة بالقرب من بلدة جبعدين".
وتابع "كما سيطر على عدة تلال استراتيجية في المنطقة، بالإضافة إلى انتشاره داخل البلدة نفسها. وتعتبر هذه المنطقة استراتيجية جدا له، كونها تقع بمحاذاة الحدود اللبنانية السورية".
وأكد انتشار "حالة من البلبلة في صفوف الحزب وقاعدته الشعبية بسبب الخسائر المستمرة في الأرواح ويضاف إليها التقلص الكبير في الموارد المالية التي كانت تعد ميزة في السابق".
وأضاف أن "إحدى النتائج تتمثل أيضا بعدم إقبال الشبان على الالتحاق بصفوفه كالسابق".
وذكر "بالتالي، سمح مؤخرا لغير الحزبيين الالتحاق بالعمليات العسكرية في سوريا مقابل بدلات شهرية أقل بكثير من السابق، إذ لا تتعدى الـ 200 دولار، استغلالا منه لأوضاع لبنان الاقتصادية وانعدام فرص العمل وانتشار البطالة بين الشبان".
ضرورة ابتعاد حزب الله عن إيران
وبدوره، قال فتحي السيد الباحث المتخصص بالشأن الإيراني في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في الجيزة، إن الحل الأفضل لحزب الله واستمراريته كحزب "هو بالابتعاد عن المحور الإيراني وإبقائه على نشاطه السياسي السلمي في الداخل اللبناني".
وأشار إلى أن "أنشطة الجناح العسكري لحزب الله في لبنان وسوريا وتهديده الدائم لأمن المنطقة يجعل منه هدفا أو سببا لاندلاع أي عمليات عسكرية ضده".
وأضاف أن ذلك لن يضر فقط بحزب الله، بل أيضا بالشعب اللبناني والدولة اللبنانية.
وأكد أن لبنان "بغنى عن أي توترات في الوقت الحالي بسبب دقة المرحلة التي يمر بها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي".
وذكر أن "استمرار الحزب بسياسته الحالية ينبئ حسب مسار التطورات إلى المزيد من التعقيدات التي قد تصل إلى حد الانفجار الداخلي".
ولفت السيد إلى أن تبعية حزب الله للحرس الثوري "تضعه في المواجهة مع الولايات المتحدة وتعرضه للعقوبات المالية الهادفة إلى إضعافه ولجم تدخلاته في سوريا واليمن والعراق".
أوضاع الاقتصادية العامة للدولة اللبنانية التي تعاني أصلا من أوضاع مالية كارثية".
تهديد للسلام في الشرق الاوسط
ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي والأستاذ المحاضر في جامعة الأزهر في القاهرة عبد النبي بكار أن "استمرار الانتشار العسكري لتنظيم حزب الله اللبناني باعتباره ذراعا أساسيا للحرس الثوري الإيراني في المنطقة يعتبر التهديد الأكبر للسلام في الشرق الأوسط، ويؤثر [سلبا] على كل الجهود المبذولة لإرساء السلام خصوصا بين دولة إسرائيل والدول المحيطة بها كلبنان وسوريا".
وقال للمشارق "يستمر هذا الحزب ومن خلال تصريحات مسؤوليه بإطلاق التهديدات ونشر ثقافة الكراهية والحرب".
وأشار إلى أن "التنوع الطائفي والسياسي الذي يمتاز به لبنان يسمح له بإنشاء علاقات جيدة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والمالية".
ولكن أضاف أن "مواقف حزب الله الحالية المتشددة تسببت بخسائر سياسية ومادية كبيرة للدولة اللبنانية ومعها الشعب اللبناني".
وختم بكار قائلا إن على الحزب "ممارسة سياسة النأي بالنفس فعليا وعدم الانجرار أكثر وراء المواقف الإيرانية المعادية لمعظم دول العالم".