عدن -- ذكر خبراء أن الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، حيث من المتوقع أن يزداد عدد المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى 19 مليون شخص في العام 2022.
وفي تقريره الصادر في 7 حزيران/يونيو حول التوقعات الاقتصادية العالمية، حذر البنك الدولي من أنه "إلى جانب الأضرار التي تسببت بها جائحة كوفيد-19، تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا بزيادة الركود في الاقتصاد العالمي".
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي "يدخل فيما يمكن أن يتحول إلى فترة طويلة من النمو المحدود والتضخم المتزايد"، وهو ما "يزيد من خطر التضخم المصحوب بالركود الاقتصادي والذي قد تكون له تبعات سلبية على اقتصادات الدخل المتوسط والمحدود".
وقال بريت رينر الذي يرأس فريق عمل صندوق النقد الدولي والذي اجتمع بالسلطات اليمنية في عمّان بالأردن بين 31 أيار/مايو و7 حزيران/يونيو، إن "الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن في حالة تفاقم".
وذكر في بيان صدر بعد اللقاءات أنه "مع معاناة الشعب أصلا من حرب منذ 7 سنوات، أدت الحرب على أوكرانيا إلى تفاقم الأزمة".
وأضاف أنه "بحسب برنامج الغذاء العالمي، من المتوقع أن يزداد عدد المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي إلى 19 مليون شخص (أي ثلثي الشعب) خلال العام الجاري".
ويحتاج 24 مليون مواطن باليمن أصلا لشكل من أشكال المساعدة.
وأشار رينر إلى أن "ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية وتراجع سعر الصرف مؤخرا أوصلا نسبة التضخم السنوية إلى نحو 60 في المائة. وكمستورد للوقود، فاقمت أسعار النفط المرتفعة الضغوطات المرتبطة بميزان المدفوعات ومتطلبات التمويل [في اليمن]".
ولكنه تابع أنه "وسط هذه الظروف المليئة بالتحديات، أدى التقدم الأخير في مسار إحلال السلام إلى تحسين التوقعات المرتبطة بالاستقرار الاقتصادي"، علما أن الهدنة المستمرة حتى اليوم تنعكس إيجابيا على الثقة والتجارة.
ولفت إلى التأثير الذي شكلته أيضا حزمة تمويلية خارجية كبيرة أعلن عنها مجلس التعاون الخليجي في نيسان/أبريل، والتي خففت بعض الشيء من الضغوطات التي تشهدها الأسعار المحلية.
معاناة البلدان النامية
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي فارس النجار للمشارق إن "الدول النامية والتي تشهد صراعات ستكون أكثر تضررا من انعكاسات الحرب الروسية-الأوكرانية وارتفاع أسعار القمح".
وأضاف أن "ارتفاع أسعار النفط ونقص إمدادات القمح سينعكسان على جميع السلع والخدمات في جميع الدول لكن تأثيراتها كارثية على بلد مثل اليمن الذي يعاني من [الحرب]".
وقال النجار إنه قبل عامين، بلغ عدد اليمنيين الذين يعانون من حالة انعدام غذائي 16 مليون ونصف شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وأضاف أن ارتفاع هذا العدد بأكثر من مليوني يمني "يمثل تدهورا في الحالة الإنسانية والمعيشية بسبب استمرار الحرب".
وأشار إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع نظرا لارتفاع أسعار مشتقات النفط، علما أن ذلك أدى إلى ارتفاع عام في الأسعار.
وأضاف أن اليمن "يستورد 90 بالمائة من حاجته من الخارج، كما أن مدخلات الإنتاج المستخدمة في المصانع المحلية يتم استيرادها من الخارج أيضا، وهذا يجعله يتأثر سلبا بما يحدث".
وأشار النجار إلى عامل آخر يرفع أسعار المنتجات والخدمات "هو عدم استقرار سعر العملة الوطنية نتيجة التدهور الاقتصادي واستمرار انخفاض صادرات اليمن من النفط".
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن "الاقتصاد اليمني يعاني اختلالات هيكلية بسبب انقسام الموارد بين الأطراف المتحاربة وتعطيل الصادرات".
وأضاف أن ذلك أدى إلى "أدنى هبوط في سعر الريال اليمني في أواخر 2021 إلى 1650 مقابل الدولار الأميركي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية".
وأشار إلى أن انخفاض سعر العملة ساهم في ارتفاع نسبة التضخم إلى هذا المستوى القياسي والذي تسبب بارتفاع في أسعار السلع والخدمات.
حاجة ماسة إلى المساعدات
وأكد ثابت أن "ارتفاع الأسعار عالميا وانخفاض [قيمة] سعر العملة الوطنية والتدني في الأجور سيفاقم الأزمة الإنسانية وحالات الجوع وسيعزز من حالة انعدام الأمن الغذائي".
وتابع أن زيادة عدد اليمنيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ستنعكس أيضا على الصحة العامة، إذ سيصبحون أكثر عرضة لمختلف الأمراض والأوبئة.
ومن جانبه، قال مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي إن تحذيرات البنك الدولي تتوافق مع بيانات الأمم المتحدة والتي أشارت إلى أن 80 بالمائة من السكان هم بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة.
وأضاف أن "هناك مستويات لانعدام الأمن الغذائي وهناك تدهور مستمر للأمن الغذائي".
وذكر نصر أن هذا التدهور "هو نتيجة عدة عوامل منها استمرار الحرب وتكاليفها الباهظة".
وأشار إلى أن نسبة التضخم التي بلغت 60 بالمائة هي "عالية جدا".
وشرح أن "هذا يعكس فارق الكلفة التي يتحملها المواطن سنويا جراء التدهور المستمر في العملة الوطنية وما ينتج عنه من تأثيرات مباشرة على أسعار السلع".