إقتصاد

انخفاض قيمة العملة في اليمن في صلب تفاقم المجاعة

نبيل عبد الله التميمي

فتاة يمنية تعاني من سوء التغذية ترقد على سرير في عيادة بمحافظة حجة شمال اليمن مطلع عام 2020. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

فتاة يمنية تعاني من سوء التغذية ترقد على سرير في عيادة بمحافظة حجة شمال اليمن مطلع عام 2020. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

عدن -- بعد ست سنوات من الحرب التي اندلعت حين نفذ الحوثيون المدعومون من إيران (أنصار الله) انقلابًا في صنعاء، يعاني الاقتصاد في اليمن من أزمة فككت نظامه المالي وتركت شعبه يتضور جوعا.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد حذر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي من أن البلاد تقترب من أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود.

وأكدت منظمة هيومان رايتس ووتش أن أكثر من 20 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن 10 ملايين معرضون لخطر المجاعة.

ويعتبر خفض قيمة العملة، الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية للناس، سببا رئيسا في أزمة الغذاء المستشرية في اليمن، إذ ساهم تنافس المصرفان المركزيان في عدن وصنعاء في تدهورقيمة الريال اليمني.

يمنيون يقفون في طابور أمام مكتب للصرافة في عدن يوم 23 كانون الثاني/يناير 2020. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

يمنيون يقفون في طابور أمام مكتب للصرافة في عدن يوم 23 كانون الثاني/يناير 2020. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

صور للأوراق النقدية اليمنية القديمة والجديدة في مكتب للصرافة بمدينة عدن الساحلية الجنوبية في 23 كانون الثاني/يناير 2020. أدى اندلاع حرب العملة الوطنية التي يقف الحوثيون وراءها إلى انهيار الريال اليمني، ما تسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية التي تركت الملايين على حافة المجاعة. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

صور للأوراق النقدية اليمنية القديمة والجديدة في مكتب للصرافة بمدينة عدن الساحلية الجنوبية في 23 كانون الثاني/يناير 2020. أدى اندلاع حرب العملة الوطنية التي يقف الحوثيون وراءها إلى انهيار الريال اليمني، ما تسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية التي تركت الملايين على حافة المجاعة. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

ففي عام 2016، نقلت الحكومة اليمنية البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، ولكن ذلك لم يمنع البنك في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من مواصلة عمله من مقره التاريخي.

وأوصل ذلك النظام النقدي اليمني القائم على الريال إلى حد الانهيار، ما دفع الناس إلى التداول بالعملات الصعبة كالريال السعودي.

وفي كانون الثاني/يناير 2020، حظر الحوثيون التداول بالأوراق النقدية الجديدة التي يطبعها البنك المركزي في عدن، فتوقف الأهالي والصرافون عن التعامل بها تحت مغبة السجن مدة 10 سنوات.

وأحدث ذلك وفرة في الأوراق النقدية المطبوعة حديثا والمتداولة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ما أدى إلى تفاقم التضخم، فيما سارع سكان المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى تحويل أوراقهم النقدية القديمة إلى عملات صعبة.

وحدث ما هو متوقع مع كشف تقارير عدة صدرت مؤخرا عن تزوير الأوراق النقدية، حيث تمت مصادرة عملات مزيفة من الريال اليمني والسعودي في عدة مناطق، وإطلاق حملة لملاحقة شبكات للتزوير.

ولسنوات عدة، وجه مراقبون أصابع الاتهام بصورة مباشرة إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني بالوقوف وراء فوضى العملات المزيفة.

ضبط عملة مزيفة

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2017، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شبكة لمساعدتها فيلق القدس في تزوير العملات كجزء من مخطط واسع النطاق.

وقالت وزارة الخزانة إن الشبكة المكونة من أفراد وكيانات اشترت معدات ومواد متطورة لطباعة أوراق نقدية يمنية مزورة لصالح فيلق القدس، قد تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات.

ومنذ ذلك الحين، بات تزوير العملات يتصدر الأخبار في اليمن.

وذكرت صحيفة المشهد اليمني أن الشرطة صادرت مؤخرا في كانون الأول/ديسمبر أوراقا نقدية يمنية مزورة في أسواق بمدينة عتق عاصمة محافظة شبوة. وطال البحث محلات الصرافة في المدينة، كما اعتقل أشخاص عدة.

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، ذكرت صحيفة الأيام أن الأجهزة الأمنية بدأت في تعقب شبكة لتزوير العملات في محافظة لحج بعد ضبط أوراق نقدية يمنية وسعودية مزورة في سوبر ماركت ومتجر إلكترونيات في الحوطة.

وفي نيسان/أبريل 2020، أفاد موقع الأنباء الإخباري عن مصادرة القوات اليمنية نقود مزورة من فئة 5000 ريال من عناصر الحوثيين في جبهة لقشع بمحافظة الجوف.

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن تزوير العملة اليمنية "يصنفه البنك المركزي اليمني كجريمة جنائية بسبب عواقبه الوخيمة على انخفاض قيمة الريال اليمني".

وأضاف أن خفض قيمة الريال مرتبط بشكل مباشر بارتفاع أسعار المواد الغذائية، مشيرا إلى أن الحرب التي يشنها الحوثيون بالوكالة عن الحرس الثوري الإيراني قد "قضت على كل شيء في اليمن".

وكان برنامج الغذاء العالمي قد أفاد في كانون الأول/ديسمبر المنصرم أن سنوات الحرب في اليمن أدّت إلى فقدان العملة المحلية 250 في المائة من قيمتها وارتفاع أسعار المواد الغذائية بمتوسط بلغ 140 في المائة.

اقتصاد الحوثيين الموازي

من جانبه، أكد المحلل السياسي وضاح الجليل أن "الحوثيين استنزفوا مؤسسات الدولة المالية وحولوا إيراداتها لصالحهم ولإثراء قادتهم وخلق اقتصاد مواز خاص بهم".

وأوضح أن هذا الاقتصاد الموازي جاء على حساب اقتصاد الدولة.

وتابع الجليل "كان الأحرى بالحوثيين العمل على الحفاظ على قوة الاقتصاد اليمني لأنهم هم من يسيطرون على مؤسساته الاقتصادية والبنوك، بما فيها البنك المركزي في صنعاء".

وشدد على أن انتهاج إدارة نقدية مسؤولة كان ليدر عليهم "أموالا طائلة لخدمة مصالحهم".

لكن بدلا من ذلك، تزعزعت الأنظمة الاقتصادية والمالية في اليمن بشكل كامل حسبما قال، وباتت العملة الوطنية في أزمة.

وعزا هذا الوضع المتردي إلى تدخل إيران في اليمن عبر وكلائها الحوثيين، مؤكدا أن "الحوثيين مجرد أداة تستخدمها إيران وأنهم ينفذون أوامر الحرس الثوري الإيراني".

أما مدير مركز أبعاد للدراسات والأبحاث عبد السلام محمد، فقال إن الحوثيين كغيرهم من الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني يحاولون ملء خزائنهم وتمويل مجهودهم الحربي بوسائل مريبة.

وأردف أنهم نشطوا في أعمال تهريب الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى تزوير العملات بهدف خلق اقتصاد مواز للاقتصاد الوطني "لضمان تمويل عملياتهم العسكرية".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500