إقتصاد

مستوردو القمح في اليمن يحذرون من مجاعة جماعية

نبيل عبد الله التميمي

الطفلة اليمنية رندا علي البالغة من العمر 3 سنوات والتي تعاني من سوء تغذية حاد، ويساعدها والدها في عيادة بمخيم الخديش للنازحين في مديرية عبس بمحافظة حجة شمالي غربي اليمن في 19 شباط/فبراير. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

الطفلة اليمنية رندا علي البالغة من العمر 3 سنوات والتي تعاني من سوء تغذية حاد، ويساعدها والدها في عيادة بمخيم الخديش للنازحين في مديرية عبس بمحافظة حجة شمالي غربي اليمن في 19 شباط/فبراير. [عيسى أحمد/وكالة الصحافة الفرنسية]

عدن -- يتحسر أحمد مصلح وهو موظف في القطاع العام اليمني وأب لـ 7 أطفال، على الأيام التي كان يستطيع فيها شراء كيس طحين عبوة 50 كيلوغراما لتلبية حاجة عائلته من المواد الغذائية الأساسية.

وقال للمشارق إنه مع ارتفاع سعر عبوة الـ 50 كيلوغراما من 17 ألف ريال يمني (68 دولارا) إلى 25 ألف ريال (100 دولار) منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، بات يشتري الطحين بكميات صغيرة تتراوح بين 2 و3 كيلوغرامات في الأسبوع.

وأضاف مصلح أن "انقطاع المرتبات وارتفاع الأسعار وتوقف الأعمال حاصر قدراتنا الشرائية".

وتابع "أصبحت الحياة صعبة جدا وأصبحنا نفكر ليلا ونهارا في كيفية توفير المواد الغذائية الأساسية للأسرة".

العائلات اليمنية الفقيرة تستلم حصص الطحين والإمدادات الغذائية الأساسية الأخرى من جمعيات خيرية في لحج جنوبي اليمن في 29 آذار/مارس، مع تضاعف أسعار المواد الغذائية منذ العام الماضي، خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا وتعطل حركة استيراد القمح. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

العائلات اليمنية الفقيرة تستلم حصص الطحين والإمدادات الغذائية الأساسية الأخرى من جمعيات خيرية في لحج جنوبي اليمن في 29 آذار/مارس، مع تضاعف أسعار المواد الغذائية منذ العام الماضي، خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا وتعطل حركة استيراد القمح. [صالح العبيدي/وكالة الصحافة الفرنسية]

وحذر أحد كبار مستوردي القمح في اليمن الأسبوع الماضي من مجاعة جماعية وشيكة في البلد الذي مزقته الحرب نتيجة الانقطاع غير المسبوق لإمدادات القمح العالمية بعد غزو روسيا لأوكرانيا وحظر الهند تصدير القمح.

هذا وتفرض القوات الروسية حصارا على عشرات سفن الحاويات التجارية في موانئ أوكرانيا، فأوقفت تصدير القمح وزيت دوار الشمس وغيرها من المواد الغذائية إلى جانب أسمدة المحاصيل.

يُذكر أن اليمن يشتري نحو ثلث قمحه من أوكرانيا وروسيا.

وأدى ارتفاع أسعار القمح العالمية ووضع الأسواق المضطرب إلى جانب التعطيل الكبير في الإمدادات، إلى تراجع مخزون المواد الغذائية إلى بشكل متسارع في البلاد.

وفي خطاب إلى الزعماء الدوليين قبيل قمة أمن الغذاء العالمي التي عقدت في الأمم المتحدة بنيويورك في 18 أيار/مايو، دقت مجموعة هائل سعيد أنعم، وهي أكبر مستورد للقمح في اليمن، ناقوس الخطر وطالبت بطروحات سياسية محددة بهذا الشأن.

وقالت إن "هذه التطورات ستدفع أزمة الأمن الغذائي المستمرة في اليمن إلى نقطة اللاعودة".

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في نيسان/أبريل قائلة إن أكثر من 25.5 ملايين يمني من أصل الشعب البالغ عدده 30 مليون نسمة يعيشون تحت خطر الفقر بسبب الحرب.

وذكرت مجموعة هائل سعيد أنعم أنه "بدون تغيير جذري في المقاربة، هناك خطر وشيك بألا تصل إمدادات القمح المرسلة لليمن إلى المستويات الدنيا الضرورية لمنع دخول مئات آلاف الأشخاص الآخرين في حالة المجاعة".

أزمة وشيكة

وأشارت المجموعة إلى أن اليمن بحاجة إلى إجراءات استثنائية للحفاظ على إمداد متواصل من القمح وبرامج مساعدة لمئات الآلاف من الناس.

ودعت إلى إقامة صندوق خاص لتمكين مستوردي القمح اليمنيين من الوصول سريعا إلى التمويل لشراء القمح في الأسواق العالمية.

وطالبت أيضا بشروط دفع ميسرة لمستوردي المواد الغذائية اليمنيين في تعاملهم مع المزودين العالميين.

وقال مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية إن اليمن "مقبل على أزمة كبيرة فيما يتعلق بالقمح".

وأوضح أن مجموعة هائل سعيد أنعم تغطي 55 بالمائة من الحصة السوقية من القمح في اليمن، مشددا على أنه "يجب التعامل مع هذه الأزمة بجدية بحيث تكون هناك لجنة طوارئ وحساب خاص مدعوم لمستوردي القمح".

هذا وأعلن اليمن قبل شهرين أن مخزونه من القمح يكفي لـ 3 أشهر فقط.

وقال نصر إنه "تبقى شهر من نهاية هذا المخزون وما تم التعاقد لاستيراده لا يغطي احتياجات السوق حتى الآن".

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد العزيز ثابت إن الحرب الروسية-الأوكرانية ساهمت في زيادة موجة الجوع في اليمن، وإن الوضع تفاقم مع قرار الهند بحظر تصدير القمح لإعطاء الأولوية للاستهلاك المحلي.

وأوضح أن حظر الهند "فاقم الأزمة الإنسانية في اليمن ويهدد بمجاعة قريبة الحدوث خصوصا مع انعدام التمويلات لتأمين حاجة اليمن من القمح ويضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار القمح عالميا".

وأشار إلى عجز القطاع الخاص عن توفير الكميات المطلوبة من القمح لتغطية الاحتياج المحلي.

وتابع أنه سيكون لذلك أثر مباشر على قدرة المنظمات الإغاثية في توفير سلات غذائية للمحتاجين.

الوديعة السعودية

وفي هذا الإطار، أعلنت السعودية في 16 أيار/مايو عن تمديد وديعة كانت قد أعطتها للبنك المركزي التابع للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في العام 2018، ووافقت على أن تسدد الدفعة النهائية من المبلغ الذي كانت قد وعدت به والذي يبلغ مليارا دولار.

وذكرت وزارة المالية السعودية أنه سيتم تمديد فترة تسديد الوديعة لدعم وضع اقتصاد اليمن وعملته، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.

وقال البنك المركزي اليمني الذي يقع مقره اليوم في عاصمة عدن المؤقتة بعد أن نفذ الحوثيون المدعومون من إيران انقلابا في 2014 وسيطروا على صنعاء، إن الدفعة النهائية الواجب تسديدها تبلغ 174 مليون دولار.

وبدوره، قال السفير السعودي إلى اليمن محمد آل جابر على تويتر إن المحادثات جارية بشأن وديعة جديدة بقيمة ملياري دولار من السعودية والإمارات.

وشدد الخبير الاقتصادي فارس النجار على أهمية استخدام الوديعة السعودية، قائلا إن هذه الأموال لعبت دورا أساسيا في توفير العملة الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية.

وتابع "يأتي دور الحكومة من خلال بنكها المركزي الذي يجب أن يساعد رجال الأعمال في توفير النقد الأجنبي".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500