أريحة، سوريا -- عمل عناصر الإنقاذ التابعون للدفاع المدني السوري، والمعروفون بالخوذ البيضاء، على تصوير فيديو تعليمي موجه للمتطوعين الأوكرانيين من مبنى متضرر جراء القذائف في محافظة إدلب شمالي غربي سوريا.
ويشمل الفيديو التعليمي الذي صور في بلدة تضررت كثيرا إثر القصف والغارات الجوية للنظام السوري وروسيا، إرشادات تم اكتسابها من التجربة الفعلية في علاج الضحايا ومواجهة استراتيجية روسيا الحربية.
وباستخدام دمية، أظهر أفراد من الخوذ البيضاء كيفية وضع الضمادات والعاصبات في فيديو صوّر في بلدة أريحة التي استهدفت بصورة منتظمة بالغارات الجوية الروسية.
ويشكل الفيديو، الذي يقدم مجموعة من مبادرات الإنقاذ الأخرى، المثال الأحدث على الجهود التي يبذلها السوريون لمشاركة الأوكرانيين معلوماتهم المريرة المستقاة من تجربة حرب دامت أكثر من عقد.
ويشمل ذلك النجاة من القصف المتواصل وكيفية التعامل مع الهجمات الكيميائية.
وفي هذا السياق، قال المنقذ المتطوع اسماعيل العبدالله أمام الكاميرا وباللغة الإنجليزية وتظهر المباني المدمرة في الشارع خلفه، "كمستجيبين أوائل، نعتقد أنه بإمكاننا مشاركة تجاربنا في سوريا مع عمال الإغاثة الإنسانيين في أوكرانيا".
وذكر العبدالله أن استهداف روسيا للمدارس والمستشفيات والعمال الإنسانيين في أوكرانيا هو "للأسف أمر مألوف تماما بالنسبة لنا" بعد سنوات من مواجهة أعمال وحشية مماثلة.
ʼعشنا التجربةʻ
وفي الفيديو، حذر المنقذين الأوكرانيين من "الغارات المزدوجة"، حيث يلي الغارة الأولى هجوما ثانيا يشن بعد تجمع المنقذين في موقع الاستهداف.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن هدف المبادرة يكمن في إنتاج مواد تعليمية ستترجم إلى الأوكرانية وسيتم تحميلها على الموقع الإلكتروني للخوذ البيضاء.
ويهدف المحتوى لمساعدة المنقذين والمدنيين في أوكرانيا على التعامل مع استراتيجية القصف الروسية التي تم تطويرها خلال الحرب السورية.
وأوضح العبدالله "نقدم هذه المشورة ليتجنب المنقذون الأوكرانيون... سقوط ضحايا" سواء كان من المدنيين أو المسعفين الأوائل في مهمات الإنقاذ.
يُذكر أن روسيا كانت قد تدخلت في الصراع السوري عام 2015 دعما لنظام بشار الأسد.
ويستخدم الروس اليوم في الأراضي الأوكرانية الاستراتيجيات التي طورتها موسكو في سوريا، بما في ذلك محاصرة المدن لقصف البنية التحتية المدنية وتنظيم ما يسمى بـ "الممرات الإنسانية".
ودعا العبدالله عناصر الإنقاذ في أوكرانيا إلى توثيق عملهم باستخدام كاميرات غوبرو "لضمان الموثوقية" وحماية أنفسهم من حملات تشويه السمعة التي سبق أن استخدمت لتقويض أعمال المسعفين الأوائل.
وبدوره، عبّر الطالب السوري في كلية الطب مصطفى الحاج موسى والذي يظهر في الفيديو التعليمي عن أمله بأن تساعد الإرشادات الشعب الأوكراني "في التعامل مع الإصابات التي قد يشهدونها في أية لحظة".
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "عشنا التجربة ورأينا الضحايا"، وعبر عن أمله في أن تساعد تجربته مسعفين آخرين في "إنقاذ الأرواح".
تضامن سوري
هذا وقدمت الخوذ البيضاء دعما قويا لشعب أوكرانيا، فنشرت بيانا أكدت فيه تضامنها في 22 شباط/فبراير أي قبل يومين فقط من مهاجمة روسيا لجارتها في 24 من الشهر نفسه.
وجاء في البيان "في ظل تعرض السوريين لأكثر من عقد من الاعتداءات الروسية، نعيد نحن الخوذ البيضاء التأكيد على تضامننا مع شعب أوكرانيا ونقف إلى جانبه في مواجهة الإرهاب".
وتابع "ندين بأشد العبارات الاعتداءات الروسية بحق الشعب الأوكراني. يؤلمنا للغاية أن نعلم أن الأسلحة التي اختبرت على السوريين ستستخدم اليوم ضد المدنيين الأوكرانيين".
وفي 2 آذار/مارس وفي السياق نفسه، نشرت الخوذ البيضاء فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي أعاد فيه عناصر الدفاع المدني التأكيد على تضامنهم مع عمال الإغاثة الإنسانية في أوكرانيا والشعب الأوكراني.
وقال أحد هؤلاء العناصر في الفيديو "لا تزال ذكرى آلاف الضحايا الذين قمنا بإنقاذهم خلال عملنا في سوريا حية في ذاكرتنا ولا نستطيع نسيانهم أو نسيان الألم الذي عانوه".
وأضاف "يعيش الشعب الأوكراني مأساة مماثلة لتلك التي عاشها ولا يزال يعيشها الشعب السوري".
الأساليب نفسها في سوريا
ويوم الجمعة، 8 نيسان/أبريل، أسفر هجوم صاروخي روسي نفذ على محطة قطار في كراماتورسك شرقي أوكرانيا عن مقتل ما لا يقل عن 57 شخصا بينهم 5 أطفال.
ولفتت الخوذ البيضاء إلى أن روسيا استخدمت الأساليب نفسها في سوريا عندما هاجمت الممرات الإنسانية.
وقال الدفاع المدني في 4 نيسان/أبريل "لقد صدمنا من الأخبار والصور المرسلة من بوتشا. من الضروري مساءلة روسيا عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها من سوريا إلى أوكرانيا".
وتابع "يجب وقف عملية ذبح الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في الشوارع".
هذا وتستمر روسيا بتنفيذ غارات جوية في شمالي غربي سوريا.
وقالت الخوذ البيضاء إن الطائرات الحربية الروسية نفذت في 4 نيسان/أبريل 8 غارات جوية استهدفت أطراف قريتي سفوهن وفليفل في جنوب محافظة إدلب.
وذكرت المجموعة أنه في وقت لاحق من اليوم نفسه، قتل 4 أطفال في قصف مدفعي للنظام السوري وروسيا في بلدة معارة النعسان شرقي إدلب أثناء عودتهم من المدرسة.