روسيا استغلت سوريا كأرض تجارب لأسلحتها استعدادا لغزو أوكرانيا

قبل شن غزوه غير القانوني لأوكرانيا الأسبوع الماضي والذي أدى إلى مقتل عشرات المدنيين حتى اليوم وأثار موجة استنكار عالمية، اختبر الجيش الروسي ترسانته في سوريا مستخدما السوريين كفئران تجارب وبلادهم كميدان للتدريب.

ولم تُخفِ روسيا استغلالها لدورها في سوريا، واعترفت علنا أنها اختبرت "جميع أنظمة الأسلحة الروسية الحديثة هناك".

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن روسيا اختبرت أكثر من 320 نوعا من الأسلحة في سوريا، حسبما أفادت وكالة الأنباء الروسية (تاس) في 30 آب/أغسطس.

وأضاف "في الواقع، اختبرنا جميع الأسلحة [في سوريا]، باستثناء الإصدارات سهلة الفهم"، وتباهى بأن قطاع الدفاع الروسي بات أكثر متانة بكثير خلال السنوات الأخيرة.

وتم في سوريا أيضا اختبار مروحيات صنعتها شركة روستفيرتول في منشأة في روستوف-أون-دون، مما أدى إلى تحسين قدرات الأسلحة الروسية، بحسب ما أكده شويغو خلال زيارة للمصنع.

وتم كذلك تحديث دبابات أوران 9 الروسية بعد استخدامها في سوريا، حسبما أفادت تقارير سابقة.

وفي حزيران/يونيو، ذكرت مجلة بريكينغ ديفانس الرقمية أن أجهزة الاستشعار الإسرائيلية رصدت ما اشتبه محللون بأنه اختبار أجراه سلاح الجو الروسي لصاروخ كينجال ذي سرعة فرط صوتية فوق البحر الأبيض المتوسط بعد إطلاقه من سوريا.

وقالت مصادر إسرائيلية إن الاختبار أجري على الأرجح بعد إقلاع طائرة روسية من قاعدة حميميم الجوية التي تسيطر عليها روسيا في محافظة اللاذقية السورية.

وقالت المجلة إن صاروخ كاي أتش-47 إم2 كينجال هو صاروخ روسي يطلق من الجو ويمكن تحميله حمولة نووية. وأشارت إلى أن مداه 2000 كيلومتر ويمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ وهو قادر على أداء مناورات سرية.

وأفادت وسائل إعلام روسية أن صاروخ كينجال أطلق من طائرة ميغ-31 كاي على هدف افتراضي في البحر الأبيض المتوسط.

مسرح للتجارب

وذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء أن روسيا تختبر أسلحة في سوريا منذ دخولها الحرب عام 2015، كما أكده نائب وزير الدفاع الروسي السابق يوري بوريسوف في تصريح له في آب/أغسطس 2017 خلال زيارته لمعرض أسلحة خارج موسكو.

وقال بوريسوف "عمليا، مرت جميع الأسلحة الجديدة عبر مسرح الحرب السورية حتى تتاح لنا فرصة الاطلاع على خصائصها الحقيقية وطريقة أدائها".

وتابع "توجب علينا التخلي عن عدد من الأسلحة لأن التجربة أظهرت أنها لا ترقى لما هو مطلوب منها".

وفي 2 شباط/فبراير 2018، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن النائب الروسي فلاديمير شامانوف قوله إن روسيا اختبرت "أكثر من 200 نوع جديد من الأسلحة" في سوريا "خلال مساعدتنا للشعب السوري الشقيق".

ويأتي هذا التصريح وسط اتهامات لروسيا بالمشاركة في غارات جوية مميتة على الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة خارج دمشق، حيث قتل أكثر من 350 مدنيا في غضون 5 أيام.

ويأتي أيضا مع صدور تقارير أفادت أن روسيا نشرت نموذجها الأولي لمقاتلة الشبح سو-57 في سوريا، وأكد مصدر لوكالة أنباء آر بي كاي أنه تم إرسال طائرتين إلى حميميم "لاختبارهما في ظروف واقعية".

وطوال فترة الصراع في سوريا اتهمت روسيا التي دخلته لدعم نظام بشار الأسد، بتنفيذ عمليات قصف عشوائي تسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين.

انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا

وفي نيسان/أبريل الماضي، أصدرت جماعات حقوقية في موسكو تقريرا يدين دور روسيا في الصراع، مطالبة الروس بتحمل مسؤولية الانتهاكات التي شهدتها سوريا.

وسعى التقرير المؤلف من 200 صفحة والذي أعدته أبرز منظمة حقوقية روسية هي منظمة ميموريال بالتعاون مع العديد من المنظمات الأخرى، إلى تسليط الضوء على ضحايا الأعمال العسكرية الروسية في سوريا.

وتضمن مقابلات مع أكثر من 150 شاهدا على الأحداث التي جرت في سوريا.

وقالت المنظمات الحقوقية إن "الغالبية العظمى من الذين تمت مقابلتهم لا يرون روسيا كمنقذ، ولكن كقوة أجنبية مدمرة ساعد تدخلها العسكري والسياسي في دعم مجرم الحرب الذي يقود بلادهم".

وأضافت أن "بعض الأشخاص الذين قابلناهم كشفوا أنهم أو أحبائهم كانوا ضحايا القصف الروسي".

وفي أواخر العام الماضي، حظر الكرملين عمل منظمة ميموريال في خطوة وصفها النقاد والمؤرخون بأنها أوضح مؤشر حتى الآن على رغبته في السيطرة ليس فقط على حاضر روسيا ولكن على ماضيها أيضا.

ولفت النقاد إلى أنه في ضوء هجومه على أوكرانيا، يبدو أن الكرملين يسعى أيضا من وراء إغلاق منظمة ميموريال إلى إسكات ضمير روسيا.