القاهرة -- ذكر محللون قانونيون أن جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الجنرال الروسي ألكسندر تشايكو في أوكرانيا ستنتهي حتما بمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقد عاد الجنرال الروسي الموصوم، الذي أقيل من منصبه كقائد للمنطقة العسكرية الشرقية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي وسط سلسلة نكسات في ساحة المعركة في أوكرانيا، إلى سوريا حيث عرف سابقا بوحشية ممارساته.
وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة القاهرة وائل الشريمي إن "القانون الجنائي الدولي أجاز للمحكمة الدولية أن تحاسب ليس فقط الدول والحكومات [...] بل أيضا أن تحاسب الأفراد مهما كانت رتبهم".
وأضاف أن سبب ذلك يعود إلى وجود بعض الأفراد في موقع مسؤولية اتخاذ القرار.
وتابع أن المدعي العام للمحكمة الدولية فتح تحقيقا في الجرائم المرتكبة بحسب المزاعم من قبل القوات الروسية في أوكرانيا، وهو تحقيق لن يطال تشايكو فحسب، "بل أيضا مجموعة كبيرة من الأشخاص الأقل منه رتبة والأعلى منه".
وأشار إلى أن ذلك سيكون "وصولا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة والقرارات العسكرية لا تمر إلا من خلاله".
وأكد الشريمي أن الجرائم التي ارتكبها تشايكو في أوكرانيا وسوريا تندرج من دون أدنى شك "ضمن الجرائم الجنائية الدولية وجرائم ضد الإنسانية" بحسب نظام روما الأساسي.
يُذكر أن نظام روما الأساسي يحدد بنية المحكمة الجنائية الدولية ومجالات اختصاصها بالنسبة إلى 4 جرائم دولية أساسية، هي الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان.
وقال الشريفي إن روسيا ستخضع أيضا لتدقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الانتهاكات التي ارتكبتها في أوكرانيا قبل الحرب، كقمع التظاهرات بالقوة وفرض الأحكام العرفية بالقوة لمنع التظاهرات الشعبية.
جرائم موثقة
والجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية في سوريا تحت قيادة تشايكو "وثقت من قبل ناشطين إعلاميين وعاملين في مجال حقوق الإنسان"، حسبما ذكر المحامي السوري بشار البسام.
وأضاف أنه تم توثيقها أيضا من قبل هيئات طبية وشبه طبية معترف بها دوليا، مثل الدفاع المدني السوري أو ما يعرف بالخوذ البيضاء.
وأرسلت الخوذ البيضاء أدلة على جرائم روسية إلى الهيئات الدولية، ولا سيما تلك التي ارتكبت في العام 2019، عندما تكبدت مناطق سورية خسائر بشرية ومادية فادحة تحت أوامر تشايكو.
وقال البسام إن تلك الأوامر نفذت "بدقة تامة على الأرض بواسطة صواريخ وقوات المشاة والقوات الجوية".
وتابع أنه في أوكرانيا أيضا، وثقت الهيئات والمنظمات الإعلامية الدولية الجرائم الروسية منذ اليوم الأول من الحرب.
ويشكل هذا السبب الرئيسي وراء قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح التحقيقات.
عزلة دولية لروسيا
وبدوره، قال الباحث السياسي عبد النبي بكار إن إحالة جرائم الحرب التي ارتكبها تشايكو في سوريا وأوكرانيا إلى المحكمة الجنائية الدولية "ستضع روسيا في موقف صعب على المستوى السياسي والدولي".
وأضاف أن ذلك سيزيد من العزلة الدولية لروسيا "وسيزيد من صلابة المجتمع الدولي الذي يضم عددا كبيرا من الدول العظمى المناهضة للتدخلات الروسية الدموية".
وذكر أنه "بالتالي فإن ما تعتبره روسيا انتصارات لها على الأرض في سوريا وأوكرانيا سيتحول إلى أعباء كثيرة قد تؤثر على هيكل القيادة الروسية ككل بدءا من رأس الهرم".
وقال إنه في ظل الخسائر البشرية والكلفة العالية على الخزانة الروسية، سيكون على بوتين مواجهة الشعب الروسي لتبرير مغامراته التوسعية العقيمة.
وأضاف أنه بالنسبة للدول المتحالفة ضد المخططات التوسعية الروسية، سيكون لها الدعم القانوني والدولي والإعلامي لمواصلة التصدي لها.
وأشار إلى أن أزمة اقتصادية "ضربت أيضا العالم أجمع بسبب جنون الأحلام الروسية"، لافتا بذلك إلى تهديدات روسيا بشأن خطوط إمداد الحبوب والغاز في وقت كان الاقتصاد العالمي يبدأ فيه بالتعافي من وباء كورونا.
وذكر بكار أنه من هذا المنطلق، يشكل مجرد تلويح روسيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي جريمة ضد الإنسانية، بما أن الضحايا الوحيدين سيكونون المدنيين الذين سيعانون من هذا الانقطاع.