افتتح الرئيس الإيراني حسن روحاني في آخر أسبوعين له في منصبه يوم 22 تموز/يوليو محطة نفط في ميناء جاسك على خليج عمان تهدف للالتفاف على مضيق هرمز وإنشاء مسار بديل لصادرات النفط.
ويعد المشروع، الذي تشير التقارير إلى أنه غير مكتمل، في ظاهره خطوة استراتيجية من شأنها أن تمكّن إيران التي تعتبر مصدّرا رئيسيا للنفط الخام، من تجاوز مضيق هرمز حيث وقعت مواجهات عديدة بين السفن الأميركية والإيرانية في الماضي.
وفي حالة التوصل لنتيجة إيجابية من مفاوضات الاتفاق النووي، من شأن المحطة أن تسمح لإيران بزيادة مبيعاتها من النفط، مع أنه توجد أدلة كثيرة على أنها مستمرة في تصدير النفط بصورة غير قانونية، وذلك في خطوة تنتهك العقوبات.
وإن المفاوضات المتعثرة التي من المقرر أن تستأنف في ولاية الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي الذي سيتولى مهام منصبه اعتبارا من يوم 3 آب/أغسطس، تهدف لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي يعرف بخطة العمل الشاملة المشتركة.
ويتمثل هدف إيران النهائي من المحادثات في رفع العقوبات.
في هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن يوم الخميس إنه مع أن واشنطن مستعدة للمفاوضات حول الاتفاق النووي مع إيران، فإن المباحثات لا يمكن أن تتواصل إلى أجل غير مسمى.
وتتباهى إدارة روحاني بقولها إن المحطة الجديدة في ميناء جاسك ستسمح بتصدير النفط الخام من محافظة هرمزغان للمرة الأولى.
وستسمح أيضا للناقلات بتجنب مضيق هرمز، وهو ممر يبلغ عرضه في أضيق نقاطه أقل من 40 كيلومترا.
وفي كلمة ألقاها في 22 تموز/يوليو، قال روحاني إن إيران لم تتمكن حتى الآن من تصدير النفط إلا عبر جزيرة خرج، مشيرا إلى أن المشروع الجديد يسمح لقطاع النفط بالبلاد بأن "يتحرر من الخليج الفارسي ويستقل عن ميناء واحد".
الاحتفال بعمل غير مكتمل
هذا وقد قوبل حفل التدشين الخاص بالمحطة الجديدة الذي شارك فيه روحاني عبر مؤتمر فيديو، بانتقادات لاذعة من المعلقين الإيرانيين.
وفي الكثير من وسائل الإعلام المحلية، عبّر المنتقدون عن وجهة نظرهم بأن الرئيس الذي شارفت ولايته على الانتهاء افتتح مشروعا غير مكتمل لغرض "الاستعراض" في الأيام الأخيرة من ولايته الثانية ووصفه زورا بأنه "إنجاز عظيم".
وقد أعلنت الحكومة الإيرانية أن مشروع جاسك سيؤمن صادرات النفط من كل من الخليج الفارسي وخليج عُمان.
ولكن كانت إيران الطرف المعتدي في مضيق هرمز، حيث هددت بإغلاق الممر المائي الاستراتيجي عدة مرات في السنوات الماضية.
وعلى سبيل المثال، شن الحرس الثوري الإيراني في أيار/مايو 2019 هجمات أدت إلى تضرر 4 سفنا تجارية في المضيق، ثم كرر تلك الهجمات على سفينتين أخريين في الشهر التالي.
وفي تموز/يوليو من ذلك العام، احتجز الحرس الثوري ناقلة نفط تحمل علم بريطانيا وناقلة نفط إماراتية في حادثتين منفصلتين.
وبعد يوم من افتتاح محطة ميناء جاسك، أعلنت وزارة النفط الإيرانية أن طاقة خط الأنابيب الجديد البديل ستبلغ مليون برميل، وهو ما يزيد عن طاقة التصدير الحالية بثلاثة أضعاف. لكن لم يتم الوصول إليها بعد نظرا لأن المشروع غير مكتمل.
ويقدر طول خط الأنابيب بنحو ألف كيلومتر، ويبدأ من محافظة بوشهر ويمر بمحافظات بوشهر وفارس وهرمزغان.
محاولات مستميتة لبيع النفط
هذا وتتعرض الجمهورية الإسلامية لضغوط اقتصادية هائلة معظمها من صنعها، وهي تستميت لبيع النفط حيث أنها لا تستطيع الآن إلا تصدير القليل بسبب العقوبات.
وقد أدى نقص عائدات النفط إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية والركود التضخمي الشديد، ويرجع إليه السبب جزئيًا على ما يبدو في رغبة النظام طويلة الأجل للتركيز على الوصول إلى ما بعد مضيق هرمز.
وللوهلة الأولى، قد يبدو أن الحكومة الإيرانية تهدف للالتفاف على مضيق هرمز بخط الأنابيب الجديد واستخدامه كوسيلة لزيادة سعر صادراتها النفطية، بحسب ما قالت وكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية (شانا) في مقالة افتتاحية.
وأضافت أن الأهم من ذلك، هو تطوير "حضارة جديدة إلى الشرق من مضيق هرمز وشواطئ مكران وتعديل قطاع النفط الجغرافي الإيراني الذي يمتد من جنوب غرب البلاد إلى جنوب شرقها".
وفيما يعاني الإيرانيون من ضغوط مالية شديدة ونقص حاد في الكهرباء والماء وتضخم مرتفع، تشير التقارير إلى أن الحكومة قد أنفقت نحو ملياري دولار أميركي على المشروع حتى الآن.
وفي هذه الأثناء، كلف إهمالها وتعنتها الشعب الإيراني كلفة باهظة.