تسببت العقوبات الأميركية التي تستهدف صناعة النفط الإيرانية في انخفاض حاد في الإيرادات، ما هدد الملاءة الحكومية وفاقم مشاكل تلك الصناعة التي تعطلت بالفعل بسبب البنية التحتية المتدهورة.
وقال الخبير الاقتصادي علي نوري للمشارق إنه قبل فرض العقوبات، كانت إيطاليا وتايوان وتركيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند واليونان من بين كبار مستوردي النفط الإيراني.
وأضاف أنه باستثناء الصين، لم يتبق أي من المشترين الكبار.
وأوضح أن بعض البلدان، مثل إيطاليا واليونان، قد قامت بخفض وارداتها على الفور عند فرض العقوبات مع أنه كان يتوفر لها خيار استخدام الإعفاءات الأميركية.
وتابع أن دولا أخرى، مثل الهند، قللت من وارداتها تدريجيا إلى أن أوقفتها تماما في نهاية الأمر، مشيرا إلى أنه حتى الصين قد قللت من وارداتها النفطية.
تدهور البنية التحتية
وأشار نوري إلى أن تدهور البنية التحتية يمثل مشكلة أخرى تواجهها صناعة النفط الإيرانية، مبينا أن وزير النفط الإيراني أشار في مناسبات عديدة إلى الحالة المتداعية لمنشآت النفط في البلاد.
وأضاف "الوزير قال أثناء لقاء مع أعضاء البرلمان في الأهواز إن تلك المنشآت البالية بالكاد تقوم بوظيفتها وإنه يصعب تشغيلها"، موضحا أن بعض التقارير تشير إلى أن حوالي 25 بالمائة لم تعد قابلة للاستخدام.
فيما أشار خبراء آخرون إلى أنه من المرجح أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير.
وكان الرئيس التنفيذي الشركة الوطنية الإيرانية لنفط الجنوب أحمد محمدي قد أكد في شهر كانون الأول/ديسمبر أن أكثر من نصف المعدات والمنشآت النفطية في جنوب إيران بحاجة لإعادة البناء.
ونوه نوري إلى أن "ذلك يبين مدى الحالة السيئة التي وصلت لها صناعة النفط الإيرانية".
وأشار إلى أن تكلفة الصيانة قد ارتفعت أيضا، وأن إيران لا تستطيع استيراد الكثير من المكونات التي تحتاجها لإصلاح منشآتها النفطية.
وبحسب بعض التقديرات، فإن تكلفة صيانة بنية إيران النفطية التحتية وإصلاحها تبلغ أربعة أضعاف البلدان الأخرى، وهو رقم وصفته الصحافية مينا بشيري التي يقع مقرها في طهران بأنه دقيق.
حيث قالت في تصريح للمشارق إنه "وفقا لرئيس رابطة مصنعي معدات صناعة النفط الإيرانيين، فإن 70 بالمائة فقط من المعدات يتم إنتاجه محليًا"، مشيرة إلى أنها تشكك في موثوقية هذه النسبة.
وتابعت أنه حتى لو كان الرقم صحيحا، فإن إنتاج الـ 30 بالمائة الباقية من المكونات اللازمة للقطاع الأكثر تطورا في صناعة النفط "صعب جدا ومن المستحيل لإيران شراء المعدات التكنولوجية المتقدمة".
’تدهور شديد‘
وذكرت بشيري أن "تدهور صناعة النفط الإيرانية يشكل مخاطر بيئة واسعة ويبين مرة أخرى عدم كفاءة النظام".
ففي شهر أيلول/سبتمبر، على سبيل المثال، حدث تلوث نفطي واسع قبالة ساحل جزيرة خارج وبندر غناوة استمر لعدة أسابيع.
وأوضحت أن الأمر استغرق من السلطات وقتا طويلا لكي تحدد مصدر النفط، وهو ما اتضح أنه تسرب من أنبوب متداع تحت المياه، مشيرة إلى أن شركة النفط لم تستطع إزالة كل التلوث.
وفي حالة أخرى، تسبب زلزال مسجد سليمان الذي وقع في شهر تموز/يوليو العام الماضي في أضرار بالغة للمنشآت في أحد حقول النفط في المنطقة.
وقالت بشيري إنه "قيل في ذلك الوقت إن التدهور الشديد للمنشأة كان السبب الرئيسي في الضرر لأن قوة الزلزال لم تكن عالية بما فيه الكفاية لكي تحدث مثل هذا الضرر".
في غضون ذلك، لا يزال الحرس الثوري الإيراني ممولًا بشكل كبير وكذلك أذرعه في المنطقة، بما في ذلك حزب الله اللبناني، وهو الأمر الذي دفع العديد من الإيرانيين إلى النزول إلى الشوارع في عدة مناسبات خلال العام الماضي للاحتجاج على إهمال النظام وعدم كفاءته.
وأوضحت أن مشكلة أخرى تواجهها صناعة النفط الإيرانية هي تدهور أسطولها البحري، مشيرة إلى أن شركة النفط الوطنية الإيرانية لديها حوالي 60 ناقلة كبيرة، لكن الكثير منها يحتاج إلى إصلاحات لا تستطيع السلطات القيام بها.
وأكدت أن "إيران قد أجبرت على تخزين الملايين من براميل النفط في تلك السفن في المياه، وهو أمر شديد الخطورة".
ونوهت إلى أن أسطول صناعة النفط لديه القدرة على حمل 120 مليون برميل، وأن نصف تلك الطاقة يستخدم الآن لتخزين النفط في المياه، مشيرة إلى أن حجم هذا الاحتياطي غير المرغوب فيه يتزايد كل يوم.
وأوضحت بشيري أنه على الرغم من العقوبات وعدم قدرة إيران على تصدير النفط، فإن عمليات الاستخراج مستمرة لأن في حالة إغلاق حقول النفط، فقد لا يكون من الممكن إعادة بناء مرافق الاستخراج.
واستدركت أنه "لهذه الأسباب، أعتقد أن الضغط الذي تواجهه الحكومة الإيرانية جراء حظر تصدير النفط لم يسبق له مثيل في تاريخنا".