قال خبراء إن تهديدات إيران الأخيرة بإقفال مضيق هرمز الاستراتيجي لعمليات الشحن ليست واقعية، علما أن نحو خمس النفط الخام المنقول بحرا في العالم يشحن عبره.
وكان رئیس هیئة الأركان القوات المسلحة الإیرانیة محمد باقري قد حذر في 28 نيسان/أبريل، قائلا إن بلاده ستغلق الممر المائي أمام الحركة البحرية.
وجاء هذا التهديد من قائد الحرس الثوري الإيراني عقب ما أعلنته الأمم المتحدة قبل أيام عن إلغائها الاستثناءات التي منحت العام الماضي لثمانية شارين للنفط الإيراني ومطالبتهم بإيقاف عمليات الشراء بحلول الثاني من أيار/مايو أو مواجهة العقوبات.
وفي 24 نيسان/أبريل، هدد وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الولايات المتحدة بـ "عواقب" غير محددة، في حال مُنع بلده من استخدام مضيق هرمز لبيع النفط.
وقال "نعتقد أن إيران ستستمر ببيع نفطها، فسنستمر بإيجاد شارين لنفطنا كما سنستمر باستخدام مضيق هرمز كممر عبور آمن لبيع نفطنا".
وتابع "ولكن إذا اتخذت الولايات المتحدة الإجراء غير الواقعي لمنعنا من القيام بذلك، فعليها أن تكون جاهزة لتحمل العواقب".
وأضاف أن على الولايات المتحدة أن "تعي أنها بدخول مضيق هرمز، عليها أن تتواصل مع من يحمون مضيق هرمز، أي الحرس الثوري الإيراني".
وأشار خبراء إلى أن مثل هذه التهديدات تضع على عاتق عمان مسؤولية متزايدة، إذ أن السلطنة تشرف على الجانب الغربي من مضيق هرمز.
وأوضحوا أن هذه الأخيرة ستتحرك لحماية مصالحها الخاصة والملاحة الدولية من التهديدات التي تمثلها إيران.
’مخاطر كبيرة‘
يُذكر أن مضيق هرمز يفصل بين إيران وعمان، ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.
ويتم شحن غالبية النفط الخام المصدّر من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق عبر هذا الممر المائي.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاستراتيجي عبد الرحمن الكثيري، "تدرك عمان جيدا ما ينتظر المنطقة من مخاطر كبيرة للغاية في حال أصر الطرف الإيراني على إغلاق المضيق".
وأضاف أنه في حال نفذت إيران بالفعل تهديداتها وأغلقت المضيق في أضيق نقطة له (على بعد 3.2 كيلومتر تقريبا)، "فستكون السيناريوهات المطروحة كارثية للغاية إذ قد تشهد المنطقة حربا لا هوادة فيها".
وتابع "ستحدث فورة في أسعار النفط بفعل نقص الإمدادات العالمية بنحو 20 في المائة على الأقل"، لافتا إلى أن "هذه مخاطر تدركها إيران جيدا".
وأكد أن عُمان تعمل على تلافي هذه الأزمة، مشيرا إلى أنه لا يتوقع من طهران أن "تجازف بعلاقاتها المميزة مع مسقط وتقوم بأية أعمال عدائية داخل المياه الإقليمية لبلادنا".
’ضجة إعلامية‘
وبدوره، قال الأكاديمي السابق في جامعة ظفار في عمان سالم المعشني في حديث للمشارق، إن الملاحة في مضيق هرمز محمية بموجب القانون الدولي والاتفاقية الدولية لأعالي البحار.
وذكر أنه بموجب هذه الاتفاقية، "لكل السفن الحق والحرية في المرور عبر المضيق ما دام ’لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها‘".
وأشار إلى أن المجتمع الدولي رفض في أكثر من مناسبة طلب إيران الإشراف على مضيق هرمز، داعيا الدول المصدرة للنفط إلى تدارك الأمر واعتماد آليات مبتكرة لتجنب الوقوع مجددا تحت سطوة التهديدات الإيرانية.
وشرح أنه لتحقيق ذلك، يمكن "استغلال موانئ عمانية بعيدة عن مضيق هرمز، مثل ميناء الدقم" واستخدام "ممرات آمنة تحفظ لدول الخليج العربي ثروتها القومية من النفط والغاز".
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد الله الحارثي للمشارق "أستبعد أن تقوم إيران بغلق مضيق هرمز فعليا، وما يصدر من تصريحات عن طهران في هذا الشأن مجرد ضجة إعلامية".
وتابع أن إيران "لا تتحمل مواجهة دولية واسعة في هذه الأثناء".
وأضاف أن الاقتصاد العالمي يعاني من حالة ركود منذ سنوات عديدة، ويواجه العديد من الدول موجات غلاء كبيرة. وبالتالي، لن يسمح المجتمع الدولي ودول الخليج باندلاع أزمات جديدة في المنطقة.