تعطلت حركة صادرات النفط من الشرق الأوسط والتي تشكل نحو 30 في المائة من الإمدادات العالمية بالنفط الخام، بشكل مستمر جراء الأعمال العدوانية التي ينفذها الحرس الثوري الإيراني ووكلاؤه.
وتأتي الهجمات التي نفذت خلال السنوات الأخيرة على ناقلات النفط ومنشآت الإنتاج في المنطقة، في ظل استمرار النظام الإيراني بتنفيذ أجندته التوسعية التي تشمل التدخل العسكري عبر وكلاء في اليمن والعراق وسوريا.
وتشمل سياسة التدخل الإقليمي هجمات بواسطة وكلاء استهدفت مراكز النفط السعودية والناقلات التي تعبر الممرات المائية الإقليمية.
وعلى مدى العامين الماضيين، اتُهمت إيران ووكلاؤها بتنفيذ غارات بطائرات مسيرة في العراق واليمن والسعودية، إضافة إلى مهاجمة السفن التجارية على طرق الشحن الدولية.
وقد أعلن الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن مسؤوليتهم عن بعض الهجمات.
وأشار مراقبون إيرانيون إلى هجوم استهدف في 3 تموز/يوليو سفينة شحن كانت في طريقها إلى الإمارات من ميناء جدة السعودي، كمثال مرجح لعدوان إيراني وقع مؤخرا.
وأوضحوا أن الدعم القوي الذي ظهر في وسائل الإعلام التابعة للنظام للحرس الثوري الإيراني عقب الحادث في 3 و4 تموز/يوليو، بدا وكأنه يشير إلى تورط إيران.
حوادث لإيران يد فيها
ويعد الهجوم واحدا من سلسلة هجمات مماثلة لإيران ووكلائها يد فيها.
ففي 7 آذار/مارس، تبنى الحوثيون المدعومون من إيران المسؤولية عن هجوم صاروخي وآخر بطائرة مسيرة استهدفا رأس تنورة على ساحل الخليج السعودي، وهو أحد أكبر موانئ النفط في العالم.
وتقع المنطقة الشرقية للمملكة في قلب صناعة النفط في السعودية وتضم معظم منشآت الإنتاج والتصدير التابعة لأرامكو.
وقالت وزارة الدفاع السعودية حينها إن الهجمات استهدفت "العمود الفقري للاقتصاد العالمي وإمدادات النفط وأمن الطاقة العالمي".
وتبنى الحوثيون أيضا هجومين صاروخيين سابقين استهدفا مصنعا لأرامكو في السعودية بجدة يومي 4 آذار/مارس و24 تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي أيلول/سبتمبر 2019، أدت الهجمات على معمل معالجة بقيق وحقل خريص النفطي في السعودية إلى خفض مؤقت لإنتاج المملكة من النفط الخام وصل إلى النصف وتسببت في اضطرابات بأسواق الطاقة العالمية.
وحمّلت الولايات المتحدة والسعودية إيران مسؤولية تلك الحوادث.
وقال المحلل الاستخباراتي المقيم في إيران ساسان تامغا، إن مسؤولي الجمهورية الإسلامية انتهجوا "سياسة ثأرية" ضد دول معينة تحت ستار الدفاع عن المصالح الوطنية.
لكنه أضاف أن مفهومهم للمصلحة الوطنية والأعمال التي نتجت عن عدوانهم، زادت من عزلة الجمهورية الإسلامية.
تعثر سوق النفط
وقال محللون إن العقوبات المفروضة على إيران نتيجة لأنشطتها المزعزعة للاستقرار، نجحت إلى حد كبير في الحد من تمويل النظام الإيراني للجماعات الإرهابية في المنطقة.
وقد كلفت إيران سوقها النفطي الذي لن ينتعش على الأرجح قبل سنوات طويلة.
ومن المحتمل أن تشهد العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، تخفيفا للعقوبات، ولكن يبدو أن جهود إحياء الاتفاق توقفت نتيجة "سياسة المجازفة" التي تنتهجها إيران.
ويقدر معدل الإنتاج الأقصى للنفط في إيران بمليوني برميل في اليوم فقط، وتواجه البلاد عقبات جمة من أجل تصديره بسبب العقوبات المفروضة عليها.
ومع ذلك، يواصل النظام الإيراني الإنفاق على أنشطته التدخلية وميليشياته الوكيلة بدلا من الاستثمار في بنيته التحتية النفطية، حتى في ظل حوادث الحريق المتكررة أو الانفجارات في مصافي النفط والغاز.
وتعود معظم هذه الحوادث إلى مشاكل في البنية التحتية.
وتحتاج إيران إلى استثمارات كبيرة في صناعة النفط لأن مصافي التكرير ومعدات إنتاج النفط المتهالكة في البلاد قوضت عملية الإنتاج إلى حد كبير.
أولويات في غير محلها
وفي هذا السياق، دعا وزير النفط الإيراني بيهان زنغنه في 8 حزيران/يونيو إلى زيادة الاستثمار في جنوب بارس وحقول غاز إيرانية رئيسية أخرى بما يقارب 50 مليار دولار، من أجل الحفاظ على الطاقة الإنتاجية والتصديرية.
ويساوي هذا الرقم تقريبا حجم الأموال التي أنفقتها إيران على وكلائها الإقليميين على مدار العقد الماضي، في وقت فشل فيه النظام في تلبية أي من احتياجات إيران الداخلية.
وقال الخبير الاقتصادي المقيم في إيران هوشنغ أحمدي إن "حقول النفط الإيرانية بحاجة إلى ضخ مستمر". وأوضح أن "عددا من منصات النفط التي نملكها قديمة ولا يمكن إصلاحها. وقد جعلت العقوبات من الصعب للغاية استيراد معدات جديدة".
أما الخبير الاقتصادي المقيم في طهران مولود زاهدي، فقال إنه على مدى العقد الماضي "شهد الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية الإيرانية تراجعا متسارعا".
وأضاف أنه في هذه الأثناء، "كان الانخفاض في قيمة جميع قطاعات الإنتاج بما في ذلك النفط والغاز، أكبر بكثير من حجم الاستثمار فيها".
وفي حين تواجه إيران نكسات تضعف قدرتها على إنتاج النفط وتصديره والكثير منها من صنع يديها، أثمرت التغييرات التي أدخلتها الولايات المتحدة على سياسة إنتاج النفط والغاز خلال السنوات الأخيرة.
فباتت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، محققة معدل إنتاج قياسي بلغ نحو 12.5 مليون برميل يوميا.