ذكرت مصادر أن درجات الحرارة المرتفعة في جنوب إيران جعلت ظروف العمل لا تطاق بالنسبة لعمال قطاع النفط والغاز الذين أجبروا على العمل في درجات حرارة تتراوح بين 45 و53 درجة مئوية.
وتقع غالبية مصانع ومعامل تكرير النفط في إيران في محافظتي خوزستان وبوشهر الجنوبيتين الحارتين حيث تتجاوز مستويات الرطوبة أحيانا 85 بالمائة، علما أن هذا العام شهد حرا أكثر من أي وقت مضى.
وفي آب/أغسطس، تم تسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ إيران في الأهواز حيث تجاوزت 53 درجة مئوية، فيما يستمر تغير المناخ في التأثير بشدة على البلاد التي شهدت أيضا عواصف ترابية وموجة جفاف شديدة.
مع ذلك، لم تقدم الحكومة الإيرانية أية بادرة لعمال قطاع النفط والغاز الذين يكدحون في ظل ظروف خطيرة على صحتهم وسلامتهم.
وخلال أول أسبوعين من شهر آب/أغسطس، تم إدخال نحو 500 من عمال قطاع النفط والغاز إلى المستشفيات بسبب الإرهاق الحراري، بحسب تقارير وسائل الإعلام المحلية.
وفي مدينة عسلوية بمحافظة بوشهر وهي مركز نفطي آخر، سعى عشرات العمال للحصول على العناية الطبية بسبب الإرهاق الحراري خلال الفترة نفسها.
ويوم 13 آب/أغسطس، أوردت إحدى نقابات عمال قطاع النفط أن عاملين اثنين على الأقل قد قضوا جراء ضربات الشمس في مدينة عبادان بمحافظة خوزستان، وذلك عقب ساعات من العمل الشاق في درجات حرارة مرتفعة.
ظروف صعبة ورواتب متدنية
وفي السنوات الأخيرة، احتج عمال قطاع النفط والغاز المتعاقدون ضد ظروف العمل الصعبة والرواتب المتدنية، مطالبين بوظائف ثابتة أو عقود دائمة.
وقد انضم الموظفون هذا العام إلى الاحتجاجات التي انطلقت ضد الرواتب المتدنية والمزايا غير الكافية.
ويوم 11 آب/أغسطس، احتجت مجموعات من الموظفين من عدة شركات في مجال خدمات النفط ومعامل التكرير على ظروف العمل غير المرضية التي ظلت بدون تغيير على مدى السنوات الثمانية الماضية.
وطالبوا بزيادات في رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية وخفض الضرائب وتحسين خطط التأمين الصحي وتنفيذ الإصلاحات اللازمة في منشآت النفط والغاز المتهالكة.
ولفت المحتجون الانتباه إلى قسم في قانون البترول الإيراني (المادة 123، القسم 10) الذي أقره المجلس (البرلمان الإيراني) في عام 2014.
ويركز هذا القانون الذي لم يتم تطبيقه يوما، على رفع الرواتب الأساسية لعمال قطاع النفط والغاز.
ومع أن معامل التكرير ومكاتب قطاع النفط والغاز واصلت عملياتها، أعرب العشرات من الموظفين عن سخطهم من تقاعس الحكومة وفشلها في تطبيق القسم 10.
وردا على مطالب العمال، ذكرت إدارة الرئيس إبراهيم رئيسي أن القسم 10 "يسمح" للحكومة بتنفيذ بنوده لكن لا "يلزم" الحكومة بفعل ذلك.
ʼإنهاء التعيينات السياسيةʻ
كذلك، يواجه الموظفون في القطاعات الأخرى صعوبات اقتصادية مع تعثر الاقتصاد الإيراني، وهو وضع يلقي فيه كثيرون باللائمة على النظام بسبب سعيه لتحقيق أجندة إقليمية توسعية على حساب الشعب الإيراني.
فقد كان المعلمون يحتشدون طيلة أشهر في مختلف أنحاء البلاد للمطالبة بظروف عمل أفضل ومزايا ودفع رواتب المعلمين المتعاقدين (وهم موظفون غير حكوميين) ورواتب أعلى لمواجهة التضخم.
ولكن بدلا من الإصغاء لمطالب العمال المحتجين ومحاولة تحسين ظروفهم، تبنى النظام الإيراني خطا متشددا ضدهم وأرسل جهازه الأمني لقمع الاحتجاجات.
وقد تعرض معلمون وعمال مصانع ودعاة حماية البيئة ممن يطالبون بالتغيير الإيجابي في إيران للترهيب والاعتقال والضرب على يد شرطة مكافحة الشغب ورجال شرطة بملابس مدنية وعناصر من الحرس الثوري الإيراني.
وفي قطاع النفط، يقول بعض الموظفين إنهم لم يحصلوا على رواتبهم في الوقت المحدد وإنهم يواجهون زيادة في ضريبة الدخل. وقد احتجت مجموعة منهم أمام معمل تكرير منتجات البترول في عبادان يوم 13 آب/أغسطس.
كما طالب عدد من موظفي وزارة النفط الحكومة بتحسين ظروف عمل العمال وأسرهم ومزاياهم الصحية.
وطالبوا إدارة رئيسي بأن تولي اهتماما أكبر بأحوالهم المعيشية وأن تحدد هوية الناهبين في قطاع النفط والغاز وتقاضيهم، وأن تلغي سقف الحوافز من معاشات المتقاعدين.
كما طالبوا بإصلاح المنشآت المتداعية وإنهاء التعيينات السياسية في قطاع النفط.
وفي ظل إدارة رئيسي، أصبحت التعيينات السياسية تشكل الوضع الطبيعي الجديد في الوزارات الإيرانية. فبغض النظر عن الخبرة، يتم تعيين المسؤولين أو الأعضاء السابقين في الحرس الثوري على نحو متزايد في المناصب العليا.
وإن معظم شركات خدمات النفط التي تبرم تعاقدات أو عقودا من الباطن تابعة للحرس الثوري الذي تضمن روابطه بوزارة النفط عقودا مربحة تخرج من الخزانة العامة بتمويل من دافعي الضرائب الإيرانيين.
شبه احتكار من الحرس الثوري
وبالطريقة نفسها، يتم إسناد معظم عقود وزارة النفط مع القطاع الخاص لشركات مملوكة للحرس الثوري أو تابعة له وهو يجني الأرباح ويغسل الأموال ويلتف على العقوبات حتى في ظل معاناة الشعب جراء ضغوط اقتصادية كبيرة.
وقال مهندس بتروكيماويات مقيم في إيران ومدير مالي لشركة نفط خاصة طلب عدم الكشف عن هويته إن شركته كانت تخسر العطاءات بشكل دوري لصالح شركات تابعة للحرس الثوري في الأهوار وعلى مدار السنوات الثلاثة الماضية.
وأضاف "ما لم تكن عضوا سابقا أو حاليا في الحرس الثوري أو لديك صلات وثيقة بالحرس، فمن المرجح أنك لن تفوز بعقود نفط في هذه البلاد".
وكانت شبكة دولية لتهريب النفط وغسل الأموال يقودها مسؤولون من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قد تعرضت لعقوبات أميركية في شهر أيار/مايو.
وقد سهلت هذه الشبكة التي تدعمها الحكومة الروسية ومنظمات اقتصادية تديرها الدولة، بيع نفط إيراني بمئات الملايين من الدولارات كأرباح لفيلق القدس التابع للحرس الثوري وحزب الله اللبناني، حسبما ذكرت الخزانة الأميركية.
وتابعت الخزانة أن الشبكة "لعبت دورا محوريا في توليد الإيرادات من النفط الإيراني وفي دعم الفصائل المسلحة الوكيلة التي تستمر في نشر الصراع والمعاناة في جميع أنحاء المنطقة".