بدأت الصين مطلع الشهر الجاري عمليات التنقيب في حقل غاز إيراني ضخم، على الرغم من احتمال تعرضها لمخاطر اقتصادية وسياسية كبيرة بسبب تحالفها مع النظام الإيراني.
فعبر انخراطها بهذا العمل وإبرام اتفاقيات تجارية واقتصادية أخرى طويلة الأمد مع إيران، يضع النظام الصيني مستقبله على المحك، كما قال مراقبون، لأن سياسة كهذه تجعله أكثر عرضة للمزيد من العقوبات الأميركية.
وكانت مؤسسة البترول الوطنية الصينية قد تراجعت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 عن اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في حقل بارس الجنوبي في إيران كانت قد أبرمته سابقا مع إيران.
وجاء تراجع المؤسسة عقب الانسحاب المبكر للمساهم الأكبر السابق، شركة توتال الفرنسية،وذلك تحت ضغط العقوبات الأميركية على إيران.
في ذلك الوقت، أعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه النبأ رسميا وقال إن شركة البتروكيماويات الإيرانية ستعمل على المشروع بمفردها.
وفي حين توقف العمل رسميا في المرحلة 11 من تطوير حقل بارس الجنوبي، استأنفت الصين العمل على المشروع بهدوء وقسمته إلى أجزاء أصغر واستخدمت ما يسمى بـ "المقاولين" لإخفاء ضلوعها فيه، حسبما أفاد موقع OilPrice.com.
وأبرم الاتفاق الإيراني-الصيني بعد خروج شركة توتال من المشروع، وخصص 80.1 في المائة من النفط والغاز في حقل بارس الجنوبي للصينيين. وأثارت هذه الخطوة انتقادات الشعب الإيراني والاقتصاديين الذين اعتبروا أنها تصب في مصلحة الصين بشكل كبير.
ومع تقدير مخزونه بـ 14.2 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز، فإن حقل بارس الجنوبي يمثل نحو 40 في المائة من إجمالي احتياطيات الغاز الإيرانية المقدرة بـ 33.8 تريليون متر مكعب، ونحو 80 في المائة من إنتاج الغاز.
’بيع إيران‘
وخلال الصيف الفائت، صاغ النظامان الإيراني والصيني بسرية إطارا لشراكة اقتصادية وأمنية كبيرة بينهما، من شأنها أن تمهد الطريق أمام مليارات الدولارات من الاستثمارات الصينية في قطاع الطاقة الإيراني وقطاعات أخرى، ما يستنفد إلى حد كبير موارد إيران الطبيعية.
وأثار منتقدون من مختلف الأطياف السياسية في إيران مخاوف من أن تكون الحكومة "تبيع" البلاد سرا في لحظة ضعف اقتصادي وعزلة دولية.
وقال الكثيرون إن الاتفاق بين الصين وإيران، الذي يمتد على مدار 25 سنة،سيكون له تداعيات سلبية على دول المنطقة وخارجها.
فهذا الاتفاق يترك النظام الإيراني الضعيف والمحاصر، الذي يقف على هاوية الانهيار الاقتصادي ويواجه نقمة شعبية داخلية وعزلة عن معظم دول العالم بسبب سعيه لامتلاك أسلحة نووية وتسليح الميليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا، تحت رحمة نظام صيني يتمتع بالعزم والحزم.
ومن المعروف أن الديون هي إحدى استراتيجيات الإكراه الرئيسة التي تستخدمها بكين.
فهي تلجأ إلى تقديم قروض ضخمة للبلدان الضعيفة في جميع أنحاء العالم وتبرم معها عقودا مرهقة بذريعة مساعدتها على بناء اقتصادها، لكن الحقيقة تتكشف عندما تعجز هذه البلدان عن سداد القرض أو عن الوفاء بالتزامات العقد فتطالبها بكين حينها بتنازلات مؤلمة.
وتشمل هذه التنازلات إما المطالبة بدعم دبلوماسي للمصالح الصينية أو الاستيلاء على مجمل موارد البلد الطبيعية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي المقيم في إيران فاريبورز اعتماد إن شريحة كبيرة من الشعب الإيراني تعارض الوجود الصيني في المشهد الاقتصادي لبلادهم.
فحتى لو أن مثل هذا الاتفاق مع الصين سيدر أموالا على النظام، فمن غير المرجح أن تصل إلى الشعب الإيراني بل ستذهب إلى جيوب السياسيين الفاسدين كما حصل مرات عدة في السابق، ولتمويل أنشطة الحرس الثوري الإيراني المضرة في المنطقة.
وقال اعتماد إن "عجز قادة الجمهورية الإسلامية عن تأمين احتياجات الشعب الإيراني كبير وعميق لدرجة أنه لا يمكن حتى للوجود الصيني أن يعوضه".
تقويض حظر السلاح المفروض على إيران
ومن المحتمل أن تتضمن الصفقات الصينية الإيرانية بيع الأسلحة إلى إيران، وذلك على الرغم من أن أية خطوة من هذا القبيل تقدم عليها الصين تعرضها لخطر فرض العقوبات من الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد تعهدت بمعاقبة أية حكومة تندفع باتجاه تصدير أسلحة إلى إيران بعد أن انتهى حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عليها منذ عقد من الزمن في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وينصب اهتمام طهران الأكبر في الحصول على الدبابات والطائرات وأنظمة الدفاع الجوي الروسية، حسبما ذكر موقع ديفينس نيوز في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ومع ذلك، ثمة بعض الفرص أمام بكين.
وفي هذا الإطار، نقل موقع ديفينس نيوز عن المحلل البحريني عبد الله الجنيد قوله إن "اهتمام إيران بشراء الذخائر الخفيفة (المعروفة باسم طائرات كاميكازي المسيرة) والطائرات المسيرة والقوارب المسلحة دون ملاح يعني أن الصين ستوفر على الأرجح التقنيات الحديثة لمساعدة الدولة شرق الأوسطية على تطوير سفن بحرية دون ملاح وطائرات دون طيار".
ومع انتهاء الحظر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت بكين في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية عن نيتها "التعامل مع تجارة الأسلحة بحكمة".
من جانبه، قال صحافي إيراني بارز يقيم في الولايات المتحدة طلب عدم ذكر اسمه إن المسؤولين الإيرانيين "يعتقدون خطأ" أن الاتفاق مع الصين الذي يمتد لـ 25 عاما سيساعد على فرض نوع من التوازن مقابل الضغط الأميركي على طهران، وذلك عبر تزويدها برؤوس الأموال والتكنولوجيا.
وقال "هذا محض خيال. في الواقع، عندما عرض موضوع العقوبات [الدولية] على إيران قبل عقد من الزمن، لم تتردد الصين حينها في التصويت مع الولايات المتحدة لفرضها على إيران".
وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني من أكبر داعمي الاتفاق مع الصين، لأنه يأمل في شراء صواريخ منها ليتمكن من تغيير هندستها وتحسين أسلحته.
’زلة قدم سياسية‘
لا يمكن وصف قرار إيران بالتعامل مع الصين سوى أنها زلة قدم سياسية تحمل في طياتها خسائر اقتصادية فادحة ويمكن أن تعرقل علاقتها مع المجتمع الدولي، لكنهأيضا خطأ من جانب الصين.
وفي أيلول/سبتمبر 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وحدتين من أكبر شبكة نقل في الصين، وهي شركة كوسكو الصينية للملاحة البحرية، على خلفية ضلوعهما في الالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران.
وعلى الفور، أدى الحظر المفروض على شركة كوسكو إلى زيادة أسعار شحنات النفط في آسيا وزيادة التكاليف الإجمالية بنحو 30 في المائة.
ووصلت تداعيات هذا الحظر حدا طالب معه مسؤولون في الحكومة الصينية برفع العقوبات عن الشركة خلال مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة جرت في كانون الثاني/يناير. وفي نهاية المطاف، رفعت الولايات المتحدة العقوبات عن إحدى الوحدتين.
وأكد الخبير الاقتصادي الإيراني مولود زاهدي أن الصين تصدر إلى الولايات المتحدة كل عام ما قيمته مئات المليارات من الدولارات من السلع والخدمات. فإذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات أو المواطنين الصينيين بسبب أنشطتهم المرتبطة بإيران، ستفقد الصين قطاعات كبيرة من أسواقها العالمية والتي يُقدر أنها تدر عليها أضعاف عدة من الأرباح المحتملة من استثمارها في إيران.
وعبر بدء أعمال التنقيب في حقل بارس الجنوبي، لا تخاطر الصين بمواجهة العقوبات الأميركية فقط، بل أيضا تعرض مكانتها في المجتمع العالمي للخطر.
وستأخذ الصين هذا الأمر بعين الاعتبار لا سيما مع دخول العالم مرحلة التعافي من جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، التى دمرت الاقتصادات العالمية منذ اكتشاف الفيروس للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ديسمبر 2019.
النظام الإيراني يتخذ من الايدلوجية الشيعية ذريعة للتدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية وذلك في إطار نشر مشروع دولة العدل الإلهي والتغول في هذه البلدان في إطار الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والجغرافية تحت عنوان مبدأ تصدير الثورات النظام الإيراني نظام شوفيني .
الرد1 تعليق