عدن – قال خبراء ومحللون إن الجهود الرامية إلى إحياء مسار السلام في اليمن بقيادة الأمم المتحدة ودعم الولايات المتحدة، ستساعد في تحييد دور القاعدة التي تحاول استغلال الحرب الدائرة لتجميع صفوفها.
وسيسمح إنهاء الحرب الدائرة منذ ست سنوات للحكومة اليمنية بإعادة توجيه مواردها لمحاربة التنظيم المتطرف الذي استغل انشغال الحكومة بالحوثيين (أنصار الله) المدعومين من إيران لتنفيذ هجماته.
فوتيرة هجمات القاعدة ازدادت مع تواصل الحرب.
وعلى سبيل المثال، هاجم مسلحون يشتبه بانتمائهم إلى القاعدة في 18 آذار/مارس نقطة تفتيش في منطقة أهوار بمحافظة أبين، كانت تديرها قوات الحزام الأمني المدربة من قبل الإمارات.
وأطلق المهاجمون قذائف صاروخية وكذلك النار من رشاشات على نقطة التفتيش بمنطقة أهوار الساحلية، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين وثمانية جنود قبل أن يفروا.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي محمود الطاهر إن تواصل الحرب وتوسعها على أكثر من جبهة "سيطيل النزاع ويمهد الطريق أمام عناصر تنظيم القاعدة لإعادة تجميع صفوفهم".
وأكد أن أمرا كهذا قد يؤدي إلى استئناف النشاط الإرهابي.
القاعدة نشطة في مأرب
هذا وأضعفت سنوات من النكسات الفرع اليمني للقاعدة، إلا أن التنظيم يحاول تجميع صفوفه فيما الحكومة والحوثيين منشغلين في معارك شرسة في محافظة مأرب الشمالية، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مسؤولون أمنيون وزعماء القبائل إن المعركة من أجل السيطرة على مأرب تخلق فراغا أمنيا تستغله القاعدة.
ولحقت بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب هزائم عدة خلال السنوات الثلاث الماضية، ما ترك التنظيم من دون أراض ومقاتلين وأحاط مصير قيادته بالغموض.
وكشف أحد المسؤولين في الاستخبارات إن مأرب تعتبر المعقل الأساسي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وفي حين تتكبد الأطراف المتقالة الرئيسة خسائر كبيرة للسيطرة على مدينة مأرب، إلا أن القاعدة في جزيرة العرب لا تزال "مرتاحة" في أنحاء أخرى من المنطقة حيث تتمتع بنفوذ قوي في القرى والمدن الصغيرة.
وأضاف المسؤول أنه "في حين أن الآخرين منشغلون بالقتال، تقوم هي بتدريب المقاتلين مجددا والتخطيط وإعادة بناء علاقاتها" مع القبائل المحلية وتسعي للحصول على "دعم مالي" من المجتمعات المحلية.
انتعاش المتطرفين من خلال انعدام الاستقرار
يُذكر أن القاعدة في جزيرة العرب انتعشت في ظل تخبط اليمن بتزايد عدم الاستقرار، مع حركة انفصالية في الجنوب وتمرد في الشمال وأزمة اقتصادية عارمة.
وقال حسام ردمان من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية إنه مع حلول العام 2010، "كان لديها قاعدة قوية لأنشطتها وملاذات آمنة عديدة".
وبلغت القاعدة في جزيرة العرب ذروة أنشطتها عام 2014، إذ اجتاحت المدنوسيطرت على المكلا مركز محافظة حضرموت في العام 2015.
وعندما أطلقت السعودية عملية عسكرية في اليمن في آذار/مارس 2015 بهدف وضع حد للحوثيين، كان تركيزها أيضا على القاعدة في جزيرة العرب.
ولعبت الإمارات التي تعد عضوا أساسيا في التحالف العربي بقيادة السعودية، دورا رياديا في إخراج القاعدة في جزيرة العرب من القرى، وذلك بمساعدة القوات والأسلحة والاستخبارات الأميركية.
وتمكنت القوات الأميركية من تحديد موقع قياديين بارزين وقتلهم، وبينهم زعيم التنظيم ناصر الوحيشي في العام 2015.
كذلك، شكّل طموح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تحديا آخر، في ظل تنافس المتطرفين الأخصام على الأراضي والدعم على مر السنوات.
وقال أحد زعماء القبائل في مأرب إن "كل هذه العوامل أضعفت تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. ويواجه اليوم مشاكل مالية، كما أن العديد من عناصره متهمون بالخيانة وانضم آخرون إلى داعش".
ولكن القتال في مأرب "يساعد التنظيم على إعادة تنظيم صفوفه"، على حد قوله.
تخوف من عودة القاعدة
وفي هذا السياق، أشار الموظف الحكومي من أبين محسن الفقير، إلى أن هناك احتمال لعودة تنظيم القاعدة.
وعزا سبب ذلك إلى تعليق الحكومة اليمنية جهودها لمحاربة القاعدة وملاحقة عناصرها وخلاياها النائمة.
وطالب المحلل السياسي الطاهر بتكثيف جهود إحلال السلام في اليمن وتكثيف جهود الحكومة والتحالف العربي والولايات المتحدة لمحاربة القاعدة.
وذكر أن هناك مناطق في البلاد لا تزال توفر "ملاذا آمنا لعناصر تنظيم القاعدة"، لافتا بذلك إلى محافظتي البيضاء وأبين وبشكل أقل إلى محافظة شبوة.
من جانبه، قال مدير مركز أبعاد للدراسات والأبحاث، عبد السلام محمد، إن القاعدة مثلها مثل أي تنظيم إرهابي آخر تستفيد من الأحداث الدائرة.
وأضاف أن "مثل هذه التنظيمات عدوها الأول هو الدولة وحين تراها أضعف أو تنشغل بحروب متعددة تتحرك لتحقيق أي مكاسب على الأرض".
وذكر أن "في أي مكان تغيب عنه الدولة، تحضر الجماعات الإرهابية. وسيعطي أي إضعاف للحكومة فرصة للقاعدة ولغيرها بالحضور والتواجد".
وأكد أن هزيمة الجماعات الإرهابية تبدأ باستعادة الدولة والقضاء على الجماعات المسلحة التي تتحرك خارج سيطرة الدولة.
وقال محمد إن "على الحكومة إطلاق حملة عسكرية لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، وذلك بالتعاون مع التحالف [العربي] والشركاء الدوليين".
وختم ذاكرا أن على الحكومة أيضا إطلاق عملية انتقالية لتحقيق سلام مستدام لليمن.