بيروت - "نعم، نحن فقراء": بهذه الكلمات وصفت جمال طقوش المقيمة في منطقة الكرنتينا في بيروت وضعها، علما أن لديها 3 أحفاد عليها إطعامهم.
وقالت للمشارق وهي تنتظر الحصول على وجبة طعام من مطبخ مجاني في منطقة الأشرفية ببيروت، "ثلاجتي فارغة، مثل خزانة المونة في مطبخي".
وأردفت "ليس لدي مال لأشتري المواد الغذائية.... زوجي مريض وعاطل عن العمل ومدخرات حياتنا محجوزة في المصرف".
وكان يقف إلى جانبها في الطابور جوزيف فلوطي، وهو رجل مسن عاطل عن العمل.
وقال "لم أتخيل يوما أنني سأقف عند باب مطبخ مجاني لتناول وجبة طعام".
وفي المحصلة، بدون مساعدة الجمعيات الخيرية المختلفة، كان الكثير من اللبنانيين سيعانون من الجوع.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي رشا أبو ضرغام للمشارق إن البرنامج "لا يزال بطليعة الاستجابة لأزمة لبنان الاقتصادية".
وأوضحت "دعمنا مليوني شخص من بين أكثر اللبنانيين واللاجئين هشاشة في العام الماضي لتلبية احتياجاتهم الغذائية وغيرها من الاحتياجات الأساسية"، مضيفة أن البرنامج "يواصل تقديم المساعدة لأكثر الناس حاجة".
وقدّر تحليل للأمن الغذائي في لبنان أنه بين شهري أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر 2022، يعاني نحو مليوني مقيم في البلاد أي 37 في المائة من إجمالي السكان، من انعدام حاد للأمن الغذائي.
ويدخل في هذا العدد نحو 700 ألف لاجئ سوري.
ووفق تحليل الأمن الغذائي بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، حال انخفاض قيمة العملة الوطنية ورفع الدعم عن مواد أساسية وارتفاع تكلفة المعيشة، دون حصول الأسر يوميا على ما يكفي من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى.
وقالت أبو ضرغام إن "البرنامج يواصل مراقبة تقلبات الأسعار عن كثب ويضبط قيمة التحويل لمتلقي المساعدة لحماية قوته الشرائية".
وأضافت أن "الحصص الغذائية التي يختلف حجمها وفق عدد أفراد العائلة وبحدها الأقصى 60 كيلوغراما من المواد الغذائية، تصل شهريا للعائلات المسجلة".
وتابعت أن "المساعدات النقدية تصلهم شهريا عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، بمعدل 25 دولارا للعائلة الواحدة و20 دولارا للفرد".
كثيرون يلومون حزب الله
وفي حديثه للمشارق، قال الصحافي الاقتصادي أنطوان فرح إن الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة الوطنية تسببا بتراجع القوة الشرائية لدى المستهلكين، "ما أدى إلى صعوبة حصولهم على الغذاء".
وأعتبر أن "النظام السياسي الذي يسيطر عليه حزب الله هو مسؤول عن هذا الانهيار".
وأوضح أنه من جهة، "مارس [حزب الله] دورا سلبيا من خلال عزل لبنان عن محيطه العربي والمساعدات والاستثمارات والعلاقات الاقتصادية العربية التي كانت تدعم اقتصاد لبنان".
وذكر أنه من جهة أخرى، سهّل الحزب المدعوم من إيران "تهريب السلع والمواد ومن ضمنها المواد الغذائية للنظام السوري".
ومن جانبه، قال مدير الجمعية الخيرية للأرمن الكاثوليك المونسنيور جورج أسادوريان إن نسبة الفقراء والمحتاجين زادت بشكل كبير.
وأضاف "هذا أمر نلمسه من الأعداد الكبيرة التي تقصدنا للحصول على مساعدات عينية من الجمعية ومركز كاريتاس -الأشرفية".
وأضاف أسادوريان "لم تعد تملك العائلات المال لشراء مكونات الطعام لإعداده بالبيوت، بما في ذلك ربطة الخبز".
وأكد أن "الاحتياجات كبيرة كالطعام والدواء والاستشفاء وإيجار البيوت والأقساط المدرسية، ونحاول قدر المستطاع توفير المبالغ المخصصة لهذه الغاية لا سيما للتعليم الذي نعتبره أولوية".
ولفت إلى أن الجمعية تعد في مطبخها وجبات يومية كاملة لـ 150 أسرة يقدمها متبرعون وأصدقاء كرماء، بالإضافة إلى رزم خبز يومية وحصص غذائية شهرية.
ارتفاع مستويات الفقر
ومن جهتها، أكدت رئيسة جمعية أجيالنا لينا الدادا أن الوضع الاقتصادي المزري أوقع نسبة كبيرة من اللبنانيين في براثن الفقر "خاصة في السنوات الثلاث الماضية".
وقالت إن الجمعية شهدت "تزايد عدد المسجلين لدينا للحصول على المساعدات الغذائية والطبية والاستشفائية والتعليمية".
وأشارت إلى أن الجمعية تقدم كل عام وبشكل منتظم حصصا غذائية وإمدادات إلى 20 ألف أسرة، بالإضافة إلى رعاية 5000 أسرة محتاجة مسجلة في الدائرة الاجتماعية بينهم أرامل وأيتام.
وتساعد أجيالنا أيضا نحو ألف طالب جامعي، على حد قولها، وبدأت منذ عامين في مساعدة العائلات على دفع إيجار منازلهم ليتمكنوا من البقاء فيها.
أما في طرابلس فقد تجاوزت نسبة الفقر "الخطوط الحمراء"، حسبما قالت رئيسة جمعية ورد مهى الجسر.
وكشفت أن "الفقر هو حديث الساعة، لا سيما مع بروز طبقة جديدة من الفقراء من بينهم عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي".
وتابعت "وسعنا مروحة مساعداتنا الغذائية وفق إمكانات الجمعية، مع استمرار دعم الحالات الطبية والاستشفائية وتقديم تبرعات مالية للمحتاجين ودعم مبادرات صغيرة وتوفير وجبة طعام كاملة يوميا وحصص غذائية شهرية لـ 600 شخص".
وفي حديثها للمشارق، قالت مديرة جمعية "سوا مننجح" ديانا درنيقة إن الكثير من الناس يأتون يوميا إلى الجمعية طالبين المساعدة.
ولفتت إلى أنهم "يأتون طلبا للدواء وقارورة غاز وتسديد فاتورة كهرباء وإيجار المنزل".
وختمت درنيقة قائلة "جل ما نستطيع تقديمه مع تراجع التبرعات وجبات طعام لحوالي ألف شخص وثياب وتسديد بعض الفواتير".