بيروت - تنشط شبكة غامضة من المهربين تطلق على نفسها اسم أسياد الحدود في التجارة غير المشروعة ونقل المجرمين المطلوبين بين لبنان وسوريا عبر الحدود الشمالية للبنان.
وتفيد المعلومات أن الشبكة التي تتألف من عشائر يدعمها حزب الله في محيط وادي خالد، تعمل منذ فترة بالتنسيق مع الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
ولكن لم يبرز اسم الجماعة الرنان إلا مؤخرا.
ولطالما استغل المهربون حدود لبنان الشمالية الوعرة وغير المرسومة في تهريب الوقود والأغذية والأدوية والأسلحة والمخدرات، بما في ذلك الكبتاغون الذي أصبح اليوم يشكل أهم صادرات النظام السوري.
وينقل المهربون أيضا فارين لبنانيين وسوريين مطلوبين من العدالة على خلفية تهم مختلفة عبر الحدود في كلا الاتجاهين، وذلك من خلال معابر غير رسمية في مناطق نائية يسيطرون عليها.
وصرح مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية في تشرين الثاني/نوفمبر أن "وادي خالد هو المحور الجديد ويعج بالمهربين"، مشيرا إلى أن معظم السكان على الجانب اللبناني من المنطقة الحدودية النائية يحملون الجنسية السورية.
وقال ناشطون محليون للمشارق إن أنشطة التهريب على الجانب اللبناني تديرها شبكة أسياد الحدود التي تنسق عملياتها مع الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري على الجانب الآخر من الحدود.
ولا يظهر الكثير من المعابر المستخدمة على الخريطة وهي معروفة بصورة غير رسمية بأسماء العشائر التي تعيش في المنطقة أو تقوم بإدارتها، وهي معابر عبيدان والمقطوعة والعويشات والمعارجية وباب الكنيسة ووادي الواويات.
وتعرف معابر أخرى باسم أقرب قرية لها، مثل معابر عيسى وقرحة والهيشة.
وتتم حركة التهريب الأنشط عبر معبري عبيدان والواويات بإشراف أسياد الحدود وبالتنسيق مع الفرقة الرابعة داخل سوريا، حسبما أورد موقع العربية في شباط/فبراير.
وتتعاون الفرقة الرابعة وشبكة أسياد الحدود من أجل تهريب مطلوبين للقانون من سوريا إلى لبنان والعكس بالعكس وذلك في آليات خاصة مقابل مبلغ مالي، بحسب ما أشار الموقع.
وأوضح التقرير أن سعر تهريب الفرد عبر الحدود يبدأ بـ 150 دولارا للشخص الواحد ويدر بأرباح هائلة تقدر بأكثر من 15 ألف دولار يوميا.
وأشار إلى أن أرباح الفرقة الرابعة من عمليات التهريب تضاعفت في السنوات الأخيرة، لا سيما أن الفرقة استغلت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان.
عناصر على طول الحدود الشمالية
وفي هذا السياق، قال الناشط محمد الذي تحدث للمشارق شريطة عدم ذكر اسمه الكامل، إن أسياد الحدود لها عناصر في وادي خالد وعلى طول الحدود اللبنانية الشمالية.
وأضاف أن الشبكة تعمل تحت قيادة حزب الله وحزب البعث السوري الذي يتزعمه بشار الأسد، ذاكرا أن عناصرها مطلوبون على خلفية جرائم متنوعة.
وأوضح أن نطاق عملها يغطي وادي خالد ومعابر النهر الكبير ومعابر أخرى غير شرعية في المنطقة، بما في ذلك معبر يقع في محيط قرية القموعة الحدودية.
وأشار في حديثه للمشارق إلى أن حزب الله يسيطر على مداخل وادي القموعة الذي يمتد إلى الحدود الشمالية من قرية مرجحين في الهرمل.
وقال ناشط معارض لحزب الله وأصله من بعلبك للمشارق شريطة عدم ذكر اسمه، إن أسياد الحدود تضم مجموعة من المهربين الذين ينتشرون في الشمال بغطاء من حزب الله.
وأضاف أنهم ينتشرون أيضا في الهرمل وفي مناطق حدودية حيث يتعاطف السكان مع حزب الله.
وأوضح للمشارق أن "التهريب يومي ويشمل من سوريا زيت الزيتون والعسل والتمر والأرز ومواد التنظيف والمعلبات والأدوية والمخدرات، يقابله تهريب المحروقات ومواد غذائية وسيارات مسروقة ومطلوبين للعدالة من لبنان لسوريا".
وأكد أن عمليات التهريب تشكل تحايلا على العقوبات المفروضة على النظام السوري وحزب الله وتستغل الوضع الاقتصادي الهش في كلا البلدين.
مسألة قديمة العهد
ومن جانبه، قال العميد المتقاعد ناجي ملاعب في حديث للمشارق إن المهربين ينشطون في منطقة عكار ووادي خالد بشمال لبنان منذ بداية الحرب السورية.
ولكنه أشار إلى أن حزب الله والفرقة الرابعة يسيطران على الحدود الشمالية اليوم، ويشرفان على التهريب عبر المعابر الشمالية.
وأوضح أن أخطر ما يتم تهريبه هم المطلوبون للقضاء في كلا البلدين.
ويعد التهريب بين لبنان وسوريا مسألة قديمة العهد ولكن منذ اندلاع الحرب في سوريا، ارتفع عدد المعابر غير الشرعية على الحدود إلى أكثر من 150 معبرا، وفقا لوزارة الدفاع اللبنانية.
وفي هذا الإطار، قالت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال البلعة إن التهريب عبر الحدود يشكل مشكلة دائمة، مشيرة إلى أن وتيرة تلك العمليات تختلف تبعا للظروف في كلا البلدين.
وأضافت "لا زال نظام الأسد وحزب الله يتحايلان بكل الطرق على العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، والدليل استمرار التهريب عبر المناطق الحدودية".
وذكرت أن الطرفين يستغلان الانهيار الاقتصادي والأزمة التي يعيشها سكان البلدين لجني أرباح هائلة، مشيرة إلى أنهما ينهكان في هذه الأثناء الاقتصاد اللبناني أكثر فأكثر.