تتواصل التحقيقات في مؤامرة قتل مقابل أجر استهدف فيها قتلة محتملون ناشطا أميركيا أعرب عن انتقاده للنظام الإيراني، وذلك بعد الإعلان عن توجيه اتهامات إلى 3 رجال في 27 كانون الثاني/يناير.
وكانت محكمة فيدرالية في نيويورك قد كشفت عن توجيه تهم قتل مقابل أجر وتبييض أموال لـ 3 أعضاء في منظمة إجرامية من أوروبا الشرقية، هم وفقا لها رأفت أميروف وبولاد عمروف وخالد مهدييف.
وإن أميروف مقيم في إيران وينحدر عمروف من جمهورية التشيك وسلوفينيا، فيما مهدييف رجل أذربيجاني يقيم في نيويورك.
وحدد المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند ومسؤولون أميركيون آخرون هدف مؤامرة الاغتيال بـ "الضحية"، دون ذكر أي اسم.
وعرّفت مسيح علي نجاد وهي مواطنة أميركية من أصل إيراني استهدفت سابقا بمؤامرة خطف أحبطها مكتب التحقيقات الفيدرالي، عن نفسها بأنها الهدف.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط أن علي نجاد أطلقت عام 2014 حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع النساء في إيران على مشاركة صورهن الذاتية بدون حجاب، ونشرت هذه الصور بدورها على صفحتها على فيسبوك.
وقال غارلاند "كشفت الضحية عن انتهاكات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان والمعاملة التمييزية للمرأة وقمع المشاركة الديمقراطية والتعبير واللجوء إلى السجن التعسفي والتعذيب والإعدام".
وأضاف "لن نتسامح مع محاولات قوة أجنبية لتهديد أو إسكات أو إيذاء أميركيين".
عمليات خطف واعتداء وابتزاز
ووصفت نائبة المدعي العام ليزا موناكو، مؤامرة الاغتيال التي تم إحباطها بأنها "تهديد مزدوج يتمثل بمجموعة إجرامية شريرة عابرة للحدود تعمل مما اعتقدت أنه ملاذ آمن لدولة مارقة هي إيران".
ومن جهته، رأى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي أن المؤامرة "تظهر ما المسؤولين الإيرانيين مستعدون له لإسكات المعارضين، ويشمل ذلك حتى محاولة اغتيال مواطنة أميركية على الأراضي الأميركية".
وقالت وزارة العدل الأميركية في 27 كانون الثاني/يناير إن أميروف وعمروف يتوليان مناصب قيادية في التنظيم الإجرامي الذي مقره أوروبا الشرقية والمتهم في تنفيذ المؤامرة، علما أن مهدييف هو أحد عناصره.
وأوضحت في بيان أن "التنظيم على علاقة بإيران وهو عنيف وينخرط في جرائم قتل وخطف واعتداء وابتزاز، وعادة ما يعرّف أعضاؤها عن أنفسهم بواسطة أوشام ورسوم أخرى لنجوم لها 8 رؤوس".
وأضافت أنه منذ تموز/يوليو على الأقل، أوكلت إلى التنظيم مهمة قتل مواطنة أميركية من أصل إيراني كانت سابقا هدفا في مؤامرات صممتها الحكومة الإيرانية لترهيبها ومضايقتها واختطافها.
وتابعت أن "الضحية هي صحافية وكاتبة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، وتقيم في بروكلين بنيويورك وقد كشفت عن انتهاكات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان وقمعها حرية التعبير عن الآراء السياسية".
وأردفت أنه "في الآونة الأخيرة وتحديدا في عامي 2020 و2021، تآمر مسؤولون وأجهزة في المخابرات الإيرانية لخطف الضحية من داخل الولايات المتحدة لتسليمها إلى إيران في محاولة لإسكات معارضتها للنظام".
قتلة مأجورون
وذكرت وزارة العدل الأميركية أنه في منتصف تموز/يوليو 2022 تقريبا، أرسل أميروف إلى عمروف معلومات تلقاها من أشخاص آخرين في إيران حول الضحية ومكان إقامتها.
وتواصل عمروف مع مهدييف للبدء بمراقبة الضحية. ثم بدأ مهدييف بإرسال صور ومقاطع فيديو لمنزل الضحية إلى عمروف ليشاركها مع أميروف ومنسقي المؤامرة في إيران.
ورتب بعد ذلك أميروف وعمروف لتسليم مبلغ 30 ألف دولار نقدا إلى مهدييف في مدينة نيويورك دعما للمؤامرة.
وقالت الوزارة "استخدم مهدييف جزءا من هذا المبلغ النقدي لشراء بندقية قتالية من طراز أيه كيه-47 ومخزنين للذخيرة وما لا يقل عن 66 طلقة".
وبين 20 و28 تموز/يوليو، "توجه [مهدييف] بصورة متكررة إلى الشارع حيث تقطن الضحية لمراقبتها واستطلاع المكان"، وأرسل تقارير مصورة ومقاطع الفيديو إلى عمروف ليشاركها مع أميروف.
وأثناء مغادرته شارع الضحية في 28 تموز/يوليو، تم إيقافه مهدييف إثر مخالفة مرورية. وخلال تفتيش سيارته، عثر ضباط الشرطة على البندقية والطلقات الـ 66 ونحو 1100 دولار نقدا، إضافة إلى قناع تزلج أسود.
ووجهت لأميروف وعمروف ومهدييف تهم بتنفيذ جريمة قتل مقابل أجر والتآمر لارتكاب جريمة قتل مقابل أجر والتآمر لتبييض أموال.
كذلك، وجهت إلى مهدييف تهمة حيازة سلاح ناري تم محو رقمه التسلسلي.
تصفية المعارضين على أرض أجنبية
هذا وتعرض معارضون آخرون انتقدوا النظام الإيراني كعلي نجاد، للتهديدات والترهيب والاعتداءات على حياتهم خلال السنوات الماضية.
فكان الكاتب سلمان رشدي الذي أثارت روايته "الآيات الشيطانية" المنشورة عام 1988 غضب النظام الإيراني، ضحية هجوم شبه مميت في نيويورك العام الماضي.
وكان مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني قد اتهم رشدي بـ "الكفر" وأصدر عام 1989 فتوى بقتله.
فأقدم هادي مطر البالغ من العمر 24 عاما وهو مواطن أميركي من أصل لبناني ولد في الولايات المتحدة، على طعن رشدي مرات عدة في العنق والصدر عندما كان هذا الأخير على وشك إلقاء محاضرة في معهد تشوتاكوا بولاية نيويورك في 12 آب/أغسطس، بحسب الشرطة.
ودفعت اتهامات بالفساد أيضا الجمهورية الإسلامية إلى اختطاف المعارض الإيراني المقيم في باريس روح الله زم، مؤسس موقع آمد نيوز الإعلامي خارج إيران، وتم إعدامه في إيران في كانون الأول/ديسمبر 2020.
وفي 10 آب/أغسطس، اتهمت وزارة العدل الأميركية عضو الحرس الثوري الإيراني شهرام بورصافي غيابيا بالتخطيط لاغتيال جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس السابق دونالد ترامب.
ورجحت وثائق المحكمة أن يكون مخطط اغتيال بولتون ردا على الضربة الجوية التي نفذت في كانون الثاني/يناير 2020 وأدت إلى مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني.
وأدعى المعارض الإيراني-الأميركي المقيم في الولايات المتحدة أمير عباس فخرافار في تصريح لوسائل الإعلام في آب/أغسطس الماضي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان قد أبلغه بمخططات بورصافي لاستهدافه أيضا.
ووفقا لتقرير أعدته وزارة الخارجية الأميركية في آيار/مايو 2020، ارتكب النظام الإيراني نحو 360 جريمة قتل خارج إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1978.
وكشف التقرير أن هذه المخططات الارهابية حدثت في 40 دولة "وبصورة رئيسة عبر ذراع الحرس الثوري الإيراني في الخارج (فيلق القدس) أو وزارة المخابرات في الجمهورية الإسلامية أو على يد جماعات وكيلة مثل حزب الله اللبناني".
وكان معظم ضحايا النظام الإيراني من المعارضين أو المنتمين إلى معارضة الجمهورية الإسلامية.
وأوضح التقرير أن "أفراد السلك الدبلوماسي الإيراني كثيرا ما تورطوا في عمليات الاغتيال في الخارج مثلما يتضح من مذكرات التوقيف وتحقيقات القضاء والشرطة وتقارير وكالات الاستخبارات والشهود".
وأضاف أن القتلة الإيرانيين أبدوا استعدادهم لاستخدام العصابات الإجرامية وعصابات المخدرات وأطراف ثالثة أخرى لتنفيذ مؤامرات اغتيال في الخارج.
وأكد أن "إيران تكذب دوما بشأن تورطها في عمليات قتل في الخارج، حتى عندما يتم القبض على موظفيها الدبلوماسيين وهم يراقبون أهدافا للمؤامرات أو يؤمنون المتفجرات أو يفرون من مسرح الجريمة".