القاهرة -- اعتبرت مجموعة من المحللين السياسيين والأمنيين المتخصصين في الشأن الإيراني أن المخططات الفاشلة للحرس الثوري الإيراني لاغتيال مسؤولين أميركيين فصل جديد من فصول "غباء الحرس الثوري".
وقد أدين شهرام بورصافي، 45 عاما، وهو من عناصر الحرس الثوري ويعرف أيضا باسم مهدي رضائي، غيابيا من قبل وزارة العدل الأميركية في 10 آب/أغسطس على خلفية مزاعم بشأن عرضه على شخص في الولايات المتحدة مبلغا قدره 300 ألف دولار لاغتيال مستشار الأمن القومي السابق للولايات المتحدة جون بولتون.
ولا يزال بورصافي متوار عن الأنظار.
ولم يمض المخطط، الذي امتد من تشرين الأول/أكتوبر إلى نيسان/أبريل، قدما لأن المجرم المزعوم الذي كان يتواصل معه بورصافي كان في الواقع مخبرا لدى مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.
وتظهر وثائق المحكمة أن مكتب التحقيقات الفدرالي ترك المخطط يستمر لأشهر عدة من أجل جمع المعلومات حول بورصافي ومخططات إيران الأوسع.
وشملت هذه المخططات مخططا آخر لاغتيال مسؤول أميركي سابق أرفع مقابل مليون دولار.
وفي سياق تنفيذ مخطط الاغتيال، كشف بورصافي عن هويته وعن معلوماته الشخصية وأوراقه الثبوتية.
وذكرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن رقم هويته الوطنية الإيرانية هو 1930098431 وأن عنوان بريده الإلكتروني هو [email protected]. وأشارت إلى أن رقم هاتفه هو 989125666366+ وحسابه على تويتر هو shahrampoursafi.
وقال العديد من مراقبي الأمن إن مثل هذا المجاهرة عمل غير مسبوق لشخصية استخباراتية بارزة.
وأثناء تواصله مع عنصر مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي، كشف بورصافي عن معلومات سمحت للسلطات بالعثور على أمور من بينها صور له وهو يرتدي زيا رسميا عليه شارة الحرس الثوري.
فصل جديد من فصول الغباء
وفي هذا الإطار، قال الدكتور فتحي السيد المتخصص في الشأن الإيراني بمركز الشرق الأوسط للدراسات الإقليمية والاستراتيجية إن "التخطيط لاغتيال جون بولتون "يعتبر فصلا جديدا من فصول الغباء الممارس من قبل الحرس داخل إيران وخارجها".
وذكر للمشارق أن مجرد التخطيط لمثل هذه العملية "يزيد من عزلة إيران بالإضافة إلى التأكيد على أنها راعية للإرهاب حول العالم". وتابع أنه لو تم تنفيذ المخطط، "لكان ذلك أدى إلى نتائج وخيمة جدا بالنسبة للإيرانيين".
هذا وعُرف النظام الإيراني بأولوياته التي هي في غير محلها منذ سنوات. ففي حين يتورط المسؤولون وعناصر الحرس الثوري في صفقات مشبوهة وعمليات تهريب للنفط والممنوعات والقرصنة البحرية وأنشطة غسيل أموال وتطوير عالي الكلفة للأسلحة، يعاني المواطنون في الداخل الإيراني من ظروف اقتصادية صعبة ويشاركون في تظاهرات شبه يومية.
وأضاف السيد أن الحادث الأخير هو ببساطة "حلقة في سلسلة أعمال الاغتيال والقتل والتفجير التي حصلت من قبل الحرس الثوري الإيراني وعملائه حول العالم".
وبدوره، ذكر اللواء المتقاعد في الجيش المصري عبد الكريم أحمد أن المخطط الفاشل يعد قمة في النفاق.
وأوضح للمشارق أن إيران كانت تطالب برفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة المنظمات الإرهابية، وفي نفس الوقت تكلف ضابطا في الحرس الثوري باغتيال مسؤولين أميركيين.
وتابع أن "هذا لا يمكن وصفه إلا بحالة فصام سياسي على أعلى مستوى".
وأعاد المخطط الأخير إلى الذاكرة مخطط إيران الفاشل والمحرج لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة في واشنطن عام 2011 بتفجير شاحنة مفخخة في مطعم شهير.
عملية أشبه بشراء المنتجات عبر الإنترنت
ومن جانبه، قال محمود شاهين أستاذ الاتصالات بكلية الهندسة بجامعة حلوان إن "الساخر في موضوع التخطيط لاغتيال... بولتون هو أن المدعو بورصافي الذي خطط للعملية تصرف مع الأمر وكأنه يشتري منتجا ما من خلال شبكة الإنترنت".
وتابع للمشارق "لا يمكن وصف التصرف إلا بالرعونة وعدم امتلاك أي حس أمني".
وأوضح أن الدليل الأكبر هو أن الوسيط الذي تواصل معه بورصافي أبلغ السلطات الأميركية على الفور، مما أدى إلى الكشف عن المحاولة وإجهاضها.
وقد طلب بورصافي من مواطن أميركي التقى به عبر الإنترنت تصوير بولتون، مدعيا أن الصور كانت لكتاب يعمل على تأليفه.
وأحال الشخص بورصافي إلى "زميل" له تبين أنه يعمل لصالح مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي.
وذكر شاهين أن الحادث يشير إلى أن "الحرس الثوري أصبح يلجأ وبشكل واضح جدا إلى استئجار الخدمات الإرهابية أو بمعنى أصح قيامه بعمليات تجنيد لأشخاص بعيدين عن الشبهات ومن جنسيات مختلفة ومن ديانات وطوائف مختلفة، وربما يعود السبب إلى التشديد الأمني والملاحقات التي يتعرض لها ضباط وعناصر الحرس الثوري والمتعاونين معهم حول العالم".