أعلنت الولايات المتحدة يوم الأربعاء، 25 كانون الثاني/يناير، تقديم مساعدات بقيمة 72 مليون دولار أميركي للبنان المنكوب بالأزمات لإكمال رواتب عناصر الأمن لمدة ستة أشهر، وذلك في برنامج مشترك مع الأمم المتحدة.
ويعاني الاقتصاد اللبناني منذ ثلاث سنوات من انهيار كبير، ما أدى إلى تقليص ميزانية الجيش وتآكل قيمة رواتب الجنود.
فمنذ عام 2019، فقدت العملة المحلية 95 في المائة من قيمتها السوقية، ما أجبر المئات من عناصر قوات الأمن على البحث عن وظائف جانبية أو ترك الخدمة بصورة نهائية.
وعام 2020، قال الجيش اللبناني إنه ألغى اللحوم من الوجبات المقدمة للجنود أثناء الخدمة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وتشاركت الولايات المتحدة، التي كانت لفترة من الزمن وما تزال أكبر جهة مانحة للجيش اللبناني، مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتقديم مساعدات هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد.
وقال البرنامج الأممي والسفارة الأميركية في بيروت في بيان مشترك إن البرنامج "سيقدم 72 مليون دولار أميركي في صورة دعم مالي مؤقت لعناصر القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي".
وسيقوم البرنامج الأممي بتوزيع الأموال من خلال مقدم خدمة محلي.
وأضاف البيان أن "هذه المدفوعات ستقدم مبلغ 100 دولار أميركي شهريا لفترة ستة أشهر لكل جندي وضابط شرطة مؤهل لتلقي المساعدة بموجب القانون الأميركي".
هذا ويبلغ اليوم متوسط الراتب الشهري للجندي اللبناني منخفض الرتبة نحو 50 دولارا، مقارنة بنحو 800 دولار أميركي قبل بدء الأزمة الاقتصادية عام 2019.
وقال المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان في بيان، إن "عائلات أفراد قوى الأمن الداخلي، مثلهم في ذلك مثل الأسر اللبنانية الأخرى، تعاني من الأزمة الاقتصادية المريرة والصعبة التي تؤثر على كل لبنان".
وأضاف أنه "من ناحية، عليهم تأمين الطعام وسبل العيش والرعاية الطبية والتعليم لأسرهم، ومن ناحية أخرى، من واجبهم البقاء أوفياء لقسمهم وللمؤسسة".
وضع الطعام على المائدة
وقال قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون "حقيقة أن المجتمع الدولي حريص على الحفاظ على المؤسسات العسكرية يثبت أنه لن يسمح بانهيار لبنان على الجبهة الأمنية".
وأضاف أن لبنان عرضة لمجموعة من التحديات بسبب موقعه الجغرافي والأزمات المتعددة التي واجهها، مشيرا إلى أن تأثيرات وعواقب الانهيار ستمتد إلى البيئة الأمنية في المنطقة.
وتابع "لقد وعدنا شعبنا بأن الجيش، ورغم كل التحديات التي يواجهها، سيبقى وفيا لقسمه في الدفاع عن اللبنانيين وكرامة الوطن مهما كانت التضحيات ثقيلة ومؤلمة".
من جانبها، قالت السفيرة الأميركية دوروثي شيا إن تقديم هذه المساعدات المؤقتة "سيدعمالجنود وأفراد الخدمة الشجعان والمجتهدين" عبر توفير الطعام على المائدة لأنفسهم وأسرهم.
وأضافت أن هذه "هي المرة الأولى على الإطلاق التي تقدم فيها الولايات المتحدة مثل هذا الدعم المالي لقوات الأمن في لبنان"، وحثت الزعماء السياسيين اللبنانيين على "انتخاب رئيس وتشكيل حكومةوتنفيذ إصلاحات اقتصادية ملحة".
بدورها، أشارت المندوبة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونستاين أيضا إلى الحاجة لتنفيذ إصلاحات، مشددة على أن "الأمن والاستقرار والتنفيذ السريع للإصلاحات هي المتطلبات الأساسية للتنمية في لبنان".
التعاون الأمني الأميركي-اللبناني
ووفق بيان حقائق أصدره مكتب الشؤون السياسية/العسكرية التابع لوزارة الخارجية الأميركية، تمثل المساعدة الأمنية الأميركية للجيش اللبناني مكونا رئيسا لسياسة الولايات المتحدة بشأن لبنان.
وقال المكتب إنها تهدف "لتعزيز سيادة لبنان وتأمين حدوده ومواجهة التهديدات الداخلية وتعطيل التيسير الإرهابي".
وتتضمن مجالات التعاون الرئيسة أمن الحدود والأمن البحري وبناء المؤسسة الدفاعية وعمليات نقل الأسلحة ومواجهة الإرهاب.
وقد خدم الجيش اللبناني "تاريخيا كركيزة للاستقرار في بلد يواجه تحديات استثنائية، بما في ذلك وجود حزب الله الإرهابي".
والشراكة الأميركية مع القوات المسلحة اللبنانية تبني قدرات الجيش اللبناني بصفته المدافع الشرعي الوحيد عن سيادة لبنان.
ومنذ العام 2006، مكنت الاستثمارات الأميركية التي تجاوزت 3 مليار دولار أميركي والمقدمة للقوات المسلحة اللبنانية، مكنتها من أن تكون قوة استقرار ضد التهديدات الإقليمية، بما في ذلك تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) وتنظيم القاعدة.
وبادرت بلاد أخرى أيضا لمساعدة القوات اللبنانية وسط الأزمة السياسية والاقتصادية المتواصلة.
فقطر مثلا أعلنت العام الماضي عن تقديم مساعدات بقيمة 60 مليون دولار أميركي للجيش اللبناني، حيث قال مصدر أمني إن المساعدة ستغطي رواتب الجنود.