اندلعت منذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي اشتباكات عنيفة بين جماعات مسلحة محلية في جنوبي سوريا وجماعات بايعت تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، علما أن معظم المعارك دارت في محافظة درعا.
وأسفرت المعارك عن مقتل أو إصابة عدد كبير من المقاتلين من كلا الجانبين، وقد أدت إلى نزوح عدد كبير من المدنيين من مناطق الصراع.
وقال الناشط جمعة المسالمة وأصله من درعا للمشارق إن درعا تشهد "حالة من التوتر الأمني" بعد أن تبين أن "بعض التنظيمات المحلية بايعت تنظيم داعش".
ويقود هذه الجماعات أحد أمراء داعش المدعو يوسف النابلسي ومحمد المسالمة (الملقب بحفو) ومؤيد حرفوش (الملقب بأبو طعجة) ورامي الصلخدي، وجميعهم عناصر في فصيل خالد ابن الوليد.
وقد بايع خالد ابن الوليد تنظيم داعش.
ولفت المسالمة إلى أن انتماء هؤلاء لداعش "كشف عن طريق الصدفة بعد سلسلة الاغتيالات التي قامت بها هذه العناصر، بالإضافة إلى تشابه طريقة التفجيرات والاغتيالات باسلوب التنظيم".
تسلل داعش بين النازحين
وذكر المسالمة أن بعض الجماعات المحلية بقيادة اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، تقوم بعمليات تطهير الجماعات والعناصر الموالية لداعش.
وأوضح "بدأت المعارك بمدينة جاسم وانتهت بعد مقتل وأسر وهروب معظم عناصر تنظيم داعش".
لكنه أشار إلى استمرار القتال في درعا البلد، لا سيما في محيط شارع السد حيث يتحصن بعض عناصر التنظيم في منازل خاصة.
وتابع أن "وجهاء العشائر نجحوا بفرض وقف مؤقت للنار لإخراج المدنيين ولمحاولة إيجاد حل لإنهاء وجود عناصر التنظيم دون معارك".
مع ذلك وبعد عدة اجتماعات، فشل المقاتلون في التوصل إلى اتفاق.
وقال المسالمة إن المعارك خلفت عشرات القتلى والجرحى من المسلحين من الجانبين بالإضافة إلى مدنيين، خاصة في الأيام الأولى من القتال.
أما بالنسبة لعناصر داعش، فهم بحسب المسالمة "مزيج من معظم المناطق السورية وعدد قليل من غير السوريين".
ولفت إلى أنهم "نجحوا بالتسلل إلى المنطقة كنازحين وتواصلوا مع القيادات المحلية في بعض التنظيمات وأسسوا ʼإمارةʻ خاصة بهم حتى أنهم أقاموا محكمة شرعية في مدينة جاسم".
تواجد لداعش في الجنوب
ومن جهته، قال المحامي السوري بشير البسام للمشارق إن جنوبي سوريا ومحافظة درعا على وجه الخصوص، تعتبر من أكثر المناطق التي قد يكون فيها تواجد لعناصر من داعش.
وأضاف أن أحد أسباب ذلك هو وعورة تضاريس المنطقة "التي فيها عدد كبير من المغاور الصخرية التي تشكل عاملا صعبا خلال عمليات الرصد والمتابعة".
وتابع البسام أن عناصر داعش تسللوا أيضا إلى المنطقة كنازحين واستخدموا بطاقات هوية مزورة تعود لأشخاص متوفين، مستغلين بذلك الصعوبات الاقتصادية في المنطقة لتجنيد عناصر سابقين في جماعات مسلحة مختلفة.
وأردف أنه حتى لو تم القضاء على مقرات تنظيم داعش، إلا أن ذلك لا يعني انتهاء وجوده في جنوبي سوريا، لأن عناصره منتشرون في جميع قرى وبلدات محافظة درعا.
وأوضح أنهم يقومون بشكل فردي أو ثنائي "بعمليات إرهابية وتفجيرات واغتيالات لزرع الفوضى ليتمكنوا من التسلل والانتشار في المحافظة".
وأكد البسام أن انتشار داعش الواسع في منطقة درعا "مريب جدا في توقيته وانكشافه بهذه الطريقة".
ولفت إلى أن "المعارك تزامنت مع زيارة وزير الخارجية الروسي إلى الأردن لبحث مسألة أمن المنطقة الحدودية بين سوريا والأردن".
وقال إن الجانبين ناقشا بحسب المعلومات إمكانية تولي الجيش السوري هذه المهمة بدلا من الانتشار الواسع للميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
خصوصية عشائرية
ومن جانبه، ذكر الضابط السابق في الجيش السوري الحر رياض شحود للمشارق، أن جنوب سوريا له خصوصية عشائرية تؤثر في الجوانب الأمنية والعسكرية والاجتماعية كافة.
وأضاف "استغل تنظيم داعش هذه المرة هذه الثغرة جيدا".
وأشار إلى أن زعماء الجماعات المحلية في درعا الذين بايعوا داعش مؤخرا "ينتمون إلى العشائر الكبيرة كالمسالمة وأبا زيد، ولهذا فإن المواجهات ستأخذ وقتا أطول مما يجب".
وذكر شحود إلى أن سبب ذلك يعود إلى الخوف على المدنيين أولا، وإلى واقع أن المفاوضات بين وجهاء القبائل لإنهاء القتال ستستغرق وقتا.
ولفت إلى أن مشاركة اللواء الثامن في المعارك بارزة، فهو فصيل المعارضة السابق الوحيد الذي تصالح مع النظام السوري وقد سمح له بالاحتفاظ بأسلحته المتوسطة والثقيلة.
وأشار إلى أن الجماعات الأخرى مسلحة بأسلحة فردية ورشاشات خفيفة فقط، ما يجعلها عاجزة عن محاربة داعش.