لم يشكل القصف الإيراني المتقطع على إقليم كردستان شمالي العراق خلال الأسابيع الماضية انتهاكا خطيرا ومقلقا لسيادة العراق فحسب، بل نظر إليه أيضا كوسيلة لصرف الانتباه عن الفوضى السائدة في الداخل الإيراني.
ونفذ الحرس الثوري الإيراني هجمات متفرقة على القواعد الكردية في شمال العراق خلال أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر بحجة الدفاع عن سيادة إيران، في ظل اتهام النظام الإيراني الجماعات المعارضة الكردية بـ "ممارسة الانفصالية والإرهاب وتأجيج الفوضى في إيران".
وخلال سلسلة الهجمات الأخيرة، شن الحرس الثوري في 4 تشرين الأول/أكتوبر هجوما مدفعيا على قاعدة تابعة لحزب المعارضة الكردية الإيرانية كومله بإقليم كردستان، حسبما ذكر زعيم الحزب عبد الله مهتدي لصحيفة نيويورك تايمز.
وقال مهتدي إن اثنين أصيبا بجروح جراء القصف المنفذ على القاعدة الأساسية، التي تقع على بعد نحو 16 كيلومترا جنوب غرب مدينة السليمانية.
وذكرت الأمم المتحدة أن هجوما إيرانيا استهدف قبل أسبوع مستوطنات اللاجئين الإيرانيين في إقليم كردستان بالعراق.
وأشار مسؤولون محليون إلى أن 9 مدنيين على الأقل قتلوا، فيما أصيب 32 شخصا على الأقل في الهجوم الذي نفذ بتاريخ 28 أيلول/سبتمبر.
واستهدفت القوات الإيرانية المنطقة المحيطة بكويه في محافظة أربيل العراقية التي تضم نحو 500 عائلة لاجئة كردية إيرانية.
وفي 26 أيلول/سبتمبر، شن الحرس الثوري أكبر هجوم على القواعد الكردية في شمال العراق في السنوات العشرة الأخيرة.
وأدى الهجوم إلى مقتل 13 شخصا، بينهم امرأة حامل، وإصابة 58 غيرهم، وغالبيتهم من المدنيين وبينهم أطفال تحت سن العاشرة، بحسب ما ذكرته القوات المحلية في إقليم كردستان بالعراق.
وقالت مصادر كردية إن الهجمات شملت أكثر من 70 عملية قصف نفذت بـ"صواريخ بالستية" و"طائرات مسيرة مسلحة".
ومصدقا على هجمات 29 أيلول/سبتمبر، ذكر اللواء محمد باكبور قائد القوات البرية التابعة للحرس الثوري أنه تم استهداف مراكز "الإرهابيين المناهضين لإيران" في شمال العراق "بواسطة طائرات مسيرة ووحدات صاروخية للحرس الثوري".
وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، نقلت وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري أن إيران أوقفت الهجمات على القواعد الكردية في العراق من أجل إعطاء السلطات الإقليمية فرصة لمواجهة الجماعات الكردية.
وذكر التقرير أن الهجمات ستتوقف بالكامل أو ستستأنف، مضيفا أن الاتجاه التي ستتخذه "سيعتمد على سلوك سلطات المنطقة".
وتعليقا على هجوم إيران على إقليم كردستان في العراق، ذكر الخبير السياسي عزيز سفاري أن طهران تنفذ تلك الهجمات من أجل صرف انتباه الناس عن تفاقم الأوضاع داخل إيران.
موجة تنديد واسعة
ونددت كل من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان شبه المستقل بالهجمات التي نفذها الحرس الثوري.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في 28 أيلول/سبتمبر إنها استدعت السفير الإيراني لإعلامه برفض العراق الرسمي للهجمات.
وأدان الوزراء العراقيون أيضا الهجمات خلال اجتماع خاص لمجلس الوزراء عقد حول الأمن القومي في 1 تشرين الأول/أكتوبر برئاسة رئيس الحكومة العراقية آنذاك مصطفى الكاظمي.
وأوكل مجلس النواب العراقي في 9 تشرين الأول/أكتوبر إلى لجنتي الدفاع والشؤون الخارجية مهمة التعاون مع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لفتح تحقيق شامل بالهجمات.
وبدوره، قال نائب رئيس البرلمان العراقي شهفان عبد الله إن البرلمان ملزم باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع إيران من تنفيذ المزيد من الهجمات على إقليم كردستان.
وفي بيان صدر في 28 أيلول/سبتمبر، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب قادة العراق في إقليم كردستان وبغداد بإدانة الهجمات باعتبارها "هجوما على سيادة العراق وشعبه".
وتابع أن "القادة الإيرانيين يواصلون إظهار تجاهل تام ليس فقط لحياة شعبهم، بل أيضا لجيرانهم ولمبادئ السيادة ووحدة الأراضي التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة".
وأضاف أن "إيران لن تستطيع أن صرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية والمظالم المشروعة لشعبها بتنفيذ هجمات عبر حدودها".
وأشار إلى أنه " لا بد من التعبير عن إدانة عامةلاستخدامها الفج للصواريخ والطائرات المسيرة ضد جيرانها، إضافة إلى تزويدها المسيرات لروسيا في حربها ضد أوكرانيا ووكلائها عبر الشرق الأوسط".
هذا ودان الاتحاد الأوروبي في بيان صدر بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر، "بأشد العبارات" الهجمات الدامية التي نفذها الحرس الثوري على إقليم كردستان في العراق.
وأعلن "إننا نتعاطف مع الضحايا وعائلاتهم. تنتهك هذه الهجمات سيادة العراق ووحدة أراضيه".