أمن

نزاعات الصين الإقليمية تهدد السلام والتجارة في العالم

فريق عمل المشارق ووكالة الصحافة الفرنسية

بحارة تايوانيون يسيرون أمام فرقاطة فيما تتفقد الرئيسة تساي إنغ-وين (غير ظاهرة في الصورة) القوات المتمركزة في جزر بنغهو يوم 30 آب/أغسطس. [سام ييه/وكالة الصحافة الفرنسية]

بحارة تايوانيون يسيرون أمام فرقاطة فيما تتفقد الرئيسة تساي إنغ-وين (غير ظاهرة في الصورة) القوات المتمركزة في جزر بنغهو يوم 30 آب/أغسطس. [سام ييه/وكالة الصحافة الفرنسية]

تايبيه، تايوان - يحذر محللون من أن قرع الصين المتزايد لطبول الحرب ونزاعاتها الإقليمية مع جيرانها تهدد السلم الدولي وتخاطر بخنق أكثر مسارات الشحن في العالم ازدحاما بتداعيات اقتصادية عالمية.

وتأتي المناورات العسكرية التي أجرتها الصين الشهر الماضي قبالة سواحل تايوان كأحدث تذكير بالتهديد الذي يشكله التوسع العسكري لبيجين.

ومع أن تايوان لها حكومة خاصة بها منذ العام 1949، إلا أنها تعيش تحت التهديد المتواصل بالغزو من قبل الصين. فتنظر بيجين إلى الجزيرة على أنها جزء من أراضيها، وقد تعهدت بالسيطرة عليها في يوم من الأيام، بالقوة إذا لزم الأمر.

وبعدما زار 20 مسؤولا حكوميا رفيعا من الولايات المتحدة تايوان يوم 2 آب/أغسطس، ردت الصين بنشر طائرات حربية وسفن وصواريخ لإجراء مناورات.

متظاهرون يحتجون على مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وذلك خارج السفارة الصينية في جاكرتا بإندونيسيا في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي. [داسريل روزاندي/وكالة الصحافة الفرنسية]

متظاهرون يحتجون على مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، وذلك خارج السفارة الصينية في جاكرتا بإندونيسيا في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي. [داسريل روزاندي/وكالة الصحافة الفرنسية]

موظفون يرتدون معدات الوقاية الشخصية يقفون بالقرب من سفينة شحن في ميناء بمنطقة تشينغداو في الصين يوم 14 كانون الثاني/يناير. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

موظفون يرتدون معدات الوقاية الشخصية يقفون بالقرب من سفينة شحن في ميناء بمنطقة تشينغداو في الصين يوم 14 كانون الثاني/يناير. [مراسل مستقل/وكالة الصحافة الفرنسية]

وعلى مدى 5 أيام أي في الفترة الممتدة بين 2 و6 آب/أغسطس، دخلت الطائرات الحربية التابعة للجيش الصيني ما تسميه تايوان منطقة تمييز للدفاع الجوي خاصة بها أو عبرت الخط الوسيط لمضيق تايوان 131 مرة على الأقل، حسبما أفاد الجيش التايواني.

هذا وأطلق جيش التحرير الشعبي الصيني صواريخ باليستية باتجاه المياه قبالة تايوان، بما في ذلك 4 صواريخ حلقت فوق الجزيرة نفسها وفقا لما ذكرته اليابان. وأجرى الجيش الصيني كذلك مناورات في منطقة أقرب من الجزيرة مقارنة بأي وقت مضى.

وكانت المناورات تهدف أكثر إلى الإظهار لتايوان والمجتمع الدولي قدرة الصين على الإحاطة بالجزيرة المجاورة وربما محاصرتها.

وقال درو تومسون وهو مسؤول كبير في كلية لي كوان للسياسة العامة بسنغافورة وكان يعمل سابقا في البنتاغون، لصحيفة نيويورك تايمز يوم 25 آب/أغسطس إن "هذه حرب سياسية".

وأشار إلى أن "الجانب السياسي في ما تفعله، يكون أحيانا أكثر أهمية من التدريب الفعلي الذي تجريه".

وبدوره، قال أو سي-فو وهو باحث في معهد أبحاث الدفاع والأمن الوطني التابع لوزارة الدفاع التايوانية، إنه في حين كانت نوايا الصين استعراضا للقوة، تبقى التهديدات حقيقية.

وذكر لصحيفة التايمز "أعتقد أنها أظهرت نواياها بمحاصرة تايوان ومواجهة التدخل الخارجي. وكان الافتراض الذي توصلوا إليه أنه ʼيمكن عزل تايوان، وبالتالي محاربتها ستشكل الخطوة التاليةʻ".

وظلت التوترات عالية منذ المناورات.

وتبادلت تايبيه وبيجين يوم الاثنين، 29 آب/أغسطس، انتقادات لاذعة بشأن سلسلة من طلعات الطائرات المسيرة التي نفذت مؤخرا وانطلقت من البر الرئيسي للصين إلى جزيرة تايوانية نائية، مع قيام البعض منها بمراقبة المواقع العسكرية الأمامية، بحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتم تداول الصور وأشرطة الفيديو التي التقطتها الطائرات المسيرة الصينية لجزر كينمن على مواقع التواصل الاجتماعي التايوانية والصينية على حد سواء، وأظهر أحد الأشرطة جنودا تايوانيين كانوا يقذفون الحجارة على طائرة مسيرة لإبعادها.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية زاو ليجيان إن الأمر "لا يستحق أن يثير كل هذه الضجة" حيث أن الطائرات المسيرة كانت "تحلق حول الأراضي الصينية".

وقد أثار هذا الرد رد فعل غاضبا من تايبيه.

فقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان صدر في وقت متأخر يوم الاثنين إن "الحكومة التوسعية الاستبدادية للحزب الشيوعي الصيني لطالما جعلت من مضايقة البلدان الأخرى روتينا يوميا، وبالتالي فإن اللقب الذي أطلق عليها، وهو ʼمشاغبة إقليميةʻ مستحق تماما".

خنق مسارات الشحن

هذا وقد أثرت المناورات العسكرية الصينية في المياه المحيطة بتايوان على خطوط الشحن العالمية.

فيشكل مضيق تايوان وهو ممر مائي يبلغ طوله 180 كيلومترا ويفصل تايوان عن البر الرئيسي الصيني وبقية آسيا، مسارا بحريا رئيسيا تستخدمه السفن التجارية التي تبحر إلى الصين وتايوان واليابان وكوريا الجنوبية أو منها.

وتحمل مسارات الشحن هذه البضائع من مراكز المصانع الآسيوية إلى الأسواق في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.

ووفق بلومبيرغ، فإن نصف أسطول الحاويات العالمي تقريبا و88 بالمائة من أكبر سفن العالم من حيث الحمولة قد عبرت هذا الممر المائي في العام الماضي.

وفي حين كانت موانئ تايوان مفتوحة أثناء المناورات، إلا أن سفن الحاويات وناقلات الغاز الطبيعي أجبرت على الالتفاف حول مناطق المناورات، حسبما أوضح رؤساء تنفيذيون في مجال الشحن.

وقال محللون وأصحاب سفن إن تلك التحركات زادت التكاليف وتسببت بتأخير، حيث أضافت ما يصل إلى نصف يوم إلى بعض الرحلات، مع ما كان لذلك من تأثير مضاعف حول العالم.

وأوردت وكالة رويترز يوم 5 آب/أغسطس أن مجموعات تأمين الشحن نشرت أيضا تنبيهات للأعضاء حثتهم فيها على توخي الحذر في الملاحة بمحيط تايوان.

وذكر بيتر ساند وهو كبير المحللين في موفر البيانات البحرية زينتا، لصحيفة وول ستريت جورنال في آب/أغسطس أن "شنغهاي التي تعد أكثر موانئ العالم ازدحاما، تقع على مسافة قريبة للغاية ومن ثم فإن أي تعطيل رئيس سيؤثر على الأسطول التجاري الصيني أيضا".

ومن جانبه، قال زفي شرايبر الرئيس التنفيذي لمؤشر الشحن فريتوس لوكالة رويترز في إشارة إلى المناورات التي جرت في آب/أغسطس، إنه "مع أن تحرك الصين لم يتسبب بتعطيل كبير في عمليات الشحن بالمحيط، إلا أن مناورات أطول ستؤثر عليها بالتأكيد".

وأضاف أن "الصراع الإقليمي قد يجبر السفن على اللجوء لمسارات بديلة، ما يضيف وقتا في العبور ويعطل الجداول ويسبب المزيد من التأخير والتكاليف".

ʼعقد اللؤلؤʻ

وتنذر المناورات الأخيرة بالسوء للممرات المائية الرئيسية الأخرى التي للصين فيها إما نزاعات نشطة أو حيث تقوم بتوسيع تواجدها العسكري.

يذكر أن الصين تطالب بتقريبا كل بحر الصين الجنوبي، الذي تمر عبره حركة تجارية بتريليونات الدولارات سنويا، مع وجود مطالبات منافسة من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام.

وفي آسيا الوسطى، كانت بيجين في السنوات الأخيرة تروج لفكرة عودة "أراضيها" في وسائل إعلامها لقياس ردة فعل السكان المحليين، في ما يصفه المراقبون بالتهديد المباشر لسيادة المنطقة.

وتدفع الصين باتجاه مبادرة بنية تحتية ضخمة لربط البر الرئيسي الصيني بالقرن الإفريقي عبر شبكة من المنشآت العسكرية والتجارية.

وفي إطار استراتيجية "عقد اللؤلؤ" التي تتبناها، تعبر الخطوط البحرية للصين عبر عدة موانئ رئيسية من جزر المالديف إلى بنغلاديش وسريلانكا وباكستان وإيران والصومال.

وتسير هذه الخطوط عبر عدة مضايق، بما في ذلك مضيق باب المندب (بين اليمن في شبه جزيرة العرب وجيبوتي وإريتريا في القرن الأفريقي) ومضيق ملقا (وهو قناة الشحن الرئيسية بين المحيطين الهندي والهادئ) ومضيق هرمز (الذي يفصل إيران عن عُمان والإمارات) ومضيق لومبوك (بين جزر بالي وإندونيسيا).

هذا وتتواصل مبادرة البنية التحتية العالمية لبيجين والتي تعرف باسم مبادرة الحزام والطريق أو حزام واحد طريق واحد، في المناطق الداخلية من تلك الموانئ البحرية الهامة وتصل إلى أجزاء أخرى من منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.

ولكن يحذر نقاد من أن مشاريع الصين التي لها طبيعة تجارية ظاهريا تخدم غرضا مزدوجا، حيث أنها تسمح لجيش الصين الذي يتنامى بسرعة بتوسيع نطاق عملياته.

ويعطي عقد اللؤلؤ لبيجين كذلك ميزة وورقة ضغط في حال اندلاع صراع شامل حول تايوان.

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

في السبيعينات ( وهو الامر كان حقيقيا في الثمنينات ) توسعت الدول الامبراليه وانشئت مشاريع كينزيه عسكريه في العالم ، والان وبعد خمسين عام تتهم الصين بالتوسع العسكري !! هذا امر لا ينطلي على عاقل الصين نعم تتوسع بطريق الحرير وكذالك بعقد اللؤلؤ الا ان توسعها يوفر قوه شرآئيه بيد العمال والمنتجين في الدول العاجزه عن الانظمام لمنظمة التجارة العالميه كاليمن والقرن الافريقي وغيرهم .

الرد