مجتمع

حرمان ويأس في دمشق المصنفة ’أقل مدن العالم ملاءمة للعيش‘

وليد أبو الخير

سوريون ينتظرون الإفراج عن أقاربهم المحتجزين في سجون النظام بدمشق بشهر أيار/مايو الماضي. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

سوريون ينتظرون الإفراج عن أقاربهم المحتجزين في سجون النظام بدمشق بشهر أيار/مايو الماضي. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

القاهرة - في العاصمة السورية دمشق التي صنفت مؤخرا على أنها "أقل المدن ملاءمة للعيش" في العالم، يحمّل العديد من السكان نظام بشار الأسد مسؤولية الحرمان واليأس اللذين يعيشانهما يوميا.

وقال مراقبون إنه في الوقت الذي ينتظر فيه أهالي المدينة بالطوابير للحصول على الخبز ويتحملون مشقة الحياة مع تعطل الخدمات الأساسية، يختلس النظام المساعدات الدولية المخصصة للشعب السوري.

ومع سلبه المساعدات الإنسانية من أفواه المدنيين وبيعها لتمويل قواته وإثراء المقربين منه، زاد النظام من الدعم الذي يتلقاه من إيران وروسيا مع استمرار معاناة الشعب ومواجهته تحديات شديدة.

ويضاف كل ذلك إلى التصنيف الأخير الذي أعطي لدمشق على قائمة ملاءمة العيش في العواصم العالمية.

رجل سوري ينتظر الزبائن في محل لبيع الملابس المستعملة في سوق بدمشق يوم 17 أيار/مايو 2020، وسط أزمة اقتصادية حادة ومتواصلة. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

رجل سوري ينتظر الزبائن في محل لبيع الملابس المستعملة في سوق بدمشق يوم 17 أيار/مايو 2020، وسط أزمة اقتصادية حادة ومتواصلة. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

ففي تقريرها السنوي حول مؤشر الرفاهية العالمي وهو تقرير عن الأوضاع المعيشية في عواصم العالم، صنفت منظمة وحدة الاستخبارات الاقتصادية البحثية دمشق على أنها أقل مدن العالم ملاءمة للعيش.

وأصدرت وحدة الاستخبارات الاقتصادية تقريرها في نهاية حزيران/يونيو.

وفي حديثه للمشارق، رجح الخبير الاقتصادي السوري والأستاذ المحاضر في جامعة دمشق محمود مصطفى، أن تزداد الأوضاع المالية والاجتماعية المتردية في سوريا سوءا في مناطق سيطرة النظام السوري.

وأوضح أنه "بدلا من الاستفادة من الدعم المقدم من روسيا وإيران، إلا أن كل من الدولتين تستفيدان من سوريا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا".

أحلام بعيدة المنال

وأضاف أن الأسعار ارتفعت بنسبة 75 في المائة منذ كانون الثاني/يناير، ما أدى إلى سحق القدرة الشرائية للمواطن السوري.

وأوضح أن الحد الأدنى لتأمين الاحتياجات الغذائية الشهرية لعائلة مكونة من 4 أفراد هو 1.2 مليون ليرة سورية (أي 477 دولارا)، لا سيما أن سعر كيلو اللحم يبدأ من 40 ألف ليرة سورية (15 دولارا)، مشيرا إلى أن متوسط الراتب في سوريا لا يمكن له أن يتحمل هكذا تكلفة.

وتابع أن تقريرا نشرته الأمم المتحدة عن الوضع الاقتصادي للبلاد عام 2021 قدر عدد السوريين المحتاجين للمساعدة بـ 14.6 مليون شخص من إجمالي عدد السكان الذي يبلغ 18 مليونا.

وذكر مصطفى أنه بحسب معطيات وردت مؤخرا، يعيش 47.2 في المائة من السوريين في انعدام أمن غذائي متوسط، في حين يتمتع 39.4 في المائة من الأشخاص بأمن غذائي مقبول لكنهم معرضون للخطر إذ لا يستطيعون تحمل أي صدمة اقتصادية.

ومن جانبها، قالت أسماء علي الطقش وهي موظفة في دائرة التربية والتعليم للمشارق، إن تأمين أبسط المتطلبات بات حلما صعب المنال بالنسبة للعائلات السورية.

وأوضحت "لا كهرباء ولا مياه خصوصا في المدن التي يسيطر عليها النظام. وإن المناطق الريفية القريبة من مصادر المياه تنعم على الأقل بالمياه".

وأكدت الطقش أن الوضع بات صعبا لدرجة "عدم قدرة السيدة السورية على غسل الثياب، ولا تستطيع العائلة الحصول على الماء للنظافة الشخصية".

وأشارت إلى صعوبة الوصول إلى مياه الشرب بشكل منتظم بسبب سعرها المرتفع. وأوضحت أن ملء خزان المياه يكلف أحيانا 30 ألف ليرة سورية (11 دولارا)، علما أنه يجب تعبئته نحو 4 مرات شهريا للاستخدام المنزلي الاعتيادي.

ولفتت الطقش إلى أن المياه التي تؤمنها الدولة توفر على مدى ساعتين أو 3 كل 3 أيام من أجل تعبئة خزانات المياه المنزلية، ولكن نظرا لكمية المياه المحدودة وضغطها المنخفض، غالبا ما يبقى السكان المقيمون في الطوابق العليا بدون مياه.

أما بالنسبة للكهرباء، فقالت إن معظم المناطق تحصل على كهرباء لمدة ساعة تليها 6 ساعات من انقطاع الطاقة.

مجتمع غارق بالفقر

وفي هذا السياق، أشار الناشط السوري محمد البيك للمشارق إلى انتشار ملحوظ للمتسولين من كافة الأعمار ومن النساء والذكور والأطفال، في معظم المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وذكر أن النظام حاول تحميل "العصابات" مسؤولية هذه الظاهرة، لكن السبب الحقيقي وراءها هو خروج الوضع في الشوارع السورية عن سيطرة الحكومة وكونه يعكس الصعوبات الاقتصادية الشديدة في البلاد.

وأكد أن مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل والشرطة لم تأخذ أي تدابير لمعالجة ظاهرة التسول التي تفاقمت منذ اندلاع الحرب السورية.

وقال إن تراجع الدخل الشهري وانعدام فرص العمل وانهيار الليرة السورية هي من الأسباب الأساسية لانتشار هذه الظاهرة.

وأضاف أن "الفقراء كانوا يلجأون إلى الأطعمة الشعبية قليلة الكلفة لكنها بأسعارها الحالية باتت هي الأخرى خارج القدرة الشرائية".

وأوضح أن "سندويش الفلافل الذي كان يعتبر أكلة الفقراء أصبح بـ 3000 ليرة (1.20 دولار) والقرص الواحد من الفلافل بـ 250 ليرة (0.90 دولار)".

وقال البيك إن "سعر كيلو البطاطا 4500 ليرة سورية (1.79 دولار) ويصل سعر الفطيرة إلى 1500 ليرة (0.69 دولار)، أما باقي الأنواع التي تحتوي على اللحوم فأسعارها أصبحت فلكية وتبدأ من 7000 ليرة (2.78 دولار)".

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500