إقتصاد

النظام السوري يعطي الأولوية لميليشياته وسط المصاعب المتصاعدة

وليد أبو الخير

رجل يقف إلى جوار ميكروباص للإيجار في دمشق يوم 12 تموز/يوليو 2021 بعد أن أعلن النظام السوري زيادة حادة في أسعار الوقود. تواصل الأسعار ارتفاعها وسط نقص في الإمدادات وتصاعد الاحتجاجات. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

رجل يقف إلى جوار ميكروباص للإيجار في دمشق يوم 12 تموز/يوليو 2021 بعد أن أعلن النظام السوري زيادة حادة في أسعار الوقود. تواصل الأسعار ارتفاعها وسط نقص في الإمدادات وتصاعد الاحتجاجات. [لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية]

تشهد جميع المناطق السورية أزمة وقود مع اختفاء المواد البترولية من الأسواق وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، ما خلق المزيد من المصاعب وانعكس سلبا على حياة المواطن السوري اليومية.

وتترافق الأزمة مع احتجاجات شعبية ضد المؤسسات الحكومية مدفوعة بالغضب من تفضيل النظام السوري لقواته العسكرية والميليشيات التابعة لها وللحرس الثوري الإيراني على المواطنين.

فالمواد البترولية تتوفر لدى هذه القوات بشكل عادي، في تناقض شديد مع الوضع الذي يواجهه معظم المدنيين.

الخبير الاقتصادي السوري محمود مصطفى والأستاذ المحاضر في جامعة دمشق قال للمشارق إن "أزمة المحروقات الحالية كان متوقعا حدوثها بسبب ارتفاع الطلب على المحروقات خلال فصل الشتاء".

محتجون يدمرون عربة مدرعة أمام مبنى الحكومة المحلية بالسويداء يوم 4 كانون الأول/ديسمبر 2022. [[@M_Alneser/تويتر]

محتجون يدمرون عربة مدرعة أمام مبنى الحكومة المحلية بالسويداء يوم 4 كانون الأول/ديسمبر 2022. [[@M_Alneser/تويتر]

وأضاف أنه بدلا من أن تتخذ الحكومة السورية تدابير استباقية تمنع الوصول إلى الأزمة، "اكتفت بالسكوت وأعلنت عن مضاعفة الأسعار بعد حصول الأزمة".

وتم تخفيض الكميات المسلمة للمواطنين لتصبح 20 لترا كل أسبوع، وامتنع النظام عن تسليم الكميات المخصصة للميكروباصات التي ما تزال تعتبر أرخص وسيلة نقل للسوريين.

ولفت إلى أن السعر الرسمي حاليا للتر البنزين هو 4900 ليرة سورية (2 دولار أميركي) والمازوت ارتفع إلى 5400، لكن وبسبب عدم توفر المواد في الأسواق، ارتفعت الأسعار في السوق السوداء لأكثر من 13 ألف للبنزين وثمانية آلاف للمازوت.

أما مادة الغاز، فقد أصبحت ترفا، إذ وصل سعر القارورة إلى أكثر من 250 إلف ليرة.

وأوضح مصطفى أن الأزمة أدت إلى "ارتفاع جنوني للأسعار"، مشيرا إلى أن المواد البترولية أصبحت خارج قدرة الكثير من العائلات، هذا إلى جانب الكثير من الضروريات الأساسية الأخرى.

وتابع أن "خدمات الكهرباء والاتصالات والانترنت أصبحت شبه مقطوعة بالكامل، والأهم توقف العام الدراسي لعدم قدرة الطلاب على تحمل مصاريف التنقل".

ولفت إلى أنه لا يوجد على ما يبدو حل قريب لهذه الأزمة.

وأكد مصطفى أن هذه الأزمة "هي الأشد منذ بدء الأحداث في سوريا عام 2011، ورغم استمرار الخط الائتماني الإيراني الذي يمد سوريا بمليوني برميل شهريا".

احتجاجات شعبية

وفي حديثه للمشارق، قال الناشط من مدينة السويداء نزار بوعلي، إن "ارتفاع أسعار المحروقات خصوصا وأسعار السلع عموما، دفع الأهالي في مدينة السويداء إلى الاحتجاج".

وأضاف أن "بعض المحتجين اقتحموا مبنى المحافظة وأشعلوا فيه النيران، وأدت الإحداث إلى مقتل شرطي ومدني".

وذكر أن التوتر بدأ بسبب عدم قيام الجهات الحكومية بأي تحرك لمعالجة الوضع في المنطقة التي اختفت منها المحروقات كليا لأكثر من عشرة أيام.

وفي الوقت نفسه، ما تزال سيارات عناصر النظام والميليشيات تتحرك بشكل طبيعي وكأنه لا وجود للأزمة، "ما يؤكد أن المحروقات المتوفرة تم إخفاؤها عن السوق لصالح النظام والميليشيات حصرا".

ولفت بوعلي إلى أن "مسؤولين حكوميين يحاولون تهدئة الأوضاع وإقناع المواطنين بعدم النزول إلى الشارع والمشاركة بالتظاهرات المستمرة منذ عشرة أيام لكن دون جدوى".

وذكر أن الأزمة آخذة في التفاقم وسط ارتفاع الأسعار "بشكل جنوني" وغياب الكهرباء والخدمات الأساسية المرتبطة بها.

'مدن أشباح'

من جانبه، قال الناشط من الغوطة الشرقية محمد البيك للمشارق، إن شوارع العاصمة دمشق فارغة من السيارات باستثناء سيارات تابعة للميليشيات الموالية للنظام أو الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف أن "هذا الأمر أسفر عن بعض التحركات الشعبية، لكن قوات النظام قمعتها سريعا ومنعت التجمعات في العديد من المناطق خوفا من انتشارها بشكل واسع".

وتابع أن مدينة دمشق وريفها أشبه "بمدن الأشباح خاصة في الليل، بسبب عدم وصول التيار الكهربائي سوى لنصف ساعة كل عشر ساعات".

وأوضح أن هذا الأمر قد دفع أصحاب المحلات التجارية والمصانع إلى إقفال أبوابها لعدم وجود التيار الكهربائي وعدم توفر المحروقات لتشغيل المولدات الكهربائية.

وأشار إلى أنه من الشائع أن ترى "طوابير المواطنين من موظفين وطلاب في محطات الباصات الخاصة والنقل العام".

واستدرك أن كثيرين ينتظرون "لساعات طويلة دون جدوى ويجبرون بعدها على العودة إلى منازلهم بدلا من جامعاتهم وأعمالهم"، الأمر الذي دفع الحكومة إلى زيادة أيام العطلة الأسبوعية بإضافة يوم الأحد إليها.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500