سياسة

المقربون من النظام يجنون الأرباح في ظل معاناة الشعب الإيراني للبقاء

فريق عمل المشارق

مجموعة من المزارعين يحتجون ضد انتهاك الحكومة قواعد الزراعة وحقوق المزارعين أمام وزارة الزراعة في طهران بتاريخ 19 تموز/يوليو. [مواقع التواصل الاجتماعي]

مجموعة من المزارعين يحتجون ضد انتهاك الحكومة قواعد الزراعة وحقوق المزارعين أمام وزارة الزراعة في طهران بتاريخ 19 تموز/يوليو. [مواقع التواصل الاجتماعي]

في ظل تحدي النظام الإيراني للعقوبات من أجل تمويل مشروعه الخارجي ، يستمر المواطنون الإيرانيون العاديون بالاحتجاج ضد الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والرواتب المنخفضة.

ولكن عوضا عن حصولهم على مساعدة من النظام لتحسين ظروفهم المعيشية، تم إسكات وقمع المتظاهرين من جميع مناحي الحياة الذين شاركوا في التظاهرات التي عمت البلاد.

وأجبر عدد متزايد من الأطفال القصر، الذين يعرفون باسم "أطفال العمالة"، على العمل أو التسول في شوارع طهران ومدن أخرى كبرى في إيران. وليس لبعضهم أي مكان ينامون فيه غير الشارع.

ويواجه المدرسون والمزارعون والمتقاعدون والعاملون في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة وغيرها، وضعا تصفه مجموعة من الخبراء الحقوقيين المستقلين بالأمم المتحدة بأنه "قمع عنيف".

طفل مشرد في شارع بطهران بتاريخ 19 تموز/يوليو. ويعمل عدد متزايد من الأطفال القصر، الذين يطلق عليهم اسم ʼأطفال العمالةʻ، وينامون في شوارع طهران ومدن كبرى أخرى في إيران. [مواقع التواصل الاجتماعي]

طفل مشرد في شارع بطهران بتاريخ 19 تموز/يوليو. ويعمل عدد متزايد من الأطفال القصر، الذين يطلق عليهم اسم ʼأطفال العمالةʻ، وينامون في شوارع طهران ومدن كبرى أخرى في إيران. [مواقع التواصل الاجتماعي]

وقال الخبراء الـ 11 في بيان صدر في 15 حزيران/يونيو، "نشعر بالقلق إزاء التصعيد الأخير المتمثل بالاعتقالات التعسفية للمدرسين والمدافعين عن حقوق العمال وزعماء النقابات والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الفاعلين في المجتمع المدني".

ويوم الخميس، 21 تموز/يوليو، صدر حكم بالسجن لمدة سنتين بحق الناشط الإعلامي وحيد أشتاري الذي كشف عن خبر قيام عائلة رئيس المجلس محمد باقر قاليباف برحلة تسوق مترفة إلى تركيا.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، نشر النظام أيضا عددا كبيرا من القوات وغالبيتها من النساء، من أجل ملاحقة النساء العاديات اللواتي يرفضن تغطية أجسادهن تغطية كاملة. وتحاول القوات إلقاء القبض على من "لم يغطين أنفسهن بالكامل بموجب القانون"، إلا أن العديد من أولئك النساء يقاومن الاعتقالات.

وتزداد الاشتباكات في الشوارع وفي وسائل النقل العام بين قوات النظام والمواطنين الذين يرفضون اعتماد اللباس المفروض بشكل كامل.

وفي هذا السياق، اتهم قاليباف الذي كان مقربا من القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني باختلاس مبالغ مالية طائلة أثناء ولايته كعمدة لطهران. لكنه أفلت دون أن يمس في محاكمة شهدت إدانة آخرين.

وفي نيسان/أبريل الماضي، احتلت عائلته عناوين الصحف إذ عادت بـ 20 حقيبة كبيرة ممتلئة بأغراض اشترتها خلال رحلة إلى تركيا، وهو ما أثار غضبا عاما في وقت يعيش فيه كثيرون في إيران معاناة كبيرة.

ويأتي ذلك في وقت يصف فيه مسؤولو النظام بمن فيهم خامنئي، بشكل متواصل مدى البساطة التي يعيشون بها حياتهم والأغراض القليلة التي يمتلكونها، وذلك على الرغم من كل الأدلة التي تشير إلى خلاف ذلك.

إسكات مخرجي الأفلام

ويوم الثلاثاء، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية أنه يتوجب على المخرج المعارض الحائز على جوائز جعفر بناهي، والذي اعتقل الأسبوع الماضي في طهران، قضاء حكم بالسجن لفترة 6 سنوات كان قد صدر بحقه في العام 2010.

يُذكر أن بناهي حاز على عدد من الجوائز في مهرجانات سينمائية عالمية لأفلام انتقد فيها إيران المعاصرة.

وهو ثالث مخرج يعتقل خلال الشهر الجاري، إلى جانب مصطفى علي أحمد ومحمد رسولوف الذي حاز على جائزة الدب الذهبي في برلين في العام 2020.

وقال المتحدث باسم مجلس القضاء مسعود سيتايشي إنه "حكم على بناهي في العام 2010 بالسجن لفترة 6 سنوات" وقد نقل "إلى سجن إيفين لقضاء الحكم هناك".

ويقع سجن إيفين شمالي طهران ويعتبر السجن الأسوأ سمعة في البلاد، ويضم معظم السجناء السياسيين البارزين.

وفي آب/أغسطس الماضي، اعترف مدير منظمة السجون الإيرانية بصحة مشاهد الفيديو التي سربت وأظهرت انتهاكات حقوق الإنسان في سجن إيفين مع تعرض السجناء للضرب على يد الحراس.

ولكنه امتنع عن الاعتذار للسجناء وعائلاتهم.

واعتقل بناهي في العام 2010 على خلفية دعمه لتظاهرات 2009 التي انطلقت ردا على الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها على نطاق واسع. وأعادت الانتخابات الرئيس نفسه آنذاك محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية فيما أدت التظاهرات التي تلت ذلك إلى إنشاء الحركة الخضراء في إيران.

وأدين بناهي "بنشر الأخبار الدعائية ضد النظام" وحكم عليه بالسجن مدة 6 سنوات، كما منع من إخراج الأفلام أو كتابة السيناريوهات ومنع من مغادرة البلاد.

ولكنه لم يمض إلا شهرين خلف القضبان في العام 2010، وعاش بعد ذلك بقرار إطلاق سراح مشروط يمكن إلغاؤه في أي وقت.

واعتقل بناهي مجددا في 11 تموز/يوليو بعد توجهه إلى مكتب المدعي العام لمتابعة قضية رسولوف.

وجاءت الاعتقالات بعد أن ندد بناهي ورسولوف في مايو/ايار في خطاب مفتوح باعتقال زملاء كثر لهما في وطنهم الأم.

غضب عالمي

وقوبلت هذه التحركات بردة فعل سريعة وغاضبة على الساحة الثقافية العالمية.

فأعرب منظمو مهرجان كان السينمائي عن "استنكارهم الشديد" للاعتقالات و"لموجة القمع التي تنفذ جليا في إيران ضد الفنانين الإيرانيين".

أما مهرجان البندقية السينمائي، فطالب بـ "الإفراج فورا" عن المخرجين، في حين أعرب مهرجان برلين السينمائي عن "قلقه وغضبه".

ودانت الولايات المتحدة "جهود [طهران] المتواصلة لمنع حرية التعبير".

حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "نطالب الحكومة الإيرانية بالإفراج عن كل العاملين والناشطين الإعلاميين والمتظاهرين السلميين الذين اعتقلتهم بشكل تعسفي".

كذلك، ذكر متحدث عن وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا طالبت مجددا يوم الثلاثاء بالإفراج "على الفور" عن بناهي، منددة بـ "الاعتقال التعسفي" الذي طاله.

والأسبوع الماضي، أشارت الوزارة إلى "تدهور مقلق في وضع الفنانين في إيران".

هذا واعتقلت إيران خلال الأسابيع الماضي عدة شخصيات بارزة، من بينهم السياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده الذي ألقي القبض عليه في 8 تموز/يوليو.

وذكر سيتايشي يوم الثلاثاء أن تاج زاده "حاليا قيد الاحتجاز على ذمة المحاكمة في [سجن] إيفين"، وقد اتهم "بالتعاون والتواطؤ بنية التحرك ضد أمن البلاد مع نشر أخبار دعائية ضد النظام".

وقد اعتقل السياسي أول مرة في العام 2009 خلال تظاهرات الحركة الخضراء ضد إعادة انتخاب أحمدي نجاد.

وأدين تاج زاده، الذي كان قد دعا لإدخال "تغييرات بنيوية" وديمقراطية في إيران، في العام 2010 بتهمة الإساءة للأمن القومي ونشر الأخبار الدعائية ضد الدولة قبل أن يطلق سراحه في العام 2016 بعد قضاء فترة حكمه.

وشغل منصب نائب وزير الداخلية خلال ولاية الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين عامي 1997 و2005.

تعاملات مشبوهة

وفي هذه الأثناء، استمر النظام بالانخراط في تعاملات مشبوهة تشمل التحويلات وعمليات التهريب غير المشروعة للنفط وأعمال القرصنة وتبييض الأموال، مستخدما شركات واجهة من أجل التحايل على العقوبات الدولية.

وفي هذا السياق، فرضت الولايات المتحدة في 6 تموز/يوليو عقوبات على أكثر من 12 جهة وشركة واجهة تعمل على إنتاج ونقل النفط والبتروكيماويات على خلفية انتهاكها العقوبات النفطية على طهران.

واستخدم الأفراد والكيانات الـ 15 المدرجة أسماؤهم على لائحة العقوبات، شبكة من الشركات الواجهة التي يقع مقرها في الخليج من أجل تسهيل عمليات البيع والشحن غير المشروعة للنفط والمنتجات النفطية والبتروكيماوية الإيرانية إلى شرق آسيا.

وفي وقت سابق، بتاريخ 16 حزيران/يونيو تحديدا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 3 جهات منتجة للبتروكيماويات الإيرانية على خلفية التفافها على العقوبات الأميركية، إلى جانب شركات واجهة في الصين والإمارات.

وذكر المحلل السياسي المقيم في كرمان فارامرز إيراني للمشارق أن هؤلاء الوسطاء هم أفراد تابعون للنظام ويعرفون على أنهم "متربحون من العقوبات".

وفي تقرير صدر بتاريخ 22 حزيران/يونيو، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال على لسان دبلوماسيين ومسؤولين غربيين وإيرانيين قولهم إن إيران تهربت من العقوبات "عبر شبكة من الشركات الوكيلة وشركات الصرافة والوسطاء".

وأوضح خبير أسواق المال حسن زماني أن الكيانات الإيرانية الخاضعة للحكومة فتحت حسابات مصرفية خارج إيران وأنشأت شركات واجهة تبيع النفط الإيراني والمنتجات النفطية الإيرانية بأية عملة ممكنة.

وأكد زماني أن "إيران تمثل راهنا جنة لغسيل الأموال، خصوصا أنها ليست عضوا في فريق العمل المعني بالإجراءات المالية"، مشيرا بذلك إلى المنظمة العالمية لمكافحة تبييض الأموال.

وعبر الالتفاف على العقوبات واستخدام الأرباح لتسليح وكلائه في لبنان والعراق وسوريا واليمن، يقوم النظام بإفقار غالبية الشعب الإيراني.

هل أعجبك هذا المقال؟

0 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500