أكد محللون أن مؤسسات الدولة اليمنية التي تدمرت بفعل النزاع الدائر، لن تعود إلى العمل إلا إذا توصلت الأطراف المتحاربة إلى اتفقاق سلام بينها.
فمع دخول الحرب عامها السادس، يسيطر الحوثيون المدعومون من إيران (أنصار الله) على مؤسسات الدولة في صنعاء في وقت عملت فيه الحكومة المعترف بها دوليا على إنشاء إدارة في عدن بدعم من التحالف العربي.
وكان الحوثيون قد سيطروا على مقرات مؤسسات الدولة في صنعاء إثر تنفيذ انقلاب في أيلول/سبتمبر من العام 2014.
هذا الواقع دفع بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى التوجه إلى صنعاء، طالبا المساعدة من الخارج لإعادة إحياء الدولة. وتحقيقا لهذا الغرض، أطلق التحالف العربي بقيادة السعودية عملية العاصفة الحاسمة في آذار/مارس، 2015.
وقال محللون إنه مع استمرار الحرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين ما تزال الأجهزة الحكومية منقسمة وعديمة الفعالية، وما فاقم الوضع أكثر هو موقف المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.
وأضافوا للمشارق أن هذا الواقع لن يتغير ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام.
انقسام بين صنعاء وعدن
المحلل السياسي فيصل أحمد، قال للمشارق إن "بعض وزراء الحكومة الذين انتقلوا إلى عدن مارسوا أعمال الحكومة باسم الحكومة الشرعية".
وتابع أنه في غضون ذلك، واصل الحوثيون إدارة الوزارات والمؤسسات الحكومية في صنعاء كسلطة امر واقع.
وأضاف أنه بعد مرور خمس سنوات، ما تزال أجهزة الحكومة الشرعية في عدن غير مكتملة بسبب مواصلة الحوثيين السيطرة على بعض مؤسسات الدولة.
إلى هذا، قال إن الوزارات في عدن "هي وزارات بالاسم فقط وليس لديها مقرات فعلية"، وبعض مسؤولي الحكومة الشرعية موجودون خارج اليمن لأسباب أمنية ولوجستية.
وأكد أحمد أن انقسام مؤسسات الحكومة وأجهزتها "ضاعف معاناة المواطنين سواء في المحافظات المحررة أو في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين".
ولفت إلى أن مؤسسات الدولة، سواء في عدن أو في صنعاء، تواجه صعوبات عدة نتيجة التخبط الإداري التي جعلها عاجزة عن تلبية حاجات الشعب اليمني ومعالجة مشاكله.
ومن هذه المشاكل، وفقا له، نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن في أواخر عام 2016، ما أدى إلى توقف دفع رواتب موظفي الدولة في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون.
وكشف أن عددا محدودا من موظفي القطاع العام الذين انتقلوا مع أسرهم إلى عدن ما يزالون يتلقون رواتبهم.
انقسام أجهزة الدولة
من جانبه، قال الاقتصادي عبد العزيز ثابت للمشارق، إن انقسام أجهزة الدولة بين صنعاء وعدن أثر سلبا على الوضع العام في اليمن، وهو الذي يعاني أصلا من نسب قياسية في الفقر والبطالة.
وأشار إلى أن الأجهزة الحكومية التي يسيطر عليها الحوثيون "لا تملك أي شرعية"، وقد تحولت إلى "حكومة محلية تشبه إدارة بلدية" أخلت بواجباتها نحو مواطنيها.
وذكر أن الحكومة الشرعية حاولت استنساخ هذه المؤسسات في عدن، لكن محاولتها أحبطت من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي سيطر على مقراتها، ومنع الوزراء المناهضين له من العودة إلى عدن.
وتابع ثابت أن "استمرار الحرب ومواصلة عمل كل طرف ضمن الحكومة التي شكلها، يعد إهمالا لمصالح المواطنين وحقوقهم واستنزافا لموارد الدولة".
وأردف أنه من الضروري على جميع أطراف الصراع "التنازل من أجل السلام الذي سيعيد للمواطنين أمنهم وكرامتهم وحقوقهم وللبلاد لحمتها".
وفي حديثه للمشارق، قال وكيل وزارة حقوق الإنسان، نبيل عبد الحفيظ، إن الانقلاب الحوثي جر اليمن إلى حرب دمرت اقتصاده ومزقت نسيجه الاجتماعي.
وأضاف: "سنحتاج إلى بناء الدولة وإعادة بناء مؤسساتها بشكل عام"، داعيا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى عدم خلق المزيد من العقبات عبر تمرده.
وشدد على أن "السلام هو الحل ليتمكن الجميع من العودة إلى مخرجات الحوار الوطني من أجل بناء المؤسسات وإعادة السلم الاجتماعي والحياة إلى طبيعتها بشكل او بآخر".
وأكد أخيرا أهمية تنفيذ اتفاق تقاسم السلطة الذي وقع في الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأسرع وقت ممكن، وتسهيل عودة مؤسسات الدولة والمحافظات التي ما تزال تحت سيطرة الحوثيين.
ضخم
الرد1 تعليق