عدن -- مع تجنيد جماعة الحوثي المدعومة من إيران آلاف الأطفال اليمنيين لرفد صفوفها بعناصر جديدة، وثّقت منظمات حقوق الإنسان حالات اعتداء جنسي وأشكالا أخرى من الاعتداءات التي طالت هؤلاء المجندين الصغار.
وفي 11 شباط/فبراير، تناقلت وسائل الإعلام ومن بينها موقع المصدر أونلاين، وثيقة قديمة أقر فيها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي باعتداءات صادمة تطال الأطفال المجندين في صفوف جماعته.
وبحسب الوثيقة التي أرسلها مركز القيادة والسيطرة بتاريخ 6 آذار/مارس 2018 إلى مسؤول شؤون الأفراد بالجماعة، "أرسل عبدالملك الحوثي تعليمات بشأن وضع صغار السن في الجبهة".
ونقلت الوثيقة على لسان الحوثي قوله إنه تم إبلاغه عن "حالات اغتصاب لأطفال في الجبهة، وصل بعضها إلى مستوى الموت".
وأشار فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الأممي المعني باليمن في تقرير صدر في كانون الثاني/يناير، إلى أنه تم تسجيل حالة اغتصاب واحدة على الأقل بحق أحد الأطفال خلال التدريبات العسكرية التي نظمها الحوثيون.
وفي هذه الأثناء، أجرت اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان تحقيقاتها الخاصة في طريقة معاملة الأطفال المجندين من قبل الحوثيين.
وقالت إشراق المقطري الناطقة باسم اللجنة إن هذه الأخيرة استمعت لشهادات أطفال مجندين في صفوف الحوثيين وتعرضوا لاعتداءات جنسية.
وذكرت للمشارق أن "عددا من هؤلاء المجندين تعرضوا للاغتصاب عدة مرات ممن يعلوهم من المشرفين ولتحرشات جنسية مباشرة وإيحائية".
وتابعت "وهو ما أفاد به هؤلاء الأطفال أثناء الاستماع لهم وأنه لم يتم إنصافهم... عندما حاول البعض شكواهم".
استغلال الأطفال
وأكدت أن "استغلال الأطفال في الحرب للأسف أصبح يمثل أرقاما كبيرة جدا".
وأوضحت أنه تندرج تحت هذا العنوان العريض أشكال مختلفة من صور الانتهاكات، بدءا من إجبار الطلبة على المشاركة في "الجلسات التوعوية الدينية" التي تحض على الكراهية، ووصولا إلى معسكرات التدريب العسكري والمشاركة أخيرا في القتال.
وجاء في تقرير الأمم المتحدة أن الخبراء وجدوا أدلة على استخدام الحوثيين عدة معسكرات صيفية ومسجد لنشر فكرهم وتجنيد الأطفال من أجل محاربة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وذكر التقرير أنه "في أحد المعسكرات، كانت يتم تعليم أطفال يبلغون من العمر 7 سنوات كيفية تنظيف السلاح وتجنب الصواريخ".
وقال الخبراء إنه وثقوا 10 حالات أخذ فيها أطفال للقتال بعد أن قيل لهم إنه سيتم إشراكهم في دورات ثقافية أو كانوا فعلا يشاركون مثل هذه الدورات.
وتابع التقرير أنه تم تسجيل 9 حالات حيث قُدمت المساعدات الإنسانية أو رفضت لعائلات محددة "فقط على أساس ما إذا كان أطفالهم يشاركون في القتال أم لا"، كما قُدمت أو رفضت أيضا "لمعلمين على أساس ما إذا كانوا قد درسوا المنهج الحوثي".
ووجد التقرير أن نحو 2000 طفل تم تجنيدهم في صفوف الحوثيين قد قتلوا على جبهات القتال بين كانون الثاني/يناير 2020 وأيار/مايو 2021.
وقال المقطري إن إعداد التقارير حول هذا الوضع ليس كافيا، مطالبة بإدانة الجناة واتخاذ إجراءات بحق قادتهم.
وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي إن آخر تقرير للأمم المتحدة تحدث عن طفل عمره 7 سنوات وتعرض لاعتداء جنسي.
وأكد "نحن أمام تحد حقيقي حيث يجب أن توثق هذه الجرائم وترفع للجهات القضائية ومن ثم تقديم المحرضين وكل من له صلة من قيادات الحوثي بها للمحاكمات".
جريمة بحق الطفولة
وبدوره، قال نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان إن الاعتداءات الجنسية بحق الأطفال المجندين في صفوف الحوثي "تكشف مدى إجرام هذه الجماعة وإجرام النظام الإيراني الراعي لها".
وأشار إلى المخاطر المحيطة بالطفولة في مناطق سيطرة الحوثي.
وأضاف "أكدت التقارير على الانتهاكات التي تحدث من قبل الميليشيات الحوثية بشكل دائم بحق الأطفال".
وتابع أنه إلى جانب تعريضهم لخطر الموت عبر تجنيدهم وإرسالهم إلى جبهات القتال، يتعرض الأطفال لانتهاكات أخرى منها الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والتحرش.
ومن جهته، قال المحامي عبدالرحمن برمان إن مواجهة هذه الانتهاكات بحق الأطفال تتحملها الأسرة بالمقام الأول وغياب الدولة.
وأضاف أن غياب مؤسسات حماية الأطفال "يجعل العبء الأكبر على عاتق الأسرة في حمايتهم وتوعيتهم"، ذاكرا أن على الحكومة معالجة الوضع.
ولفت أيضا إلى الدور الذي يلعبه الإعلام في نشر المعلومات بشأن مثل هذه الجرائم من أجل زيادة الوعي، "حيث سيكون نشرها بمثابة توعية لأولياء الأمور وتحذير للأطفال".
وفي حزيران/يونيو الماضي، أضافت الولايات المتحدة جماعة الحوثي إلى لائحتها الخاصة بمنتهكي حقوق الأطفال للعام 2021. وكانت الجماعة قد أدرجت على هذه اللائحة للمرة الأولى عام 2007.