تسعى برامج تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين من الحرب في اليمن والتي يموّلها مركز الملك سلمان للإغاثة لدمج الأطفال في المجتمع من جديد.
وتعمل مؤسسة وثاق للتوجيه المدني في اليمن على تنفيذ البرامج بإشراف المركز.
وتهدف المبادرة لتأهيل الأطفال المجندين والأطفال المتأثرين بحرب اليمن كما تأهيل أولياء أمرهم وأفراد أسرهم.
وشملت البرامج خلال المرحلتين الأولى والثانية والتي استمرت لمدة أربعة أشهر حتى 23 كانون الأول/ديسمبر، 80 فتى في محافظات مأرب والجوف وتعز وعمران.
وتستمر المبادرة في العام 2018 وتسعى لتوسيع الخدمات لتشمل أطفال، لا سيما الفتيات، وعائلات في محافظة صنعاء، بحسب ما أوضحت مؤسسة وثاق.
ومن المتوقع أن يستفيد من المبادرة نحو 2000 فتاة متأثرات بحرب اليمن.
وعمل المعنيون خلال المرحلتين الأوليين على تأهيل الأطفال المجندين بعيدا عن أي خلفية أو انتماء سياسي كانوا يتبعونه، وحمايتهم من التأثيرات السلبية اللاحقة لتجربتهم.
وإلى جانب دمج الأطفال في المجتمع، يتضمن المشروع مكونا تحليليا للخروج بتوصيات حول كيفية إحباط تجنيد الأطفال بشكل فاعل.
و أكد حقوقيون يمنيون تحدثوا لموقع المشارق على أهمية برامج تأهيل الأطفال المجندين، مطالبين بتوسيعها لتشمل أكبر شريحة ممكنة من الأطفال المجندين.
الأطفال المجندون في حرب اليمن
ويعد اليمن من الدول الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تمنع انخراط الأطفال دون 18 عاما من المشاركة في الحروب.
إلا أن الكثير من الأطفال يشاركون في الحرب المستمرة في البلاد، وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة نسبة الأطفال المجندين في صفوف الحوثيين (انصار الله) ومنظمات مسلحة أخرى بثلث المقاتلين في اليمن.
ومن العوامل التي ساهمت في تجنيد الأطفال في الحرب الفقر المستشري في البلاد، وفق ما ذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الصادر في حزيران/يونيو 2016.
ومن الأعمال التي توكل إلى الأطفال المجندين القتال ونقل الذخيرة على جبهات القتال وسحب الجثث في المعارك، كما شرح سبعة فتيان تطوعوا للقتال مع الحوثيين للمنظمة في آذار/مارس 2014.
هذا وشملت مهامهم العمل كجنود بلباس عسكري أو حراسة نقاط التفتيش.
وكان وزير حقوق الانسان اليمني محمد عسكر قد أعلن أن الحوثيين جندوا أكثر من عشرة ألف طفل.
وأضاف أن العديد غير هؤلاء من الأطفال تأثروا بشكل أو بآخر بالحرب، معتبرا أن مؤسسة وثاق تسعى للوصول إلى أكبر عدد منهم عام 2018.
معاناة جسدية ونفسية
وقال عبد الرحمن القباطي مدير المشروع في مؤسسة وثاق للتوجه المدني إن "مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب جاء متناسقا مع متطلبات المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن".
ولفت في حديث للمشارق إلى أن "الأطفال باتوا أهدافا للصراع سواء من خلال تجنيدهم والزج بهم للجبهات أو [أصبحوا] ضحايا للحرب كمصابين جسديا أو نفسيا".
وأضاف القباطي أن "هدف المشروع هو الحفاظ على الأطفال من خلال توجيههم للمدارس ودمجهم في المجتمع وإبعادهم عن أجواء العنف".
وبحسب توجيهات مشروع المؤسسة، فإن الهدف من البرامج تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب نفسيا وتوعويا بما يسمح بإعادة دمجهم في المجتمع.
وتشمل عملية دمجهم تسجلهم بالمدارس حيث اجبر الكثيرون منهم على ترك مقاعد الدراسة، بحسب ما أشارت المؤسسة.
نحو التأهيل الاجتماعي
وأما طريق التأهيل فيشمل عدة جلسات للعلاج النفسي والدورات والنشاطات التوعوية للأطفال وذويهم.
وتركز على مساعدة الأطفال في اعادة اكتشاف مواهبهم الدفينة من خلال تدريبات مكثفة على تطوير المهارات ونشر الوعي بين الأهالي حول تكتيكات التجنيد وضرورة حماية حقوق الأطفال.
وسيتم توفير حصص غذائية كوسيلة لدعم العائلات حتى لا يرضخ الأهل للضغوطات ويرسلوا أطفالهم للحرب بهدف جني المال.
أما بالنسبة للأطفال، فتشمل النشاطات الاختلاط مع أطفال آخرين من خلال نشاطات رياضية ورحلات ميدانية والمشاركة في دروس حول ما فاتهم مع أساتذة مختصين ليتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة بطريقة أقل صعوبة.
آلاف أطفال بحاجة للمساعدة
من جانبه، قال الناشط الحقوقي موسى النمراني للمشارق إن مشروع التأهيل "يعد نشاطا وجهدا مهما لكنه بحاجة إلى تمويل كبير حيث يمكن تنفيذه للمزيد من المجموعات من الأطفال المحتاجين لإعادة التأهيل".
واضاف النمراني أن عدد الأطفال المحتاجين لهذا النوع من التدخل يُقدر بالآلاف، "بينما الاحتياج في الميدان كبير".
وشدد على أنه "لا بد من تعزيز قدرات البرنامج المادية لتغطية الاحتياج المتزايد، حيث يُقدر الأطفال المجندون بالآلاف بينما المتأثرون بالحرب بعشرات الآلاف".
المحامي والناشط الحقوقي عبد الرحمن برمان اعتبر للمشارق أنه وفي حين تعد جهود تأهيل الأطفال المجندين من قبل الحوثيين والذي استسلموا للقوات اليمنية جهدا مهما، ما زال هناك الكثير يجب فعله لهؤلاء الأطفال.
وقال إن "هذه الدورات التأهيلية للأطفال المجندين كان اجتهادا من بعض المناطق العسكرية في عدن ومأرب، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب لعدم وجود الخبرات الدولية في هذا المجال".