القاهرة - مع تشتت تركيز روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، يتخذ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خطوات لتوسيع نطاق وجوده والهيمنة في سوريا.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه روسيا وإيران ظاهريا حليفتين مع تدخلهما في الأزمة السورية دعما لنظام بشار الأسد، ازدادت حدة الاحتكاك بينهما نتيجة تنافسهما على الموارد والسيطرة.
وفي حين تعتبر روسيا على نطاق واسع مهيمنة في البلاد، يبدو أن إيران تقتنص اليوم فرصتها لتغيير هذا الواقع مع إفادة ناشطين بأن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يحاول تعزيز موطئ قدمه في العديد من المناطق.
وساهم انتقال السيطرة المتواصل بين إيران وروسيا ووكلائهما المتعددين في خلق مناخ من عدم الاستقرار في سوريا، حيث تسود الفوضى والاضطراب.
وأشاروا إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها فيلق القدس تشير إلى أنه يركز اهتمامه على مدينة حلب ومحيط مطار النيرب بمحافظة حلب، قائلين إن توسع الوجود الإيراني ترافق مع حملة تجنيد للميليشيات.
وفي 5 نيسان/ أبريل، أفادت صحيفة الشرق الأوسط أن الحرس الثوري وحزب الله اللبناني والفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري والتي يقودها ماهر شقيق الأسد، عززت وجودها في مستودع مهين العسكري بمحافظة حمص الشرقية.
وأوضحت أن مجمع المستودعات هذا يعد من أكبر مستودعات الأسلحة والذخيرة في سوريا، مشيرة إلى أن تحرك هذه الفصائل جاء مع انسحاب القوات الروسية باتجاه مطار تدمر العسكري.
وتستخدم القوات الروسية وقوات الحرس الثوري الإيراني هذه المستودعات لتخزين الأسلحة والذخيرة لدعم العمليات العسكرية في صحراء حمص.
وفي هذا الإطار، أشار محلل الشؤون الإيرانية شيار تركو، إلى أن الحرس الثوري كثف مؤخرا جهود التجنيد في سوريا، سعيا منه لتعزيز صفوف الميليشيات التي يسيطر عليها.
وكشف للمشارق أن من بين هذه الميليشيات لواء الباقر ولواء القدس وميليشيات أخرى يقودها لواء فاطميون وحزب الله اللبناني وحركة النجباء.
وأوضح أن المجنِدين في مدن حلب وتدمر ودير الزور والبوكمال والرقة والصحراء الشرقية (البادية) يعمدون إلى إغراء المجَندين المحتملين بالمال والوعد بتأمين الحماية لهم.
ولفت تركو إلى أن بعض هذه المناطق "تعتبر مناطق ارتكاز للحرس الثوري كنبل والزهراء [في محافظة حلب] والتي يقطنها أبناء الطائفة الشيعية المسيطر عليهم بشكل تام من قبل حزب الله اللبناني".
إيران تسعى للهيمنة
ومن جهته، قال المحامي السوري بشير البسام إن إيران تحاول استغلال الانشغال الروسي بغزوها لأوكرانيا لنشر المزيد من قواتها في سوريا.
وأوضح أن "منطقة مطار النيرب تقع تحت اتفاق روسي-إيراني سابق يقضي بخروج القوات الإيرانية منه".
ولكنه أشار إلى أن الإيرانيين يعززون اليوم وجودهم العسكري داخل المطار الذي أصبح تحت سيطرتهم بالكامل، ويستخدمون المخازن والمستودعات الموجودة فيه لتخزين الأسلحة والذخائر والصواريخ والطائرات المسيرة.
إلى هذا، أكد البسام أن الحرس الثوري يعزز قواته أيضا في مطارات أخرى بينها مطار كويرس في شرق حلب والذي يتقاسم الإيرانيون والروس السيطرة عليه.
وقال إنه "نشر أيضا المزيد من القوات في مطار حلب الدولي والقواعد العسكرية في بلدة تل حاصل شرق حلب".
وذكر البسام أن القوات الإيرانية تبني في هذه المطارات والقواعد أنفاقا ومستودعات جديدة تحت الأرض، بالإضافة إلى إصلاح عدد من المدرجات التي دمرت سابقا.
من جانبه، أكد الناشط الإعلامي فيصل الأحمد وهو من حلب، أن "بعض السكان المجاورين لمطار النيرب قالوا إن ضباط النظام ومعهم ضباط إيرانيين من الحرس الثوري أبلغوهم بالاستعداد لمغادرة منازلهم ومتاجرهم وأراضيهم ʼلأسباب أمنيةʻ".
وتابع أن "هذه الأسباب تتعلق بأمن المطار والقوات العسكرية الموجودة فيه".
وإجبار السكان على ترك منازلهم وسبل عيشهم سيتركهم معدمين وبدون أي سبل لتأمين الطعام أو المأوى لأنفسهم ولأسرهم.
وسينضمون بذلك إلى أكثر من 6.2 مليون نازح سوري منتشرين في المخيمات بمختلف أنحاء البلاد، علما أن بعضهم نزح مرات عدة والعديد منهم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
وأردف الأحمد أن السكان يحاولون تأجيل الأمر لما بعد شهر رمضان ليتمكنوا من ترتيب أمورهم ومعرفة الأماكن التي سينتقلون إليها.
وأشار إلى أنه غالبا ما ينقل رجال الميليشيات إلى أطراف محافظتي حلب ودير الزور ومنطقة الرقة ليقيموا في منازل لعائلات معارضة تمت مصادرتها، وأجبر سكانها من قبل قوات النظام والميليشيات المتحالفة مع إيران للانتقال إلى أماكن أخرى.