أمن

مقاتلون يهربون من صفوف الميليشيات الإيرانية بسوريا وينضمون للروس

وليد أبو الخير من القاهرة

الشركة العسكرية الروسية الخاصة فيغا تدرب مقاتلي لواء القدس بسوريا، في صورة نشرت في كانون الثاني/يناير 2019. [فكونتاكتي/أوليغ بلوكين]

الشركة العسكرية الروسية الخاصة فيغا تدرب مقاتلي لواء القدس بسوريا، في صورة نشرت في كانون الثاني/يناير 2019. [فكونتاكتي/أوليغ بلوكين]

شهدت الميليشيات الناشطة شرقي سوريا تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني تراجعا في عدد مقاتليها، في ظل تعرض قواعدها للهجوم ورفض السكان المحليين للهيمنة الإيرانية.

وقال ناشطون إنه مع هروب المقاتلين من الميليشيات المدعومة من إيران بأعداد متزايدة، ينتظر المجندون الروس فرصة استقطابهم وإلحاقهم بصفوفهم، الأمر الذي ينبئ بمرحلة جديدة في الصراع السوري.

وذكر الناشط الإعلامي والاجتماعي محمد فاروق، وهو من دير الزور، للمشارق أن تقارير صحافية صدرت مؤخرا أشارت إلى أن العشرات من أبناء دير الزور الذين كانوا قد انضموا للميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني قد تركوا مواقعهم.

وقال إن هذه التقارير "صحيحة كليا"، لافتا إلى أن العديد من عناصر هذه الميليشيات اختاروا تغيير تحالفاتهم والالتحاق بصفوف الميليشيات الروسية.

عناصر من الفيلق الخامس المدعوم من روسيا يظهرون بمحافظة دير الزور شرقي سوريا في صورة غير مؤرخة نشرت على صفحة الميليشيا على فيسبوك.

عناصر من الفيلق الخامس المدعوم من روسيا يظهرون بمحافظة دير الزور شرقي سوريا في صورة غير مؤرخة نشرت على صفحة الميليشيا على فيسبوك.

وأضاف أن أعداد الهاربين هي في الواقع أعلى مما يتم الإعلان عنه، إذ يترك عناصر الميليشيات الجماعات التابعة للحرس الثوري بوتيرة منتظمة منذ أشهر، علما أن العدد يتزايد بصورة تدريجية.

وأشار إلى أن ميليشيا الفوج 47 التابعة للحرس الثوري تأثرت بهذه الظاهرة بشكل خاص، إذ قدر عدد المنشقين بـ "أكثر من مائة عنصر على الأقل".

وأضاف أن هذا الأمر قد انكشف "بقيام دوريات تابعة للميليشيات الإيرانية بتكثيف عمليات البحث عن الهاربين في جميع مناطق تواجدها بمحافظة دير الزور"، ذاكرا أنها اعتقلت عددا من الهاربين.

وقد اعتقل بعض المدنيين "بتهمة التحريض على الهروب".

الميليشيات التابعة لإيران في حالة توتر

ولفت فاروق إلى أن "حالة الرعب تسيطر على كافة مقرات ميليشيات الحرس الثوري ويتم إخلاء العديد منها"، مشيرا إلى أنه تم رفع العلم السوري الرسمي في بعض المقرات عوضا عن رايات الميليشيات كتغطية.

وأضاف أن مجموعات من عناصر الميليشيات اختبأت بين السكان المدنيين، في محاولة للهروب من الغارات الجوية المتواصلة التي تستهدف قواعدها.

وتابع أن شبان دير الزور "غير مستعدين للتضحية بحياتهم لحماية مقرات الميليشيات بعد تصاعد الغارات الجوية ضدها".

يُذكر أن الغارات الجوية الإسرائيلية على شرقي سوريا أسفرت في 13 كانون الثاني/يناير عن مقتل ما لا يقل عن 57 عنصرا من قوات النظام والمقاتلين المدعومين من الحرس الثوري، حسبما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

حيث قال المرصد إن الغارات التي نفذت ليلا استهدفت مستودعات أسلحة ومراكز عسكرية وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 14 جنديا من النظام السوري و16 من مقاتلي الميليشيات العراقية و11 عنصرًا أفغانيًا من لواء فاطميون الموالي لإيران.

ولفت فاروق إلى التوترات الأمنية التي تسيطر على مناطق مختلفة من الصحراء الشرقية (البادية)، حيث تندلع اشتباكات وتتكبد الميليشيات فيها خسائر كبيرة.

وأوضح أنه رغم انضمام الهاربين إلى الميليشيات الروسية، ولا سيما الفيلق الخامس، فإن ذلك "لا يعود إلى كونهم موالين لروسيا أو يوافقون على تواجدها، بل يعود إلى حصولهم على الحماية من ميليشيات الحرس الثوري والنظام معا".

وقال إن العديد منهم يريد المال ببساطة.

وتابع أن القوات الروسية رحبت بهذه الفرصة لاستغلال تحول الأحداث هذا، ولجأت إلى "حيلة جدية في دير الزور لتجنيد الشبان في صفوفها".

وأضاف أنها عملت على "افتتاح مكاتب مصالحات بين النظام وأبناء عشائر دير الزور، تحت رعاية مباشرة من كبار الضباط الروس".

وشرح أنه بهذه الحيلة، "يتم منح العائدين إلى المنطقة أوراق العفو من الملاحقات الأمنية، ليتم بعدها الضغط على الشبان للانضمام إلى الميليشيات التابعة لروسيا".

نشر فكر ولاية الفقيه

وفي هذا السياق، قال معتز العكيدي، وهو من أهالي محافظة دير الزور، إن "الميليشيات التابعة للحرس الثوري أجبرت خلال الفترة الماضية الكثير من أبناء منطقة دير الزور على الانضمام لصفوفها".

وأوضح أن ذلك تم عبر "التهديد العسكري ومن خلال الإغراء المادي بسبب ندرة فرص العمل".

ولكنه أشار إلى أن الأمور بدأت بالتبدل بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الميليشيات في ظل الأعداد الكبيرة للغارات الجوية وانكشاف "المخطط الإيراني" الخاصة بشرقي سوريا أمام الأهالي المحليين.

وقال إن الأجندة الإيرانية "قائمة عل إحداث فتن طائفية وتبدلات ديموغرافية ونشر أفكار الحرس الثوري وولاية الفقيه التي تدعو إلى الولاء للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي".

إضافة إلى ذلك، تعد الخدمات الأساسية شبه غائبة في مناطق سيطرة الحرس الثوري، كما أن البنية التحتية غير متوفرة ولم يتم بعد إزالة أنقاض المباني التي دمرت في الحرب مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وأكد العكيدي أن كل هذه العوامل أنتجت حالة من الرفض المجتمعي للميليشيات التابعة للحرس الثوري، "وقد بدأت بوادره تظهر علنا من خلال رفض التجنيد بصفوفها ومغادرة العديد من الشبان ميليشيات الحرس".

وقال إنه وسط ردة الفعل العنيفة ضد إيران، اختار بعض الشبان الالتحاق بالميليشيات الروسية "لتأمين الحماية".

شركات عسكرية روسية خاصة

ومن جهته، كشف الناشط الإعلامي جميل العبد، وهو من دير الزور، أن القوات الروسية في دير الزور لم تتوقف عن الترويج لميليشيا الفيلق الخامس الذي أنشأته وتشرف عليه.

وأوضح أنها "لجأت إلى حيلة استقطاب الشباب في مختلف مناطق انتشارها بمحافظة دير الزور، حيث تم الإعلان عن إنشاء شركة أمنية خاصة" تقدم ظاهريا خدمات الحماية الأمنية.

يُذكر أن هذه الشركة الأمنية الجديدة، وهي واحدة من بين عدة شركات أمنية روسية خاصة في سوريا، وإحداها مجموعة فاغنر المعروفة، توظف شبانا في دير الزور برواتب تبدأ بـ 175 ألف ليرة سورية (340 دولار).

وأشار العبد إلى أن هذه الشركة "لا تشترط حصول المتقدم للعمل على ورقة إنهاء خدمتي الاحتياط والتجنيد الإلزامي"، بل تطلب فقط الأوراق الثبوتية العادية ومستندات أخرى كالأوراق الصحية.

وذكر أنه عبر الالتحاق بالمنظومة الأمنية الروسية، يحصل الشبان على "الحماية من ملاحقة النظام السوري بخصوص التجنيد العسكري".

وأكد العبد أن "الشركة تابعة لمجموعة القاطرجي الدولية المقربة من روسيا. وهذه الشركة الأمنية الجديدة ليست إلا واجهة مدنية لميليشيا جديدة تابعة لروسيا".

وأوضح أن الشركة تغري الشبان العاطلين عن العمل ومن لا يريدون الانضمام إلى الميليشيات الإيرانية والروسية، "علما أن مهامها لا تختلف عن عمل الميليشيات".

وقال إن أنشطة الشركة لا تقتصر على دير الزور، إذ تغطي محافظات دمشق وحمص وطرطوس وحلب حيث تنتشر القوات الروسية والميليشيات التابعة لها.

هل أعجبك هذا المقال؟

1 تعليق

سياسة المشارق بشأن التعليقات * معلومات ضرورية 1500 / 1500

إذا كنتم تقصدون بـ "حكومتنا"، الحكومة المستبدة الظالمة للجمهورية الإسلامية، فعندئذ الإجابة هي لا. إن حكومتنا، وهي حكومة لم ولن نلعب في انتخابها دورا، هي نفسها مروجة للتطرف الشيعي. تتمثل هذه القوانين بالبتر والإعدام والقصاص والرجم، إلخ. والجمهورية الإسلامية نفسها هي مروجة للتطرف الشيعي في المنطقة.

الرد